مقالاتمميز

علي الحاروني يكتب: عنصرية إسرائيل وتحوُّل الرأي العام الأمريكي.. و«معاداة السامية»!!

لقد اتهمت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في الأول من فبراير 2022 إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري وبعد أعوام طويلة من توافق القوى الإسرائيلي مع الرأى العام الأمريكى وحتى الإسرائيلي الداخلي للوقوف بالمرصاد ضد أية تقارير دولية أو تحقيقات عالمية لإدانة إسرائيل وتصنيفها بأنها دولة عنصرية أو (أبرتهايد) على الرغم من أن إسرائيل بحق دولة فصل عنصري هذا هو واقع ماتفعله إسرائيل في الضفة وفى القطاع والقدس وحتى داخل دولتها التي تضم مليوني عربي.

  وهذا ما وثفته التقارير والمنظمات الدولية المهتمه بحقوق الإنسان فى العالم وكان آخرها منظمة العفو الدولية وأيدته تقارير إسرائيلية داخلية وصحف ووسائل إعلامية داخل إسرائيل وعلى رأسها صحيفة (هآرتس) وتقارير (بتيسليم) الإسرائيلية ومقالات جدعون ليفي وغيره.

ورغم ذلك نجد كالعادة رد فعل إسرائيلي عنيف تجاه التقارير الدولية المدنية لانتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني من جانب إسرائيل وإتهام الهيئات والمنظمات الدولية الحقوقية بمعاداة السامية، إلى جانب الإستنكار الأمريكي لتلك الاتهامات الدولية ضد إسرائيل على الرغم من تأكيدات تقارير الخارجية الأمريكية وإشارتها إلى ما قاله وزيرها بلينكن للرئيس الفلسطيني من أن الإدارة الأمريكية ترفض ما تفعله إسرائيل بحق الفلسطينيين من استيطان وقتل وهدم وتعدٍ على الممتلكات.

يُضاف إلى ذلك، تأييد الرأي العام الأمريكى والإسرائيلى للفلسطينيين وإنقسامه حول عنصرية إسرائيل فى تطور مفاجئ وجذري.. فما هو واقع التحول والانقسام الأمريكي- الأمريكي، وحتى داخل إسرائيل حول عنصرية إسرائيل ؟ وما أهمية التقارير الدولية المنددة بعنصرية إسرائيل ؟! هذا ما سنحاول التعرف عليه عبر ثلاثة مباحث رئيسة.

أولاً-  تحول الرأى العام الأمريكى تجاه إسرائيل:

لقد تحولت الساحة السياسية الأمريكية إلى حلبة صراع مابين معارض ضد الدعوات الدولية لوصف إسرائيل بدولة (الأبرتهايد) وهذا مابلورت ملامحه فى جمع توقيعات 42 عضواً فى الكونجرس الأمريكي لمنع توجه المجلس العالمى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإدانة إسرائيل على جرائمها العنصرية فى الأراضى المحتلة، بل والعمل على تقويض شرعية هذا المجلس ولجنة التحقيق التى شكلها للتحقيق فى الحملة الحربية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة .

 وفي المقابل، نجد دعوات أمريكية متضامنة مع الشعب الفلسطيني ومسيرات فى ولاية كاليفورنيا للتنديد بسياسة التطهير العرقي التى تقوم بها قوات الإحتلال فى مدينة القدس والتهجير فى النقب، مع وجود عديد من الندوات والمؤتمرات والحوارات المفتوحة للمطالبة بوقف منح إعفاءات ضريبية للأمريكيين الذين يتبرعون بالمال إلى الجمعيات اليهودية التى تمول المستوطنات والمستوطنين فى المناطق الفلسطينية المحتلة وتمول (الصندوق القومى اليهودي) ومنظمات المستوطنين التى تمارس أعمال العنف والتطهير العرقى ضد الفلسطينيين إضافة إلى قيام “منظمة لو تعلم أمريكا بعرض فيديوهات وتقارير حول الاعتداءات الإسرائيلية بحق الطفل الفلسطيني.

ثانيـاً- أصوات العقل في إسرائيل تندد بعنصرية إسرائيل

وتمشياً مع ذلك نجد منظمات وصحف إسرائيلية تعلن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وتندد بعنصرية إسرائيل ومن أهمها منظمة “نقف معاً “وهى منظمة سلام يهودية عربية مشتركة فى إسرائيل والتى أعلنت تضامنها مع قرية (بورين) الفلسطينية فى الضفة الغربية التى تتعرض لاعتداءات متواصلة من المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين.

كما أن صحيفة (هآرتس) العبرية القت الضوء على العنصرية المؤسساتية فى إسرائيل وهو ما أكده الكاتب الصحفي “جدعون ليفى” فى مقاله ( أخبروني ماهو غير الصحيح  فى تقرير العفو الدولية حول إسرائيل ؟ من أن إسرائيل تمارس سياسة ممنهجة للحفاظ على هيمنة السكان اليهود وأن قانون الدولة القومية ومايجرى فى الشيخ جراح وسياسة التهويد وحرمان العائلات من حق لم الشمل …. هو الأبار تهيد بعينه وأن إسرائيل هى أكبر محفز لمعاداة السامية فى العالم

ثالثاً- رؤية مستقبلية حول أهمية تقرير منظمة العفو الدولية للانتصار للشرعية الدولية.

إن التقارير الدولية الحقوقية وآخرها تقرير الأول من فبراير 2022م والصادر من منظمة العفو الدولية وغيرها من التقارير الصادرة عن هيومن رايتس ووتشن وتقرير منظمة بيتسليم الإسرائيلية والتى تصب فى حقيقة واحدة مؤكدة وهى أن اسرائيل نظام الفصل العنصرى (الأبار تهايد) ضد الفلسطينين والذى يتمتع بطابع مؤسسي حيث تشارك فيه كل مؤسسات الدولة القضائية والتشريعية والتنفيذية ومن هنا فإن الآليات الدولية الحالية لمواجهتها لم تعد تكفى وأن الإدانات الشكلية للفصل العنصرى الإسرائيلى غير مؤثرة لردع إسرائيل عن ممارساتها العدوانية فى الأراضى المحتلة.

ورغم ذلك تكمن أهمية تقرير منظمة العفو الدولية الأخير فى أنه ينزع الشرعية الدولية عن دولة الاحتلال ولعل هذا ما يفسر الغضب الشديد من الحكومة الإسرائيلية من صدور هذا التقرير ويتهمون التقرير بالتحيز ومعاداة السامية، إضافة إلى أن هذا التقرير يمثل حافزاً قوياً لوقف أى تنسيق أمنى بين جيش الإحتلال والسلطة الفلسطينية مستقبلاً ويعتبر وثيقة حقوقية علمية موثقة لإدانة قادة إسرائيل على جرائمهم أمام المحكمة الجنائية الدولية وكذلك أمام المحاكم المختصة.

 

 

كما أن هذا التقرير وما يكشف فيه عن الوجه البشع للاحتلال ستكون حافزاً لحملة المقاطعة الدولية ودافعاً لوقف قطار التطبيع فوراً مع دولة الإحتلال التى تمارس الفصل العنصرى ضد الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى