ملفات

التوأمة التعليمية بين العرب وإسرائيل.. أخطر أنواع التطبيع!!  (بقلم: علي الحاروني- مصر)

من التطبيع العربي ـ الإسرائيلي أو ما يسمى بـ(اتفاقات إبراهام) بمجالاته الدبلوماسية والسياسية والإقتصادية والزراعية والرياضية اقتحم التطبيع الإسرائيلي مجال التعليم بالإعلان يوم الجمعة الموافق 19 نوفمبر 2021 م عن مذكرة تفاهم بين الإمارات وإسرائيل في الشئون التعليمية، علاوة علي التطبيع التربوي بين البحرين والمغرب مع إسرائيل.

وفي قناعتي أن هذا النوع من التطبيع هو الأخطر علي كافة المستويات والأكثر تأثيراً علي مجتماعتنا العربية والإسلامية حيث نسف ونسخ الهوية العربية والإسلامية والذى لا يمكن إيقافه خاصة في ظل امتلاك اسرائيل كل ادوات القوة الإعلامية والالكترونية والتجسس الإلكتروني للوصول إلي أهدافها  هذا علاوة علي التميز الإسرائيلي التكنولوجي والتعليمي، وما تحظى به مدارسها وجامعاتها من مكانة مرتبة عالمية متقدمة فهل وقع التطبيع العربي في فخ التطبيع ؟  ما هي ملامحه وتداعياته وسبل مواجهته ؟ وهذا ما سنتعرف عليه عبر ثلاثة محاور رئيسية.

 

أولاً- ملامح التطبيع التعليمي مع إسرائيل:

وبلا شك فإن اتفاقية التطبيع التعليمي والتربوي الإسرائيلي ـ الإماراتي هي أكثر خطورة لما تشمله من مجالات التعليم العام والعالي والتقني والمهني بجانب تعزيز تبادل الزيارات الأكاديمية والطلابية بين الجانبين وفي ظل التربص الإسرائيلي وعقيدتها بتهويد المقدسات وسرقة الهوية وطمسها وإلغاء الذاكرة الفلسطينية العربية الإسلامية والمسيحية وفرض هيمنتها علي الأجيال الفلسطينية المتعاقبة أو ترحيلها أو تهجيرها.

 

ولم تكن الخطوة الأماراتية بتبادل البعثات الطلابية في مجال التعليم مع اسرائيل هي الأولي من نوعها بل سبقها قيام أبوظبي بإفتتاح معهد تعليمي اسرائيلي لتدريس اللغة العبرية ونشر ثقافة الإسرائليين علي أراضيها ودراسة الحقائق المتعلقة بالثقافة الإسرائيلية وبلغ الأمر مداه بإلتحاق طلبة إسرائليين للدراسة بجامعة بن زايد وسفر طلبة اماراتيين للدراسة في الجامعات  الاسرائيلية.

 إضافة إلي ذلك، انتهجت البحرين نفس المسار حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين مركز حمد للتعايش السلمي مع الجامعات العبرية في أواخر 2020 م والتي بموجبها سيتم العمل علي تبني ورعاية المركز لطلبة من الجامعة العبرية ممن سيتم اختيارهم للمشاركة في كرسي حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة سابينزا الإيطالية.

أما في المغرب فلقد اتفقت المغرب وإسرائيل علي إطلاق برامج لتبادل وتوأمة مدارس ثانوية إضافة إلي تبادل الطلاب وإجراء مسابقات تعليمية باللغتين العربية والعبرية في مدارس كلا البلدين.

 

ثانياً- دلالات خطورة وقوع التعليم العربى في فخ التطبيع:

وبلا شك فإن القيادة الإسرائيلية بكافة مؤسساتها تستهدف في المقام الأول من التطبيع التعليمى والتربوى المجتمعات والأديان العربية لتصحيح صورتها وتليين حدة خطاب الشارع العربي تجاهها والقبول بها جسماً طبيعياً ضمن هذه الجغرافيا التي تنكرها منذ 73عاماً ولعل هذا ما أكده نتنياهو سنيناً وأشار إلي أنه: (بدون اختراق الرأى العام العربي فإن السلام سيظل بارداً)

ولعل هذا الاستهداف الأسرائيلي للعقول العربية من خلال اتفاقيات التطبيع التربوي والتعليمي لهو خطوة علي طريق تغييب الوعي العربي بالقضايا العربية وأهمها قضية فلسطين وقضية القدس والأقصي والتهوين من خطورة المشروع الصهيوني في المنطقة وتطبيع وجوده، وفتح منافذ للإختراقات الثقافية وأهدافه التوسعية والقضاء علي المناعة الفكرية والثقافية والتربوية لأجيالنا والعربية والإسلامية وإجبارها علي التعايش مع المحتل والقبول بشروطه القمعية وأطماعه التوسعية.

 

 وبدلاً من أن تكون التربية والتعليم وسيلة لحماية الثقافة وتنمية الوعي بالمخاطر والتهديدات والتحديات التي تواجه المجتمعات العربية والاسلامية أصبحت عبر بوابة التطبيع التربوي أداة لتسهيل الغزو الفكري والثقافي وتوفير الشرعية لهدم حصوننا التربوية والثقافية والفكرية من الداخل.

 هذا في الوقت الذي يحتفظ به العدو الصهيوني بمناهجه العنصرية لدرجة أنها وصفت المملكة العربية السعودية بأنها دولة راعية للإرهاب الإسلامي تنفق أموالاً طائلة علي دعم التنظيمات الإسلامية المتطرفة.

ويستهدف التطبيع العلمي والتكنولوجي والثقافي مع إسرائيل إعاقة حركة التطور العلمي والثقافي للتعليم العربي وتشويه التاريخ العربي والإسلامي لإفقاد الطلاب الثقة في حضارتهم وتاريخهم وإذا نجح الإحتلال الإسرائيلي في ذلك ستصبح السوق الإسرائيلية ملاذاً للخريجيين والأيدي العاملة العربية.

ثالثاً- آليات وسبل المواجهة:

ومن هنا ونظراً لخطورة التطبيع التعليمي والتربوي والثقافي علي المناهج التعليمية العربية فإن علي الحكومات التدخل بسرعة للحفاظ علي الأسس العقائدية والفلسفة العربية والإسلامية التي ترتكز عليها مناهجنا التعليمية.

 كما يستلزم ذلك جهداً كبيراً من الأكاديميين والخبراء التربويين لتقييم المناهج بعد التطبيع ومحاولة الوقوف علي التغييرات التي حدثت وتقييم مدى خطورتها علي الثوابت العربية والإسلامية.

  وتظل هناك حاجة ملحة لتصميم مناهج بديلة تحافظ علي الهوية العربية والإسلامية في حال سقوط تعليمنا في فخ التطبيع .. إضافة إلي ذلك، لا بد من نشر ثقافة الوعي المضاد وإبراز الطابع العنصري للكيان الصهيوني في تعامله مع تلاميذ وطلاب الفلسطينيين والتعريف ببرامجها التعليمية المعادية للعرب والمسلمين.

ولعل هذه المواجهة هي دور كل أطياف المجتمع من أحزاب ونقابات وجمعيات، كما يجب أن تقوم النقابات التعليمية بدورها في دعوة الوزارات إلي الكف عن تعديل المناهج الدراسية والعبث بها، علاوة علي تدريس الأدبيات والوثائق والنصوص المعادية للكيان الصهيوني واليهود وفضح تاريخهم الدموي، كما يجب تعبئة الجامعات ومراكز البحوث لعدم التعاون مع المؤسسات الصهيونية علي المستوي المعرفي.

وفي هذا السياق، ينبغي تفعيل دور الأسرة لتنشئة وتربية الأجيال علي مركزية القضية الفلسطينية وقدسية القدس، مع تكثيف الإعلام لبرامجه وأنشطته الداعمة للقضية الفلسطينية ومقاومة التطبيع التعليمي أو التربوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى