مقالات

لحن الوفاء !! (بقلم: إسماعيل محمد- مصر)

  ‏لو يُدرِك الإنسان أنّهُ يرتقي بقَدر ما يدفع غيره للارتقاء، ويُرزَق بقَدر ما يكون سببًا لرِزق غيره، وتهطل عليه الخيرات عندما يكون مفتاحًا للخير، وتطرق السعادة أبواب قلبه عندما لا يشحّ بها على غيره؛ ذلك أن في الحياة قانون للوفاء: (مَن يُعطِي بصدق يعود إليه العطاء).

في الهيئة الاجتماعية كثيرون من رجال الخير يعملون من وراء ستار، ويضمرون -في أنفسهم- آراءهم ومشاريعهم الخيرية ويكتمونها؛ لأن القلب الطيب الذي يتصباه حبُّ الإحسان والعمل الصالح يرى سروره في الكتمان، والاحتفاظ على الخلة الحميدة، كأنه يخشى أن تؤثِّر فيها الإذاعة تأثيرًا سيئًا، ويرى اغتباطه بالكتمان أكثر من شغفه بالعمل نفسِه، فلا يقف على ما يجول بخاطره إلا الله.

وكلما حرص على هذا المبدأ افتتن به، وتجددت قواه للدأب والمثابرة، فإذا أهمله وانخدع مأخوذًا بالمجد الباطل، والظهور الكاذب زالت هذه الخاصية، ومات في قلبه السرور الذي ألفه واعتاده، وقلَّت قيمة عمله حتى في عينيه.

إن الظهور يكلف الإنسان عناءً وجهدًا، ويأخذ ثمنه الباهظ من قدر العمل، وقدر الإنسان في نظر نفسه، ويَنتج من ذلك أن تكون قيمته الحقيقية أقل بكثير مما يلوح للناس ويذاع عنه.. أما مَن لا يريد بعمله غير القيام بالواجب وإرضاء الله والضمير فإنَّه ينال أجره كاملًا ثوابًا من الخالق، وسرورًا نفسيًّا لا يعرف لذَّته غير من ألفوه وشعروا به، فإذا ما أرادوا أن يُعربوا عنه قلَّتْ قيمته وزال عبيره.

‏تستوقفني ملامحُ الحياة النابضة في الحياة، لمعة الشغف في عيون المنطلقين لبداية جديدة، بهجة البشرى حين تهطل بعد طول انتظار، حماسة التخطيط لأمر محبوب ومرغوب، تأسرني تلك التفاصيل، أتأمّلها بحُبّ، وأسألُ الله دومًا أن لا تنطفئ شمعةً مُتّقدة، وأن لا تُسلَب فرحةً وليدة. ‏إلى حيث يرتاح قلبك، وتطمئن نفسك، وتأنس روحك، ينبغي أن تُيَمِّم وجهك، وتكون وجهتك، إنّ هذه الحياة نعمة عظيمة بين يديك، وُهِبتَ إيّاها، فما أنت فاعِلٌ بها؟ هنيئًا لمَن أدرَك ذلك مُبكّرًا، وعرَف سُبُل النعيم في العاجِل والآجِل فيها فسلكها، وتجنّب ما سواها..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى