شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:
لا تزال قضايا السدود من أكثر الأزمات الإقليمية توتراً وتصاعداً ومن أهمها قضية سد النهضة الإثيوبى حيث تواجه المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا تعثراً واضحاً بسبب تعنت الجانب الإثيوبى وإصراره على الإستمرار في ملء المرحلة الثانية للسد دون التوصل لاتفاق، وهو ما يمثل تهديداً للأمن المائي المصري والسوداني.
وتزامناً مع ذلك ولا ينفصل عنه؛ تزايد وتصاعد حدة التوترات العسكرية الحدودية بين السودان وإثيوبيا فى منطقة الفشقة والتلميحات الإثيوبية بوجود تحريص خارجى على الاضطرابات في منطقة تيجراي، بالإضافة إلى توظيف قضايا المياة لتحجيم عدم الاستقرار بالداخل الإثيوبي، والنيل من شعبية القيادات السياسية.
وإزاء كل ذلك وفى ظل تضارب المصالح الذى يفرضه سد النهضة الإثيوبى وإنقسام كل من إثيوبيا ومصر والسودان إلى معسكرين أحدهما يدافع عن المشروع بإعتباره من الحقوق الأساسية لأثيوبيا , هذا فضلاً عن إعتباره مشروعاً إقليمياً تستفيد منه أديس أبابا ودول الجوار وإمداد الدول الإفريقية بالطاقة الكهربائية , كما يتم الترويج على أنه مشروعاً تنموياً سيساهم فى حل خلافات الداخل الإثيوبى والقضاء على الفقر.
– أما الجانب المصرى والسودانى فيعتبر قضية سد النهضة بالأساس نزاع مائي وأن إتفاقية 1959م بين مصر والسودان هي الإطار القانوني الحاكم الذي يجب أن يتم الإستناد إلية في تخصيص حصص مياة النيل، إلا أن أثيوبيا ودول المنبع ترفض هذه الاتفاقية عام 1959م لأنها خصصت جميع مياة نهر النيل لمصر والسودان تاركة نحو 10 مليار متر مكعب فقط لدول المنبع يتم فقدانها بين التسريب والتبخر ولا يتبقي إلا القليل للاستفادة منه.
وإزاء هذا التصعيد الإثيوبي تحاول تدول الدبلوماسية المصرية استخدام أوراق الضغط السياسية والدبلوماسية لتعزيز عدالة قضاياها ونزاهة مواقفها بما في ذلك الذهاب لمجلس الأمن لتكتسب قضية سد النهضة الطابع الدولي وهو ما حدث بالفعل في يوم 8 يوليو 2021م وإن لم تؤت ثمارها سيتم اللجوء إلي التحكيم الدولي، وكذلك اللجوء إلي الإجراءات الدولية والإقليمية، من خلال الاستعانة بالمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة لدول العربية والاتحاد الإفريقي.
وقد أحال مجلس الأمن القضية إلى الاتحاد الإفريقي لحلها، ودعا الجانب الأثيوبي إلي تأجيل ملء المرحلة الثانية من السد ووقوف اعتدائها علي الحقوق المائية لمصر والسودان، مع زيادة الضغوط علي أثيوبيا من جانب الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة في ذلك، وإن كان ذلك له أهداف أخري هو إثناء أثيوبيا عن استمرار علاقاتها التجارية والاقتصادية والإستثمارية مع الصين، حيث أصبحت الأخيرة أكبر شريك تجاري وأكبر مستثمر أجنبي لأثيوبيا حيث قدم البنك الصناعي والتجاري الصيني 85% من تكاليف مشروع سد النهضة إلي جانب بنك الصين للتصدير والاستيراد.
وإزاء كل ذلك، فعلي الأطراف الدولية والإقليمية القيام بمسئولياتها تجاه تلك القضية سواء من خلال سياسة العقوبات أو الحوافز، مع تفعيل دور الوساطة للإتحاد الإفريقي بالتعاون مع الوسطاء الإقليمين والدوليين، مع تعزيز التعاون والاتفاق بين دول الحوض والأهم من ذلك بناء جسور الثقة بين شعوب النيل، مع إعداد مخطط تعاوني لخطط الطواريء في حوض النيل الأمر الذي قد يؤتي ثماره علي الأمر البعيد.
زر الذهاب إلى الأعلى