لا تَظُـــنّـوا بأن قَــلــبـي تَلاشى || أوْ أضـاعَ الإِحْـساسَ، كلاّ وَحاشا
كـلَّما مَـرَّ طــيْفُــكـمْ في خــيالي || طــارَ شـوْقـاً معَ الحَنـينِ وَجـاشـا
يذْكُرُ العُــمْرَ والسِّنينَ الخَــوالي || كيفَ عشْـتُمْ على الكَـفافِ وَعاشا
كيفَ كانَ العــذابُ مُــرّاً ألـيمــاً || وَصَــمَـدْنا ومـا أَرَيْـنـا ارْتِعــاشـا
كمْ ظَــمِـئْـنا وكمْ أوَيْـنا خِـماصاً || وَنـرى الـكَـرْمَ حَــوْلَـنـا أعْــراشا
كيفَ ذُقْنا الحِرْمانَ والصَّبْرُ قد أزْهَــــقَ أرْواحَـــنـا وأبْقـى حُـشـاشا
قَـطَـراتٍ مِـنَ الحَـيـاةِ اسْتَمَـرَّتْ || وَشَـلاً لم يَكُـنْ لِـيُـرْوي عِـطـاشا
وسَـحــابـاً نـراهُ بُـشْرى وَلـكــنْ || لمْ يَجُــدْ بِالغُـــيـوثِ إلا طَـشاشـا
********
آهِ يا عُـمْـراً كالسَّـرابِ تلاشــى || وَفُــؤاداً إنْ شَــفَّـهُ الوَجْــدُ طاشـا
عاشَ حِـرْمانَـهُ وَما ضَـلَّ يَـوْماً || بلْ مَـعَ الفَــألِ والـرَّجـاءِ تَمـاشى
طـابَ سَـيْـراً بِـصَـبْـرِهِ والتَّـأنّي || رُغـــمَ أنَّ القــتـادَ كانَ الفِــراشـا
ويُـداوي جِــراحَـــــهُ بـِيَـــدَيْـــهِ || إِذْ تَـنِـزُّ الـدِّمــاءُ مِـنْهــا رَشاشــا
وتَـضـيقُ الحَــيــاةُ شـيْئاً فَـشيْـئا || وَيزيدُ العُـمْــرُ القَصـيـرُ انْكِماشا
إنَّمــا لا يَحْـنـي الأبِـيُّّ جَـبـيــنـاً || ويَزيدُ الإصْــرارُ فـيــهِ انْتِـعاشـا
وهْــوَ يَدْري بأنَّــهُ سوْفَ يَفْــنى || وبِأنَّ الخُـــلــودَ لـيـسَ مَــعــاشـا
وبـأنَّ الـحَــيـاةَ شَـيْءٌ رَخـيـصٌ || ليسَ فـيهـا مـا يَسْـتَحِــقُّ نِـقــاشا
إِذْ تُـذِلُّ الكَـريـمَ قَـهْـراً وَرُغْـمـاً || وَتُــعِـــزُّ الـلّــئــيــمَ والـغَـشّـاشـا
تَرْفَـعُ السّاقِـطاتِ وَالمُسْــتَـبِـدّيــــــنَ وَمَــنْ كانَ فـاسِــقــاً حَــشّاشــا
ويكـونُ العَـفـيــفُ فيهـا غَـريـباً || لا يُـدانـي الـــرِّعـاعَ والأَوْبــاشا
ويَـرى أنْ يَعــيشَ عـنْها بَعـيـدا || بِضَـمــيرٍ عَـنِ القـبـيــحِ تَحـاشى
وَيَـمــــوتُ الأَبِـيُّ وهْــــوَ أبِــيٌّ || لـمْ يَكُــنْ قَـمّـــامــاً ولا قَــشّاشـا
نخْـلَــةٌ جَـفَّـتْ وهْيَ باسِـقَــةٌ لـمْ || تَحْـنِ رَأساً وَلــمْ تَـهُــنْ إعْـراشا
هذه الدّنْيا مــومِـسٌ ذاتُ عُـهْــرٍ || عَـفَّـنَـتْ وهْـيَ ترْتَـدي الأرْياشا
هكذا شأنُها، وَحَسْـبُكَ مِنْ دنْــــــــــيا لِـئـامٍ تَجَـــمَّــعـــوا أحْــــباشـا
فَـأَجِــرْنا يا رَبِّ مـنهـا ومِـنْـهُـم || لا تَـدَعْ في حَــيـاتِـنــا إِفْـحـاشــا
******************************
الشاعر حسن منصور
[من المجموعة الثانية عشرة، ديوان (عندما تنكسر الدائرة)]