ملفات
التوظيف الإسرائيلي للحرب الأوكرانية- الروسية!! (بقلم: علي الحاروني- مصر)
على الرغم من أن اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية كان يبدو في غير صالح إسرائيل بسبب الخيارات السياسية التى فرضتها عليها، فإن إستمرار هذه الحرب يمكن أن يشكل مصلحة لتل أبيب، في ظل حاجتها لدراسة خياراتها المستقبلية، سواء نجحت المحاولات الدبلوماسية في إنهاء الحرب، أو انتهت بتوقف روسيا عند حدود معينة تؤدي إلى تقسيم أوكرانيا إلى دولتين.
ويبدو أن إسرائيل ومعها معظم دول العالم قد باتوا مقتنعين بأن الحلول الدبلوماسية لن تنجح بين روسيا وأوكرانيا، وأن العقوبات الغربية – الأمريكية على روسيا ستتزايد، وأن التوتر الشديد بين موسكو وواشنطن وحلفائها سيستمر لفترة طويلة، مع احتمال الصدام بين روسيا وإسرائيل في الملفين السورى والإيرانى خاصة مع الالتزام الإسرائيلي بالعقوبات الأمريكية- الأوروبية.
أولاً- دوافع التوظيف الإسرائيلى للحرب الأوكرانية لصالحها:
كل ذلك ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية سيحقق السيناريو الأفضل والمصلحة الكبرى لإسرائيل وذلك لعدة أسباب منها:
منع الفلسطينيين فى التفكير فى تفجير الأوضاع القائمة وخاصة من قبل حركتى حماس والجهاد الإسلامى بسبب الحرب الأوكرانية التى جذبت العالم بأسره خاصة فى ظل العديد من التقارير الإسرائيلية مثل الحرب الأوكرانية والتى حذرت من إمكانية نشوب حرب بين إسرائيل وحركتى حماس والجهاد الإسلامى على خلفية التوتر المستمر بين عرب الداخل الإسرائيلى وسكان القدس الشرقية من جانب وقوات الأمن الإسرائيلى من جانب آخر.
وبمعنى آخر لن يغامر الفلسطينيون بالتصعيد مع إسرائيل لأن إستمرار الحرب الأوكرانية سيقلص تماماً إهتمام العالم بأية نزاعات صغيرة قد تنفجر فى هذه الفترة، ما يمنح تل أبيب الفرصة للرد على أى تصعيد بشكل غير مسبوق من دون خشية من أية إدانات دولية قوية ومؤثرة كما كان يحدث فى الماضى.
إفشال تحركات بعض المنظمات غير الحكومية الدولية ضد إسرائيل ومحاولة عزلها فى ظل ممارستها ضد الفلسطينيين بعد أن تتحول الأنظار إلى المأساة الأوكرانية الحالية إذ سيتركز التناول الإعلامى فى الغرب لسنوات على أزمة الدمار ومأساة ملايين اللاجئين الأوكرانيين بعد إنتهاء الحرب الحالية وستحاول إسرائيل أيضاً الترويج لدورها فى تقديم المساعدات الإنسانية لأوكرانيا لتحسين صورتها أمام العالم.
الإستفادة من هجرة اليهود إلى إسرائيل والتى سيتزايد أعدادها مع إستمرار الحرب الأوكرانية – الروسية؛ فعلى الرغم أن الطائفة اليهودية الأوكرانية لا تزيد على 40 ألف مواطن إلا أن الهجرة الجماعية لهذه الطائفة إلى إسرائيل سينعش عمل الوكالة اليهودية والجماعات الإستيطانية فى إسرائيل خاصة وأن الهجرة لا تقتصر على هذه الطائفة وحدها، بل يمكن أن تفكر طوائف أخرى كبيرة فى بعض دول أوروبا القريبة من أوكرانيا فى الهجرة أيضاً فى ظل المخاوف من تمدد الحرب إلى هذه البلدان
ثانياً- سبل وآليات إسرائيل لتحقيق مناسب من الحرب الروسية – الأوكرانية.
ومن أجل تحقيق تلك المكاسب تحاول إسرائيل تبنى العديد من الآليات وبرامج عمل ومن أهمها:
توزيع الأدوار بين القادة الإسرائيليين لتبنى موقف موحد إسرائيلى تجاه الحرب الأوكرانية- الروسية ومحاولة القيام بدور الوسيط المعتدل فى تلك الأزمة.
إظهار نوع من الإنحياز النسبى للموقف الأمريكى والغربى وتحمل غضب روسيا مؤقتاً على أساس أن الإجراءات العقابية لإسرائيل من جانب موسكو ستتأجل حتماً طالما إستمرت حربها داخل أوكرانيا ، بمعنى أن روسيا لن تبادر إلى مواجهة إسرائيل فى سوريا ولن تقوم بدعم إيران فى ملفها النووى فى ظل إنشغالها بالحرب الأوكرانية.
السعى الإسرائيلى من جهة أخرى إلى الإستمرار فى تكثيف الإتصالات مع روسيا وأوكرانيا وتصويرها على أنها جهود للوساطة بينما الواقع أن إسرائيل تستهدف فقط كسب مكانة دولية وتخفيض التوترات مع أطراف الأزمة جميعها ( روسيا وأوكرانيا والغرب).