شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:
تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي لمكافحة الفساد في التاسع من شهر ديسمبر من كل عام، بعد اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2003م.. كل ذلك بهدف تعزيز الوعي حول مفاهيم ومدلولات الفساد وتداعياته وبما يحمله من استغلال السلطة والموارد الموجودة ضمن مؤسسات الدولة، والعمل على غرس المبادئ والقيم لتعزيز النزاهة والمساءلة والشفافية والمصداقية ونبذ الفساد في العالم وتشجيع كافة فئات المجتمع على المساهمة فى مكافحته، ومن هنا نجد الأمم المتحدة تبنت شعار الحملة الدولية (متحدون على مكافحة الفساد) واتخذت من شعار عام 2021م (احفظ حقك، إلعب دورك، قل لا للفساد).
وفى ظل أهمية قضية الفساد والتى تؤثر على كافة مناحى الحياة وعرقلة التقدم والتنمية سنحاول عبر هذه الدراسة المختصرة بيان أسبابه وصوره وآثاره وأضراره وسبل مكافحته وهذا كله عبر ثلاثة محاور رئيسية.
أولاً-أسباب وحوافز الفساد وصوره:
قد يتجلى الفساد بأشكال مختلفة متمثلة فى الفساد الإدارى حيث مخالفة الموظفين للقوانين الموضوعة لتنظيم العمل وإبداء سلوكيات غير مقبولة والتعامل غير المهنى مع العملاء والمراجعين وخير مثال على ذلك المحسوبية والوساطة، علاوة على الفساد المالى والرشوة والإختلاس والتزوير فى الأوراق المالية أو الشهادات الأكاديمية.
ورغم تعدد صور الفساد وأشكاله إلا أن معظم الدراسات والبحوث أجمعت على أن هناك عناصر مشتركة بين تلك الصور والتى تمثل أسباب الفساد ومن أهمها إنتشار سوء الأخلاق وعدم كفاية الدخل والوضع السياسى غير المستقر والإبتعاد عن الديمقراطية، مع عدم وجود قوانين رداعة للفساد , هذا مع غموض بعض القوانين أو وجود قوانين متعارضة مع بعضها البعض مما يفتح المجال للفساد.
ثانياً- الآثار الضارة والتداعيات الخطيرة للفساد:
يمكن للفساد أن يعرقل التقدم والتنمية ويهاجم مؤسسات الدولة ويؤدى إلى إضعاف سيادة القانون ويخلق مستنقعات بيروقراطية تساعد على انتشار سلوكيات جرائم الفساد مثل الرشوة واستغلال النفوذ وهدر المال العام والتعدي عليه بالإضافة إلى أثره السام على التعليم والخدمات الأساسية وتشويه بيئة الأعمال. هذا كما يؤدى الفساد إلى ارتفاع الأسعار مقابل انخفاض الجودة, وعدم استثمار الموارد بشكل فعال (مثل عقود المناقصات والمزايدات).
يُضاف إلى ذلك، انخفاض الاستثمار الأجنبي فى البلاد, كما تصل خطورة الفساد إلى تهديد الصحة العامة والحياة وكان وباء (كوفيد – 19) شاهداً على ذلك فى بعض الدول التي انهارت منظومتها الصحية وعجزت عن حماية الأرواح بسبب الفساد والرشاوى.
ثالثاً- نحو إستراتيجية عالمية لمواجهة الفساد:
لقد تبنت الدول المنظمات الدولية العديد من الإستراتيجيات وترجمتها على أرض الواقع فى صورة برامج عمل لمكافحة الفساد ومتوافقة مع المعايير الدولية والممارسات الفضلى فى هذا المجال لتحمل بين طياتها مبادرات عملية صيغت كمشاريع واضحة ضمن برنامج زمنى محدد ومسئوليات لتعكس فى مجملها أولوية الإصلاح والوقاية والتطوير في البيئة التشريعية والإجرائية والإدارية والمالية والسياسية والاقتصادية … بما يحقق الخطوات الأولى نحو الوقاية من الفساد, ويشارك فى ذلك كل مؤسسات الدولة من مجتمع مدنى إلى قطاع عام أو خاص للوصول إلى بناء مجتمعى ومؤسسى يدعم الغاية في التصدى.