إذا المَـــرْءُ رَبّـاهُ المُـــرَبّي فَـأفْــسَدا || فَــهَــيْهـاتَ أنْ يَنْسى الـذي قـــد تعَــوَّدا
وَيَنْمو الفَتى جِسْماً وَعَـقْلاً وَمَــذْهَـباً || على الشَّرِّ، أوْ يَنْمو عَلى الخَيْرِ وَالهُدى
وَما المَـرْءُ إِلّا نَخْـلَةٌ تـمَّ غَــرْسُـهـا || نَمــا مُسْـتـقــيـمــاً جِـــذْعُــهــا أوْ تَــأوَّدا
وَأَفْدَحُ ما في الكَوْنِ غَرْسٌ نَما عَلى || غِــــذاءٍ وَمـــاءٍ آسِـنِ الـطَّــعْـــمِ أسْــوَدا
وَكَـمْ مِنْ شُـجَـيْراتٍ تَـروقُ لِـنـاظِـرٍ || وَلكـنَّ في أثْـمــــارِهــا السُّــمَّ وَالـــرَّدى
كَــذا كُـلُّ جــيـلٍ راجِــعٌ لِأُرومَــــةٍ || وَمَـــوْروثُـهـــا بـاقٍ بَـقــــاءً مُــــؤبَّــــدا
فَـلنْ تَلِـدَ الأفْـعى سِوى مِثْلِ جِـنْسِها || وَلَـــنْ يَــلِــــدَ الإنْسـانُ إلا المُـــحَـــــدّدا
وَهــا هِيَ أجْـيالُ اليَـهـودِ تَــوارَثَـتْ || مِنَ الشَّرِّ مَــوْروثاً عَــلى الدَّهْـرِ سَرْمَـدا
تَأَصَّـلَ فـيـهِـمْ فِـطْــرَةً وَرَضـاعَـــةً || وَفي كُـلِّ شِـــرْيـانٍ سَــرى مُـتَـــجَــــدِّدا
سُـلالَـةُ سـوءٍ سُــمُّـهـا مُــتَــوارَثٌ || وَأَصْـبَـحَ مَعْــروفـــاً يَقـــيـنــاً مُــؤَكَّــــدا
يُؤَكِّـدُهُ التـاريخُ وَالــواقِـــعُ الــــذي || نَــراهُ وَنَــرْوي وَصْـفَـــهُ مِـثْـلَـمــا بَــــدا
وَأَذْكَـتْهُ صُهْـيونِيَّـةٌ كُـلُّ هَــمِّـــــهـــــا اغْــتِـصــابٌ وَإِجْـــرامٌ وَأنْ تَـتَـــمَــــدَّدا
يُريدونَ قَـهْـر النّاسِ في كُـلِّ بُقْـعَــةٍ || لِأَنَّ جَـمــيعَ الناسِ في شَرْعِـهِــمْ عِــدى
فِـلَسْطينُ أرْضٌ شَـعْـبُـهـا كانَ آمِــناً || وَيَحْــيـا بِأَرْضِ الحُــبِّ والسَّـلْــمِ سَـيِّــدا
وَفـيهـا تَلاقى الأنْـبـيـاءُ جَــمـيـعُـهُـمْ || وَقـدْ حَـضَنَـتْ مــوسى وَعيسى وَأحْمَـدا
وَلمْ تَـنْــفِ مِنْ أبْـنـائِـهـا أيَّ واحِـــدٍ || تَنَــصَّــرَ فــيــهــا راضِـيــاً أوْ تَـهَــــوَّدا
فَــماذا جَنَـوْا كيْ يَسْتَـبـيـحَ دِمـاءَهُـمْ|| صَهــايِـنَـةٌ هُــمْ أَرْذّلُ الخَـلْـقِ مَـحْــتِـدا
تَـنـادَوْا إلى الشَّرِّ الـوَبـيــلِ تَسوقُـهُـمْ || مَـطـامِـعُـهُـمْ ظُـلْـمــاً وَبَـغْــيـاً مُـجَــرَّدا
فَـمِــنْ كُـلِّ أفّـــاقٍ وَلِــصٍّ وَفـــاسِـــدٍ || إِلى كُــــلِّ وَغْـــــــدٍ بـالسِّــــلاحِ تَـزَوَّدا
وَمِــنْ كُـلِّ سَـفّـاحٍ أتى مُــتَـعَــطِّـشــاً || إلى الــدَّمِ يَسْـعى بـاغِـــيـاً مُــتَــوَعِّـــدا
فَلا هُــوَ يُصْغي لِلضَّـمـيـرِ وَصَـوْتِــهِ || وَلا هُــــوَ بِالأخْـــلاقِ يَـوْمــــاً تَـقَــــيَّـدا
************
لـكَ اللهُ يا شَعْـباً تَشَــبَّـثَ بِالحِــمــــى|| وَضَحَّـــى بِأَرْواحٍ وَجــاهَـــدَ وَافْـــتَـدى:
(أَلا أيُّـهـا العُــرْبُ الكِـرامُ تـنَـبَّـهـــوا || فَــأنْـتــمْ وَرائـي دَوْرُكُــمْ قـــادِمٌ غَـــــدا
فـهــيّــا أَعـيــنـوني تٌعـينوا نُفوسَكُــمْ) || يُـنـادي، وَلكـنْ قَــلَّ مَـنْ يَسْـمَـعُ الـنِّـــدا
لِأَنَّ مِـنَ الأَعْـــرابِ أشْــيـاخَ ضِـلَّـــةٍ || تَـأبَّى عَـلــيْـهِــمْ أنْ يُـعــانَ وَيُعْـــضَـــدا
يَسـيرونَ في دَرْبِ التّـواطُــؤِ خـفْـيـَةً || وَكَـــمْ وَعَـــــدوهُ أنْ يَـكـــونَ مُــــؤَيَّـــدا
مَــواعـيدَ عُـرْقــوبٍ تَجــدَّدَ ذِكْــرُهــا || أَلا ســاءَ عُــرْقــوبٌ ضَمـيراً وَمَـوْعِــدا
تَـمــادَوْا فَـباعــوهُ لِقــاءَ عُــروشِـهِــمْ || وَباعـوا فِـلَسْطـيـناً (وَقُــدْساً وَمَسْــجِـدا)
وَكَـيْـفَ تَنـاسَـوْا ديــنَــهُــمْ وَنَـبِــيَّـهُــمْ || وَتاريـخَ أَجْــــدادٍ مِـنَ الـمـجْــدِ أَمْجَـــدا
يَـبـيـعـونَ أغْـلى ما لَدَيْـهِـمْ لِيَكْـسِبـوا || مِـنَ الــذُّلِّ وَالسُّـحْــتِ مــالاً مُــجَـــمَّــدا
إذا هَــلَكــوا فَالْمــالُ يَبْـقى، وَعارُهُمْ || يرافِـقُـهُـــمْ وَصْمــاً وَخِــزْياً مُـــخَــلَّـــدا
وَلَـنْ يُنْـقِـذّ السُّلْطـانُ وَالمـالُ خـائِـنـاً || يُــبَــــدِّلُ بِـاللهِ الصَّــهــــايِــنَ سَــــــيِّـدا
وَمَنْ يَلْـتَـمِـــسْ عِـنْدَ العَــدُوِّ مَعَــزَّةً || فَـلَـيْسَ يَـرى غَــيْـرَ المَــذَلَّــــةِ مَــــوْرِدا
فـِلَسْطـينُ شَعْـبٌ مِنْ جَـبابِرَة الوَرى || سَـيَـبْـقى لَهُــمْ نَـيْـلُ الشَّهـادّةِ مَــقْــصِــدا
مَضى شُهَــداءُ الحَـقِّ فـيهـا قَــوافِـلاً || وَمــا زالَ بُـرْكـانُ الـلَّـظــى مُــتَــوَقِّــــدا
وَما زالَــتِ الْأَرْتالُ تَشْـتـاقُ دَوْرَهــا || وَكُـــلُّ أَبِـــيٍّ قـــدْ أَتــى مُــتَــشَـــهِّـــــدا
يَقولُ اشْهَـدوا يا قَـوْمُ أنّي أنا الفِــدى || لِشَـعْـــبٍ عـــلى آلامِـــهِ قـــدْ تَـمَـــــرَّدا
فَـلا المَـوْتُ مَـرْهــوباً إِذا كانَ عِــزَّةً || وَلا العَـيْــشُ مَــرْغـوبـاً إذا كــانَ أَنْكــدا
وَلا الأَمَــلُ الـمَـعْـقــودُ يَخْــبـو أُوارُهُ || وَرَبُّ السَّـمــا أحْـيــاهُ فـيـنـا وَعَــــقَّـــدا
وَمـــا العُـمْـرُ إِلّا لَـمْـحَـــةٌ زَمَــنِـيَّـــةٌ || تَحــولُ سَـراباً أوْ تَــدومُ عَـلـى المَـــدى
فَـتُـبْـصِـرُهُ الأَجْـيالُ أجْــمَـلَ مَــعْـلَــمٍ || أَضـاءَ لــهـا دَرْبَ الـفَــــلاحِ وَأَرْشَــــدا
**************************
الشاعر حسن منصور ـ من المجموعة الرابعة عشرة (بدون عنوان) ص4