فنونمقال رئيس التحريرمميز

محمد الخزرجي نموذج مدهش لـ«العصامية» الفنية.. وتلميذ مُبدع في المدرسة الواقعية التشكيلية

د. محمود عبد الكريم عزالدين

على خُطى رواد المدرسة الواقعية في الفن التشكيلي: جوستاف كوربيه، إدوارد مانيه، وجان فرانسوا ميليت، تتضح معالم إبداعات الفنان التشكيلي العراقي محمد عبدالسلام جميل، وشهرته الفنية (محمد الخزرجي) من مواليد 1972م. وأنتج «محمد» أكثر من 700 لوحة خلال مسيرته الفنية، كلها أعمال توثق الحياة الواقعية أو أنها تنتمي للمدرسة الواقعية.

يركز «الخزرجي» اهتمامه على كل ما هو واقعي وحقيقي وموجود فعلًا في الطبيعة، بحيث يسعى إلى إظهار هذا الواقع، وتسليط الأضواء على جوانب مهمة في الحياة، وعكس الواقع الثقافي والاجتماعي والديني على شكل أعمال فنية.

ويصور «الخزرجي» الحياة اليومية بصدق وأمانة، كما هي، غير أنه قد يُضفي عليها شيئاً من لمساته الواقعية أيضاً، ملتزمًا بالتجرد من عواطفه وأفكاره الخيالية، ليتمكن من نقل الموضوع كما هو، مستمدا عناصر لوحاته من الطبيعة، مباشرةً، وليس من النماذج الكلاسيكيّة.

  وعلى نهج رواد وعشاق المدرسة الواقعية، يحرص محمد الخزرجي على تصوير حياة ومظاهر ومشاكل الطبقة المتوسطة والفقيرة، وكل ما هو عادي ومتواضع وغير مزخرف، متواصلاً مع الجمهور المتلقي الذي يُبدي تفاعلًا واهتمامًا كبيرين بما يُبدعه.. ويولي «الخزرجي» اهتمامًا كبيراً للتفاصيل؛ مثل الألوان والحركات والأشكال.. لكن واقعيته في أعماله الفنية، هي جواز سفره إلى قلوب وعقول الجماهير.

– «الخزرجي» يعزف بـ«السكين»، كما أنه يُبدع بـ«الفرشاة».. كلاهما له مُعطيات مختلفة نسبيًا.. صحيح أنه يفضل “السكين”؛ باعتبار أن لها عالمًا آخر على حد تعبيره، غير أنهما بنهاية المطاف- (السكين والفرشاة)- يصبان في المنبع عينه، والمنهل ذاته، وهو الفن التشكيلي، غير أنها رغبة منه في الاجتهاد ومسعى طموح لتطوير موهبته، علمًا بأن تطوير الموهبة- على حد قوله-  يعتمد على قدرة الرسام، واستعداده على الاكتشاف… «وهذا يعتمد على التجارب الكثيرة بدون كلل، وعلى الفشل أحياناً».

يتابع محمد بقوله:  والشاهد أنه (متى ما قبلتَ ذاتك كرسام العمل أو الخطوة اعلم أن عملك تطوَّر، وأنك على الطريق الصحيح.. المهم أن تكون حريصًا على خلق  لغة حوار بينك وبين عملك، فسّر لعقلك كل خطوة في اللوحة تخطوها)…هذا سوف يساعدك في فهم ما تصنعه.. «صدقني إنها تجربتي الثمينة التي أوصلتني إلى مستواي الحالي؛ فلا زلت أفسر كل عمل أهم برسمه».

  بدأت موهبة «الخزرجي» بدون تشجيع من أحد؛ فقد علَّم نفسه  بنفسه، وظل أرسم بدون توقف إلى يومنا هذا.. لافتاً إلى أنه مع التجارب الكثيرة جداً قدم معاناة وتضحيات هائلة في أوقات شبابه، وتلك التجارب أفادته في صقل موهبته.. ومن أغرب وأعجب تجاربه، قبوله العمل حارسًا ليليًا لأحد الأندية الثقافية، عقب وفاة الحارس الأصلي!! لكي يتعلم الرسم بشكل شبه احترافي، وكانت تتوفر بالنادي وقتها   كل الأدوات والمواد الخاصة بالرسم، بالإضافة إلى النحت والموسيقى والزخرفة.. وبهذه الطريقة، اكتسب “محمد” الخبرة، وقطع خطوات كبيرة على طريق الاحتراف، حتى بلغ مرحلة طيبة في الفن، مع حرصه الدائم على تعلم كل ما هو جديد.

 

من أعمال الفنان التشكيلي محمد الخزرجي: التطريز في الريف- صانع السلال – بائع الفرارات.. ومن أعماله أيضاً: الخيول العربية- القصاب بائع الفشافيش- انتظار الصلاة- الساعاتي أو مصلح الساعات- الريف العراقي- جدة التاريخية- وهو يرسم أيضاً لوحات تعبيرية – صور شخصية- وقد يلجأ أيضًا إلى إضفاء مؤثرات رقمية على بعض لوحاته الفنية.

  جدير بالذكر أن (محمد الخزرجي) فنان تشكيلي من التلاميذ النجباء والمتميزين للمدرسة الواقعية… جرب «الخزرجي» جميع المدارس ونقل رسم الكثير من اللوحات العالمية مثل باقي الموهوبين الذين يتأثرون بالفنانين الكبار للاستفادة من خبراتهم في أعمالهم.. وفعلاً استفاد كثيرًا حيث تعلم اللون، والإنشاء، وتعلم شيئاً آخر مهما هو “الطابع” أو «السمة»، والبصمة الخاصة للعمل، بمعنى أنه أصبح بارعًا في تعلم خلق وإنشاء الرؤية الشاملة لعمله الفني، الذي يربط اللون مع التكنيك، مع الإنشاء مع الفكرة.. وبعد هذا كله، وجد نفسه يميل كثيراً إلى المدرسة الواقعية.

– أقام «الخزرجي» المعرض الشخصي الأول في المملكة العربية السعودية بجدة عام 2020م، وقد شارك في معرض بصمات فن في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك شارك في معرض الكتاب بالمملكة الأردنية الهاشمية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى