ملفات

الأوبئة الاجتماعية خطر قادم يهدد عالمنا العربي والإسلامي!! (بقلم: علي الحاروني- مصر)

هناك عديد من الأمراض الاجتماعية التي تنتشر في الجسد العربي وتكاد تفتك به وتهدد أمنه الاجتماعي ومن أهمها التحرش الجنسي والبطالة والتدخين والإدمان للمخدرات والتمييز العنصري والاستخدام السلبي للتكنولوجيا والرشوة والتسول والتشرد والانتحار وانتشار الجريمة والفساد الإداري والتنمر …. والتي يقف خلفها العديد من العوامل التي تساهم بشكل رئيس في انتشارها علي اختلاف أنواعها وتترك بصماتها السلبية علي المجتمع والفرد إقتصادياً وأخلاقياً وفكرياً وثقافياً وحتي علي الأمان الإجتماعي من جميع جوانبه.

وبلا شك تحتاج تلك الأمراض الإجتماعية إلي استراتيجية حكيمة ذات رؤية واقعية لمواجهتها فما هي أبرز هذه الأمراض الإجتماعية وأشكالها ؟ وما هي أسباب انتشارها ؟ وما هي أضرارها الفردية والمجتمعية ؟ وكيفية مواجهتها مستقبلاً ؟ هذا ما سيكون محور مقالنا وعبر أربعة محاور رئيسة:

أولاً: ما هي الأوبئة الاجتماعية وأنواعها

هناك العديد من الأوبئة الاجتماعية التي تدخل المجتمع ولها تداعيات سلبية صارمة ومن أهمها : التدخين : حيث نري الأطفال والنساء يدخنون في الشوارع والمقاهي والمحال والذي له أضرار صحية متعددة مثل سرطان الرئة والإصابة بأمراض القلب والشرايين والتي تقف ورائه العديد من الأسباب حيث إختفاء الوازع الديني والبطالة وعدم فاعلية الأسرة في الرقابة وحب الفضول وتقليد المدخنين .

– إضافة إلي ذلك نجد المخدرات والمسكرات والتي تدمر الوظائف العقلية والبدنية والنفسية للمدمن ،

كما أن إنتشار الرشاوى والمحسوبية تؤدي إلي انتشار الضغينة والتفكك الإجتماعي كما أن التسول والتشرد وأطفال الشوارع يترتب عليهم آثار سلبية حيث يخلقون حالة من الظلم الإجتماعي والإنتحار نتيجة الإضطراب النفسي والعقلي والإكتئاب والفقر والبطالة أو تعاطي المخدرات أو الكحوليات أو بعض العقاقير . إلي جانب ذلك نجد الرشوة والفساد الإداري التي تشكل شكلاً من أشكال الفساد غير القانوني ، والتمييز العنصري وإنتهاك حقوق الأقليات والتي ما زالت منتشرة في مجتمعاتنا ، كما أن العنف والإرهاب يمثلان خطورة إجتماعية لأنهما ناجمان عن الإستعداد الوراثي أو سمات شخصية للفرد أو كرد فعل لإساءة المعاملة والإهمال من قبل الأسرة والمجتمع .       .

– كما أن البطالة من الآفات الإجتماعية ذات التأثير الشامل علي المستوي الفردي والإجتماعي والإستخدام السيء للتكنولوجيا مثل إستخدامها في التحرش الإلكتروني والإعتداء علي خصوصيات الأخرين والتنمر ونشر الفضائح والإشاعات والقيام بعمليات النصب والإحتيال  .

– أضف إلي ذلك إنتشار الجريمة بكافة صورها ومستوياتها وأسبابها تعتبر من الرذائل الإجتماعية الأكثر خطورة والتي تهدد سلامة المجتمع وأمانه واستقراره . ومن الآفات والرذائل الإجتماعية أيضاً الإغتصاب وهو التعدي علي المرأة وسلبها حقوقها وإرادتها وإنتهاك حرمتها ، إلي جانب خطف الأطفال والتي تعتبر ظاهرة عالمية من أجل تصفيتهم والمتاجرة بأعضائهم وخصوصاً من هم دون الخمس سنوات ، مع تجنيدهم للعمل بالتسول والتشرد بالشوارع .

ثانياً : أسباب وجود الأوبئة الإجتماعية

هناك العديد من الأسباب التى تقف خلف الآفات الإجتماعية منها غياب الإرشاد الدينى لدى كثير من الشباب وإفتقار التوعية بخطورة هذه الآفات وإنتشارها فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية وتقاعس القانون عن إتخاذ العقاب الرادع لتلك الظواهر الإجتماعية السلبية وغياب الرقابة الأسرية وتوعية الأطفال والشباب بخطورة هذه الآفات الإجتماعية وتقصيرهم فى غرس القيم الدينية فى أولادهم , إلى جانب البطالة الداء الإجتماعى الفاعل فى إنتشار الآفات الخطيرة فى المجتمع , والفقر والتشرد وزيادة النمو السكانى الذى يسبب الضغط على الموارد وقلة مستويات التعليم وما يترتب عليه من نقص فى فهم العواقب والأضرار الناتجة عن ممارسة الآفات الإجتماعية والتعصب لجنس معين والتمييز بين أحد الجنسين أو لطائفة معينة من المجتمع والطمع وحب السيطرة والهيمنة وعدم تطبيق القوانين والأنظمة بشفافية وإنعدام الضوابط التى تحكم السلوكيات المنحرفة.

– كما أن العادات والتقاليد البالية فى المجتمع يمكن أن تسبب أخطاراً إجتماعية على نطاق واسع مثل الختان للإناث وزواج القاصرات والعنف ضد المرأة . هذا ناهيك عن تفكك الروابط الأسرية وضعف الوازع الأخلاقى والقيمى والدينى لهى من أهم أسباب الإنتحار فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية . علاوة على أن المشكلات الإجتماعية الناجمة عن التمييز العنصرى والعرقى والدينى تؤدى إلى نتائج خطيرة .

ومن بين أسباب إصابة الشباب والمراهقين بالآفات الإجتماعية الجلوس مع أصدقاء السوء مما يدفعهم إلى التدخين والمخدرات والإدمان والمشاكل الأسرية وتقليد الأهل وكثرة المال مع المراهق.

 ثالثاً : تداعيات وسلبيات الأوبئة الإجتماعية

هناك العديد من السلبيات للرذائل الإجتماعية ومنها الإكتئاب والعزلة والقلق وفقدان الثقة بالنفس ، والتدني بمستوي معيشة الفرد والمجتمع حيث أن انتشار آفات مثل البطالة والفقر أو الجريمة بكافة صورها أو الفساد الحكومي والإجتماعي والرشوة يؤثر بشكل سلبي علي طريقة حياه الفرد والمستوي المعيشي للمجتمع ككل .

كما أن بعض الآفات الإجتماعية المرتبطة بالآخلاقيات مثل انتشار الرذيلة والفواحش أو بالأمور المادية مثل الفقر والبطالة تؤدي إلي خلق بيئة إجتماعية بعيده عن الدين والقانون وبالتالي الإنحلال الأخلاقي في المجتمع ، إلي جانب أن الآفات الإجتماعية مثل الجهل والأمية والفقر والإنحلال الأخلاقي تؤدي إلي انتشار الأوبئة والأمراض ، كما تؤدي الرشوه والفساد والسرقة والإختلاس إلي الإنحسار والتراجع الإقتصادي والصرف علي بعض الآفات الإجتماعية مثل الكحوليات والدعاره والمخدرات والقمار ، إلي جانب البطالة والتي تؤثر علي إنتاجية الفرد والمجتمع وينتج عنه مشاكل عديده مثل هجرة العقول ، أما عن التشرد والتسول والجريمة فهى تؤدي إلي التفكك الإجتماعي وتفكك الأسرة والعزلة والوحدة والإبتعاد عن العلاقات الإجتماعية والبطالة وإهدار الوقت وقد يصل الأمر في النهاية إلي الإنتحار .

ومن النتائج الخطيرة للرذائل الإجتماعية إنتشار الجهل والأمية خاصة المتعلقة بالفساد الحكومي والإنحلال الأخلاقي والتفكك الإجتماعي . هذا مع وجود العديد من النتائج الخطيره الناجمة عن التميز العنصري والعرقي والديني متمثلة في زياده الإحتقان والكراهية والظلم والإضطهاد المجتمعي .

رابعاً : برامج وآليات مواجهة الأوبئة الإجتماعية

هناك عده طرق وأساليب وبرامج عمل للحد من انتشار هذه الآفات الخطيرة ومن أهمها : العمل علي تفعيل الدور التربوي والتوعوي للأٍسرة ويمكن في هذا الإطار عقد الندوات واللقاءات الدينية والثقافية مع الآباء حتي يستطيعوا توعية أبنائهم توعية سليمة وجاده ، مع قيام الدول بسن التشريعات الحادة لمواجهة هذه الآفات الإجتماعية ، وتفعيل دور المدرسة والجامعات لتغذية العقول بالقيم الدينية السليمة ، والتحاور مع الشباب ذو الأفكار المنحرفة وتوضيح مده خطورة الآفات الإجتماعية عليهم .

إضافة إلي ذلك لا بد من التخلص من آفة التدخين عن طريق قيام الدولة بتبني العديد من الإجراءات الوقائية مثل زياده ضريبة الإستهلاك المترتبة علي شراء السجائر وتقييد القدرة علي صناعة التبغ ووضع سياسات صارمة لمنع التدخين وزياده الحملات التي تدعو إلي الإبتعاد عن التدخين مع العمل علي مواجهة إدمان المخدرات والمسكرات من خلال تنفيذ عده مشاريع وقائية وعلاجية من قبل الجهات المختصة وتشجيع برامج مكافحة غسيل الاموال المرتبطة بسوق المخدرات وغرس القيم الدينية وتدعيم الوازع الديني لتبصرة الشباب بأضرار الإدمان والمخدرات وتفعيل دور الأخصائيين النفسيين المتمثل في مراقبة الطلاب وسلوكهم ، مع العمل علي توفير التعليم وزيادة المنح والفرص الدراسية وتوفير فرص عمل مناسبة لمواجهة البطالة وتوعية جميع أفراد الأسرة بضرورة تنظيم الأسرة . إضافة إلي ذلك لا بد من مواجهة الجهل والخرافات وإغلاق جميع أبواب الفتنة والتي تجعل الشخص عرضة لإتباع السلوكيات المنحرفة ، والحد من الوسائل الإعلامية والدراما التليفزيونية والسينما التي لها دوراً في انتشار الآفات في المجتمع .

كما أن الرقابة تعتبر إحدي الوسائل التي تحمي الفرد والمجتمع من الآفات الإجتماعية ومحاولة علاجها كرقابة الدولة علي مؤسساتها منعاً لإنتشار الفساد والتقليل من المحسوبيات والرشاوي والرقابة علي الصيدليات والمراكز الطبية لمنع بيع الأدوية المخدرة والرقابة علي محلات ومنافذ بيع الكحوليات ، مع الإستعانة بالإخصائيين الإجتماعيين وعقد دورات لمحو الأمية والوعي المجتمعي المتمثل في منظمات المجتمع المدني والتي لا بد من القيام بدورها في توعية الشباب وإحتواء الأسر المشرده وأطفال الشوارع وتفعيل دور القانون والشرطة في مكافحة الإرهاب والعنف والدعارة والسلاح والمخدرات وغيرها. علاوة علي ممارسة المساجد لدورهم التثقيفى في كيفية التخلص من الآفات الإجتماعية وتنمية مهارات المراهق والإستفاده من كل طاقاته الإيجابية والقيام برحلات ترفيهية وتعليمية مع المراهقين بهدف تلبية احتياجاتهم المعرفية والعقلية وتنمية مهاراتهم الإبداعية وتعويدهم علي القياده وتحمل المسئولية وتوفير مراكز شبابية تهتم بالشباب مثل المراكز الثقافية والأندية الرياضية.

 

وفي النهاية يجب التاكيد علي أن التربيه الصحيحة علي الأسس الإسلامية والأخلاق والقدوه الحسنة سيشكل درع واقي وحصن منيع للفرد والمجتمع ضد الوقوع في الرذيلة الإجتماعية ، مع تفعيل وتعزيز دور المؤسسات التربوية والتعليمية وتكاتف جهود مؤسسات المجتمع ووسائل الإعلام لتوجيه الشباب والنشئ للطريق الصحيح ورعاية أفراد المجتمع.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى