ملفاتمميز

بمناسبة «اليوم العالمي».. ارتفاع معدلات الفقر بين الواقع وسبل المواجهة!!

بقلم/ علي الحاروني- مصر:

بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفقر والموافق السابع عشر من أكتوبر والذي يتزامن مع العقد الثالث للقضاء على الفقر، نجد أن معدلات الفقر ارتفعت بشكل غير مسبوق، خاصة في ظل جائحة كورونا لتصل إلى نصف مليار شخص بما يوازي 8% من إجمالي السكان في العالم.

 حيث نجد أن كوفيد – 19 دفعت ما بين 143 و 163 مليون شخص إلى براسم الفقر في عام 2021 ، ويعيش ما يقرب من نصف الفقراء والجدد فى جنوب آسيا ويعيش أكثر من ثلثهم فى أفريقيا جنوب الصحراء فضلا عن ارتفاع معدلات الفقر المدقع فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 7.2% بسبب الصراعات وبخاصة فى سوريا واليمن.

 كما أن 4% من سكان المنطقة العربية يعيشون تحت خط الفقر الدولي البالغ 1.25 دولار أمريكي في اليوم كذلك تشير التهديدات الجديدة الناجمة عن تغيير المناخ وانعدام الأمن الغذائي إلى ارتفاع معدلات الفقر لأكثر من 800 مليون شخص سوف يعيشون على أقل 1.25 دولار أمريكي في اليوم وذلك بحلول عام 2022/2023م.

      وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن تغير المناخ يمكنه تحويل حياه 100 مليون شخص الى حالة من الفقر الشديد حيث أن الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات والتصحر تؤثر على المجتمعات الفقيرة والتى تعتمد بصفة أساسية على الزراعة والصيد وبالتالى يصبحون أكثر فقراً مع ظاهرة التغيرات المناخية مع انخفاض معدل النمو الاقتصادى والعجز عن تطوير قطاع الزراعة وارتفاع معدلات التضخم لا سيما مع أزمات جائحة كورونا والنمو السكانى والاحتباس الحراري، وغيرها من الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية والذى تترك بصماتها السلبية على الاقتصاد والصحة والتعليم.

 

 إلى جانب ذلك، نجد أن هناك أسبابًا عديدة آخرى للفقر؛ فإلى جانب جائحة كورونا والتغير المناخي، نجد الخلل في النظم السياسية  والاقتصادية للدول وإنعدام الأمن والحروب الأهلية والصراعات المسسلحة، مع سوء توزيع المساعدات الدولية التى تقوم بتوزيعها المنظمات الدولية وذلك يرجع الى الفساد السياسي للدول الفقيرة، إلى جانب سوء توزيع ثروات الدول والبطالة وإنعدام التكافل الاجتاعي.

 وفى الواقع أن مشكلة الفقر هى ذات أبعاد إقليمية ودولية وتحتاج الى تكاتف الجميع سواء على المستوى الداخلى حيث التعاون بين الدولة والمجتمع المدنى وقطاع الأعمال، ودولياً بين الدول والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة خاصة وأن الهدف الرئيس لأهداف التنمية المستدامة التى أقرتها في سبيل محاربة الفقر هو حشد كافة الموارد المتعددة والمتنوعة لمساعدة البلدان النامية فى القضاء على الفقر وهذا يتطلب الوقوف بجانبها للقضاء على صراعتها المسلحة وتحجيم معدلات الجريمة فيها مع التزام الحكومات النامية بوضع خطط وطنية لمعالجة الفقر مع الحصول على معلومات وبيانات صحيحة حول الفقر والفقراء وتحديد احتياجاتهم وتقديم المعونات لهم بالتعاون مع منظمات المعونات الدولية.

ويتعين أيضا العمل على تنمية العمالة والمنشآت وذلك من خلال زيادة الفرص للعمالة فى المناطق الريفية وتوفير خدمات مالية للمجتمعات الفقيرة وتحسين سبل الكسب للفقراء عن طريق تعاون المجتمع المدنى مع المحليات وتشجيع المشروعات الصغيرة مع توفير الحماية الاجتماعية من خلال توفير الرعاية الصحية للعائلات الفقيرة وتأمين نظام دعم لدخل الأسر التى لديها أطفال فى سن الإلتحاق بالمدارس مع توفير الحماية فى العمل من خلال تحسين آليات تنفيذ نظام الحد الأدنى للأجور وطرح سياسات تهتم بالسلامة والصحة المهنية التي تعمل فيها الفئات المحدودة الدخل غالباً.

 ويجب كذلك تعزيز الحوار المجتمعي وذلك من خلال دعم الأعمال التى تسعى إلى الحد من الفقر والقضايا المتعلقة بالضمان الاجتماعي والتدريب والصحة والتعليم اضافة الى وضع برامج لتأهيل منظمات العمال مع إقامة الشراكات بين المنظمات الدولية ولا سيما تلك المتخصصة بالتنمية الريفية والاستثمار في الهياكل الأساسية والتعلم الدائم التنمية والحماية البيئية وتمويل المشاريع الصغيرة ورعاية الأطفال.

 وتجدر الاشارة هنا إلى دور الاعلام في التخلص من الفقر وكذلك وسائل التواصل الإجتماعى، والتى تشارك فى وضع حلول للفقراء عن طريق تقديم العلاج والمساعدات العينية والمادية لتخفيف العبء عن الفقراء والمحتاجين فى المجتمعات مع العمل على حل مشكلة البطالة والتى تساعد على القضاء على الفقر، وتمكين الفقراء وقيام الدولة بعملية مشاركتهم فى وضع الخطط للتنمية التى تفيدهم وتلبى احتياجاتهم.

 وفى هذا السياق، يَحسُن الاستعانة بأساليب الإسلام والاقتصاد الإسلامى فى محاربة الفقر كالتكافل الاجتماعي وغيره من أشكال وصور التكافل والزكاه والصدقات والوقف والميراث والهبة والقروض الحسنة ومحاربة الربا والاستثمار … إضافة إلى تبنى الإسلام تشريعات واستراتيجيات وقائية تحمى المجتمع من هذه الآفه مثل الحث على العمل ومحاربة التسول والبطالة.

والمعروف أن الاقتصاد الإسلامي حدد السياسات والمنهج التى تعالج الفقر كالعمل الجاد والضرب في الأرض والهجرة والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية والاقتصاد في النفقات وتجنب الإسراف والادخار والاستثمار.. إضافة إلى ذلك، فإنه في ظل فيروس كورونا وأزمة تغير المناخ يجب اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة هذين التهديدين، وكذلك ضرورة كبح التهرب الضريبى من الشركات وإنهاء التمييز بين النساء والأقليات لأن هذين الأمرين حاسمان لتحسين الظروف المعيشية العالمية والقضاء على الفقر العالمي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى