ملفات

مستقبل إيران.. على ضوء انضمامها لمنظمة شنغهاي للتعاون

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

 لقد شهدت السياسة الإيرانية تحديات كبيرة فى الآونة الأخيرة ومن أهمها تصفية قاسم سليماني في مطلع يناير 2020م والذى كان يعتبر مهندس السياسة الخارجية الإيرانية، فضلاً عن تفشي جائحة كورونا داخل البلاد والتى تركت تداعيات واسعة على الإقتصاد الإيرانى المثقل بالفعل من جراء العقوبات الأمريكية والتى شملت قطاعات حيوية للإقتصاد الإيرانى وتحديداً صادرات النفط والشحن البحرى بالإضافة إلى الخدمات المالية وما أدى إلى فقدان العملة الإيرانية لحوالي 70% من قيمتها كما توقعت الأمم المتحدة انكماش الإقتصاد الإيرانى بحوالى 5.59% خلال عام 2020م / 2021م مع تراجع الدور الإقليمي الإيراني في العراق وسوريا ولبنان.

وإزاء ذلك حاولت إيران التخفيف من علواء هذه التهديدات والتحديات وذلك بالإنضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون فى 17 سبتمبر 2021م والتى تضم بين جنباتها ثمانية دول متمثلة فى روسيا والصين والهند وباكستان وأربع دول من آسيا الوسطى وهى طاجيكستان وقرغيرستان وأوزبكستان كازاخستان؛ ما يعود بالإيجاب على إيران إقيلمياً ودولياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً.

 يذكر أن إيران كانت عضواً مراقباً فى منظمة شنغهاى للتعاون منذ عام 2005م وفشلت أخر محاولة لإنضمامها إليها فى عام 2020م لاعتراض طاجيكستان على ذلك، ولكن نظراً للمجهودات الصينية والترحيب الروس والهندى والباكستانى بانضمام إيران للمنظمة.

   تم ذلك بالفعل يوم الجمعة الموافق 17 سبتمبر 2021م فى قمة شنغهاي المنعقدة فى العاصمة الطاجيكية دوشبنه، وبما يمثل نجاحاً سياساً وإستراتيجياً ودبلوماسياً وإقتصادياً لإيران حيث أن الأخيرة من خلال ذلك حصلت على صك الشرعية للاعتراف الدولي بحكومة إيران الجديدة، برئاسة إبراهيم رئيسي والذى تتطلع نحو الشرق لتخفيف ضغوط الغرب.

يأتي ذلك  مع التأكيد على أن العلاقات مع دول الجوار والدول الآسيوية ستكون سنداً لإيران وركناً أساسياً فى سياستها الخارجية ولتكون بذلك رسالة قوية للعالم بأن عالم أحادي القطب قد قارب على الإنتهاء وان هناك إعادة لتوزيع القوى خاصة بعد تيقن الجميع بأن العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران وحلفائها ما هى إلا رسالة بأن العقوبات لا تستهدف إيران فقط ولكن تستهدف الدول الأعضاء فى منظمة شنغهاى التى ترتبط بمصالح حيوية وإستراتيجية بإيران وعلى كافة الأصعدة.

– إضافة إلى أن هناك مكاسب إقتصادية كبيرة ستجنيها إيران من جراء إنضمامها لمنظمة شنغهاى للتعاون متمثلة فى أن تلك المنظمة تمثل سكانها 50% من سكان العالم وتشكل 20% من الناتج المحلى العالمى ولا سيما أن حجم التبادل الإقتصادى بين إيران ودول المنظمة بلغ نحو 28 مليار دولار خلال الفترة من مارس 2020 م وحتى مارس 2021م وإختصت الصين فقط من ذلك التبادل 9 , 18 مليار دولا ليؤكد ذلك على قوة ومتانة العلاقات الإيرانية – الصينية.

رؤية مستقبلية

ورغم كل ذلك تبقى فرص التصعيد المباشر مع الولايات المتحدة أو تهديد إيران للدول العربية والخليجية فى المستقبل القريب أمراً مستبعداً بسبب الوجود العسكرى الأوربى الأمريكى فى المنطقة بالإضافة  إلى تدهور الأوضاع الإقتصادية الإيرانية وتعويلها على عودة التفاوض مع إدارة بايدن فى سياق برنامجها النووى أو تخفيف العقوبات الإقتصادية عليها كحد أدنى.

 ولكن على الجانب الآخر تبقى فرص إتفاق واشنطن وطهران للعودة إلى الإتفاق النووى أمراً قائماً لكن مع وجود عديد من التحديات أهمها وجود قناعة أوروبية – أمريكية بأن هناك صعوبة فى العودة إلى الإتفاق النووى على وضعه الحالى وضرورة إضافة مزيد من القيود على البرنامج الصاروخى النووى لضمان فرص قيود جدية على قدرة إيران على إنتاج الأسلحة النووية , مع معارضة خلفاء أمريكا الإقليميين خاصة إسرائيل لأى إتفاق مع إيران لا يضمن تحجيماً لقدراتها النووية والصاروخية , بالإضافة إلى تجحيم دورها فى سوريا والعراق ولبنان.

فى المقابل تسعى إيران إلى إستغلال رغبة بايدن فى العودة للإتفاق مع إيران والتأكيد على رفضها تقديم أية تنازلات فى الملفات الخلافية وبخاصة فيما يتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية والحصول على ضمانات سياسية من واشنطن بعدم الانسحاب من الاتفاق النووى مجدداً.

  وفى هذا الإطار تجدد الإشارة إلي موافقة البرلمان الإيراني علي قانوناً في 1 ديسمبر 2020م وتنفيذه في فبراير 2021م تقضي بتقييد عمليات التفتيش التي تقوم بها الأمم المتحدة للمواقع النووية الإيرانية بموجب بروتوكول الإضافي بسبب عدم رفع العقوبات الأمريكية فضلاً عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وذلك في استمرار لمساعي طهران لفرض ضغوط علي أمريكا توازي العقوبات الإقتصادية الأمريكية علي الاقتصاد الإيراني.

   ولعل هذا ما أكده الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية الـ76 بنيويورك من أو هناك عدوانية من جانب الولايات المحدة في التعامل مع الملف النووي الإيراني وأنها سوف تستأنف المفاوضات في فينا مع ضرورة التوصل إلي إجماع نهائي حول طريقة المفاوضات وبرنامجها النووي والإلتزام بالإتفاق النووي الذي إنسحب منه ترامب في عام 2018 م وأعاد فرص عقوبات صارمة علي إيران, مع الإستنكار للضغوط الأوروبية (الترويكا) للتعجيل بإستئناف المفاوضات مع إيران وفقاً لمنتدي فينا ومجموعة العمل المشتركة المتمثلة في الدخل الخمسة الدائمة العضوية بالإضافة إلي ألمانيا ” مجموعة 5+1 ومن هنا فإن حسن النوايا الإيرانية والتنازلات الأمريكية والتأييد الأوروبي الأسيوي سيحدد مستقبل الملف النووي الإيراني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى