ملفاتمميز

اليوم العالمي للتسامح.. دعوة للتعايش بين الشعوب ونبذ التعصب !! (علي الحاروني- مصر)

 في الوقت الذي احتفل فيه العالم بكافة أديانه  باليوم العالمى للتسامح (والذي يوافق اليوم  16 نوفمبر من كل عام)، يدعونا ذلك إلى إحياء مبادئ التعايش بين الأديان والتسامح الديني والابتعاد عن التعصب الديني واحترام الأديان الأخرى وعدم الإساءة للآخرين، والتعايش بقناعة إيماناً من التعددية الدينية لأنها سنة كونية وإرادة ربانية.

  ومع الإعتراف بأن التسامح سمة كل الأديان فإن ذلك لا يعني التعدي على الحقوق الإنسانية، أو إجبار الأخرين على التنازل عن مبادئهم.. إضافة إلى ذلك فإن التعايش بين الأديان يعني الإيمان بالأنبياء والرسل؛ لأنه لا تفاضل بينهم من حيث الرسائل السماوية.. فما هو يوم التسامح العالمي؟ وفوائد التسامح بين الأديان؟ ومخاطر عدم التعايش بين الأديان؟ وما هي دلائل التسامح في الإسلام وفوائده ؟ وكيفية نشر قيم التسامح في العالم بمناسبة اليوم العالمي للتسامح ؟ (رؤية مستقبلية)، وذلك كله عبر أربعة محاور رئيسة.

أولاً- ماهية يوم التسامح العالمي:

لقد أعلنت الأمم المتحدة عن يوم التسامح العالمى لأول مرة عام 1996 بعد عام واحد من إعلانها عام 1995م عن ” سنة الأمم المتحدة للتسامح ” وحددت يوم السادس عشر من نوفمبر من كل عام يوماً دولياً للتسامح وذلك بهدف توعية وتثقيف العالم بأهمية التسامح كواحدة من اسمى القيم التى تضمن استمرار التعايش بين البشر على اختلاف انتماءاتهم العرقية والدينية والثقافية.

وعرفت اليونيسكو التسامح بأنه ( التسليم بالحقوق العالمية للإنسان وبالحريات الأساسية للغير وهو الضامن الوحيد لبقاء المجتمعات المختلطة والمتنوعة فى كل مناطق العالم).

ثانياً- فوائد التسامح بين الأديان:  

لقد دعا عديد من كبار علماء الدين والخبراء والأكاديميين إلى ضرورة إحياء منظومة الأخلاق فى مجتمعاتنا لتحقيق الإستقرار العالمى مؤكدين أن التسامح ليس معناه التجاوز عن الأخطاء والجرائم للآخرين بل إن تطبيق العقوبات عليهم ضرورة حتى يكونوا عبرة لغيرهم, مع العمل على ترجمة التسامح إلى واقع فى حياتنا ومعاملاتنا وقضايانا لما له من فوائد متعددة ومتنوعة ومن أهمها:

أن التسامح بين الأديان يعود بالكثير من المنافع لأنه يوطد العلاقات ويسمو بها ويخلق جواً من المحبة والألفة الإجتماعية والإحترام المتبادل , كما أنه يطهر من الحقد والكراهية والإنتقام ويقوى العلاقات ويحافظ عليها . كما أن التعايش والتسامح بين الأديان يتيح التقدم من الناحية الإقتصادية من خلال تبادل الثروات وتعزيز  التجارة وتدفق رؤوس الأموال وتدارك جميع الكوارث والمخاطر والتكامل لمواجهتها كما أن التسامح يفتح المجال لتبادل المعارف والثقافات والمعلومات والخبرات ما يعمل على تلبية الاحتياجات الثقافية والعلمية للمجتمعات وفتح آفاق كبيرة لتطوير المستوى المعرفي والثقافى للمواطنين.

كما أن التسامح يمحو مشاعر الكراهية والحقد ويطهر من الأفكار السلبية وينشر الطمأنينة بين الشعوب.

ثالثاً-  مظاهر وسلبيات عدم التسامح والتناحر بين الأديان:

 وبالعكس فإن عدم التسامح وعدم تقبل الأديان يغذى المشاعر الحقد والكراهية وستزول معالم السكينة والطمأنينة في المجتمع وسينتشر الفساد فى الأرض وهذا ما حذرنا منه الله تعالى منه.

 

كما أن التفرقة الدينية هى نتيجة لعدم التسامح وعدم القدرة على الاندماج والتآلف بين الأديان الآخرى، وهذا سيؤدي إلى نزاعات تفكك المجتمعات وتحزبها وتقسيمها إلى فئات تقوم  بينها عداوة وكراهية ونزاعات، كما أن عدم التسامح فيه معارضة لمبادئ الأديان ويغضب الله تعالى ويزيل الطمأنينة من القلوب.

 رابعاً-  دلائل التسامح في الإسلام:

 ان الاسلام دعا إلى فضيلة التسامح وذلك قبل تخصيص منظمات المجتمع الدولى يوماً للإحتفال به  كل عام.. كما أن الاسلام دعا الى التعارف والمحبة والمودة ولم يخص بالذكر ديناً واحداً بل ذكر الناس أجمعين

 

 

علاوة على أن الإسلام يدعو إلى الايمان بالحرية الدينية ولا يفرض على أحد ديناً موحداً ودعانا إلى احترام التنوع وتقبل الأديان الأخرى والتسامح والتعايش معها, ومن هنا فكان التسامح دعوة إلهيه وصفة محمودة للناس أجمعين.

– وإذا نظرنا إلى التطبيق العملى لفضيلة التسامح نجد أن العفو صفة من صفات الأنبياء وكان الرسول صلى الله عليه وسلم: يسامح من يؤذيه فقال عقبه بن عامر-رضي الله عنه-: لقيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال لى يا عقبه: (أصِل من قطعك وأعط من حرمك واعفوا عنمن ظلمك) كما أن النبى صلى الله ليه وسلم: أمر بتطبيق التسامح مع المسلمين وغير المسلمين ولنا فى (وثيقة المدينة) خير شاهد ودليل والتى تعتبر أول وثيقة لحقوق الإنسان فى التاريخ كما أن هناك نماذج عديدة ومتنوعة والتى تدل على أن الصحابة والتابعين طبقوا فضيلة التسامح مع النفس والآخرين.

خامساً- كيفية الاستفادة من يوم التسامح العالمي (رؤية مستقبلية)

إن المحور الأساسي للأحتفال بيوم التسامح العالمي حول العالم هو التثقيف والتوعية بقيمة التسامح وأهميته وذلك من خلال اللقاءات والحوارات والأعمال الإبداعية والنقاشات المفتوحة والتي تهدف الي تسليط الضوء علي الأثار السلبية للتعصب والعنصرية والعنف والأثار الإيجابية للإنفتاح الثقافي والتسامح الديني.

ومن هنا فإن علينا استغلال فرصة اليوم العالمي للتسامح للنقاش حول حقوق الإنسان وكيفية تحقيق السلام العالمي والتوعية بأهمية التسامح داخل الأسرة والمدرسة والجامعات وفي العمل.

 

إلي جانب ذلك، علينا أن نتعرف على الثقافات الأخرى والبحث عن القواسم المشتركة التي تجمع بين الثقافات الأخري والتمرد على الصور المسبقة والنمطية والتصور المسبق عن الأمم الأخري، مع استثمار مواقع التواصل الأجماعي للمشاركة الجماعية الفعالة للتسامح العالمي.

وإذا كان العالم ينظر للتسامح في العصر الحديث كتضامن للتعايش السلمي والإستقرار العالمي خاصة في المجتمعات ذات التعدد والتنوع الديني والعرقي والثقافي، فإن اليوم العالمي للتسامح فرصة للتثقيف والتوعية بقيم التسامح ولنا في الإسلام قدوه حسنة قولاً وفعلا  وسلوكاً، مع العمل علي ترجمة قيم التسامح لمشاريع ومبادرات وتشريعات تحقق السلام العالمي والأمن الإجتماعي الداخلي.

وفي هذا السياق، علينا نشر فضيلة التسامح في مجتمعنا من خلال التوعية الدينية، مع العمل علي ضرورة تدريس مادة للتسامح والأخلاق النبيلة في كافة المراحل التعليمية، وقيام المؤسسات الدينية بدورها وكذلك الإعلام لنشر قيم التسامح لغرس المحبة بين المجتمعات وتحقيق الأمن والأمان لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى