شارع الصحافة/ كتب- مصطفى خالد:
فيما أعلن البنك المركزي عن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج لـ 24 مليار دولار خلال الفترة يناير- سبتمبر 2021 بزيادة قدرها نحو 1.9 مليار دولار وبمعدل 8.8% مقارنة بالفترة يناير- سبتمبر 2020، أكد خبراء الاقتصاد وأسواق المال أن تحويلات العاملين في الخارج تعتبر الحصان الأسود في موارد النقد الأجنبي، مشيرين إلى أن مصر تمتلك أربعة مصادر رئيسة للعملة الصعبة من الممكن تسميتهم بالأربعة الكبار وهي: “تحويلات المصريين بالخارج”، و”قناة السويس”، و”السياحة” و”الصادرات”، وخاصة البترولية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد راشد المدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف، إن تحويلات المصريين بالخارج تجاوزت الـ 31 مليار دولار منذ بدء أزمة فيروس كورونا، لتصل إلي مستوى قياسي لم تشهده من قبل خلال العام المالي المنقضي علاوة علي زيادة مقدارها بنحو 2 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي بزيادة قدرها نحو 9% .
وأشار “راشد” إلى أن ذلك يرجع بالأساس إلي استمرار وضع بعض الدول الخليجية رسوم علي المرافقين للعمالة الأجنبية تزداد سنويا ما اضطر أغلب هؤلاء إلي إرسال أسرهم إلي مصر للبقاء للعمل بشكل منفرد وهو ما جاء في صالح الاقتصاد المصري من حيث زيادة حجم التحويلات المالية للعاملين في الخارج لتنفق هذه الأموال داخل الاقتصاد المصري بعد ما كانت تنفق خارجه لتعزز معدل النمو الاقتصادي من ناحية رفع مستوي الاستهلاك العائلي.
كما تسهم هذه التحويلات بجانب عناصر أخرى في زيادة حجم المعروض النقدي والطلب المحلي؛ ما يعزز القوى الشرائية وينعكس إيجابا علي مستويات الناتج المحلي وخلق حالة من الرواج.
أضاف: كان لارتفاع مقدار تحويلات العاملين في الخارج دور مهم في تماسك رصيد الاحتياطات النقدية الدولية وزيادتها إلي نحو 41 مليار دولار وهو مستوى آمن للغاية، وكذلك أسهمت في استقرار سعر صرف الجنيه المصري علي مدار العام الجاري والعام المنقضي، وأسهمت أيضا في تعويض بعض التراجع في موارد النقد الأجنبي القادم من قطاع السياحة؛ نظرا لتأثر الأخير سلبا بأزمة فيروس كورونا.
كما أكد أن تنامي هذه التحويلات علي نحو متواصل يشير إلي مستوي عال من الثقة في سوق الصرف المصري، ولاسيما بعد ما جري من تعويم الجنيه المصري في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ومن جهته، أشار حسام الغايش خبير أسواق المال ودراسات الجدوى إلى أن مصر تمتلك أربع مصادر رئيسة للعملة الصعبة من الممكن تسميتهم بالأربعة الكبار وهم تحويلات المصريين بالخارج و قناة السويس، السياحة والصادرات وخاصة البترولية.
ولفت إلى أن تحويلات المصريين كانت النقطة المضيئة فى ميزان المدفوعات، حيث أن استمرار نمو تحويلات المصريين بالخارج خلال أزمة “كورونا” حمى الجنيه المصري ووفر سيولة مالية للحكومة؛ حيث إن التحويلات تقرضها البنوك مرة أخرى للحكومة، عن طريق شراء الأوراق المالية، كما ساعد نمو التحويلات في امتصاص عجز الحساب الجاري؛ لأن العجز فى الحساب الجاري يجب أن يمول إما بالاستدانة أو من مصادر أخرى، والمعروف أن العجز المستمر فى الحساب الجاري يمثل ضغطا على الاحتياطي وعلى قيمة العملة الوطنية.
كما أشار “الغايش” إلى أن ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج بمعدل متزايد خلال السنوات الخمس الماضية، تزامن مع تحسن عديد من المؤشرات الاقتصادية في ظل ما يتميز به الاقتصاد المصري من تنوع في القطاعات.
وبدوره، لفت الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي والمصرفي إلى أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج بهذا المعدل، وفي ظل استمرار أمد أزمة كورونا، وتداعياتها السلبية على كافة الاقتصادات العالمية، ومن بينها الاقتصاد المصري، يُعد، وبحق، شهادة للاقتصاد المصري، بقدرته على التعايش مع الصدمات المالية، فضلا عن الانعكاسات الإيجابية على الاقتصاد المصري، من مُنطلق زيادة الموارد من العملات الأجنبية، وبما يدعم احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وتحسين أوضاع ميزان المدفوعات والميزان التجاري للدولة.
وكشف “الجرم” أن ذلك جاء على خلفية الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، خلال الفترة القليلة الماضية، والذي نتج عنه استقرار ملحوظ في سوق صرف النقد الأجنبي، منذ فترة طويلة تجاوزت أربع سنوات أو نحو ذلك، والقضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي، من خلال تعويم العملة المحلية، طبقا للعرض والطلب في سوق النقد الأجنبي، ما كان له انعكاسات إيجابية في شأن جذب المزيد من مدخرات المصريين العاملين، وزيادة التحويلات خلال الفترة الحالية بشكل غير مسبوق، رغم أزمة كورونا.
ومن ناحيته، أشار محمد عبدالهادي خبير أسواق المال إلى أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت من 17.1 مليار دولار بالسنة المالية ( 2015-2016) إلي 31.1 مليار دولار بالسنة المالية ( 2020-2021) ، وهذا يعكس تلاقي وجهات نظر العاملين بالخارج رغم كافة التحديات بعد جائحة كورونا وكافة المؤسسات العالمية التي أشادت بالاقتصاد المصري ومدي الثقة في قوة ومتانة الاقتصاد في مواجهة الأزمات العالمية وأصبح الاقتصاد مرن ضد الصدمات بنظرة واقعية ومحايدة مقارنة بالاقتصاديات الأخرى مع قدرته علي الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة والحفاظ علي معدلات تضخم منخفضة في ظل موجة ارتفاع أسعار وتضخم عالمية وانهيار عملات دول.
كما أكد “عبدالهادي” أن ارتفاع التحويلات يعكس أيضا مدي الحس الوطني للمصريين في الخارج من دورهم في التنمية الاقتصادية للبلد، ومشاركتهم في بناء الوطن والمساهمة في التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030م، كما يعكس قيام الدولة من جانبها بفتح آفاق الاستثمار والمبادرات والتسهيلات الممنوحة من الدولة لإقامة المشروعات للمغتربين المصريين، و يعكس أيضا رؤية وقوة الاقتصاد المصري من وجهة نظر أبناءها خارج البلاد ما يرتفع أحجام الاستثمار.
زر الذهاب إلى الأعلى