د.عبلة عبد اللطيف: الانبعاثات الكربونية أهم تحد وضرورة بناء موقف أفريقى موحد
سالم عبد الغني
بدأ العد التنازلي لانعقاد قمة الأمم المتحدة للمناخ Cop27، التي ستستضيفها مدينة شرم الشيخ بداية من 6 ، حتى الـ 18 نوفمبر المقبل.. وتعمل مصر جاهدة على جعل المؤتمر “نقطة تحول جذرية في جهود المناخ الدولية بالتنسيق مع جميع الأطراف لصالح إفريقيا والعالم بأسره تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي.
وتتجه الأنظار نحو هذه القمة، التي يشارك فيها قادة العالم، ومسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، كما يحضره آلاف النشطاء المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم.
ويعد المؤتمر جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها معظم دول العالم بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ.
وقد بحث خبراء دوليون ومصريون جميع استعدادات مصر لقمة المناخ بشرم الشيخ في نوفمبر المقبل من خلال طرح جميع القضايا وبحث الاولويات لتقليل التداعيات السلبية لتغير المناخ.. وشدد الخبراء من خلال مؤتمرات عديدة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية لبحث ابعاد قضية تغير المناخ ؛على أهمية استخدام الطاقة الشمسية الهائلة والتى تعد أكبر كمية طاقة شمسية فى العالم، مؤكدين علي أن الدول يمكنها الربط فيما بينها من خلال ممرات التنمية، حيث يجب أن تكون ممرات التنمية فى كل مكان فى أفريقيا.
وقال الخبراء إن خطط الاستعداد للتكيف مع تغير المناخ لا تناسب جميع الدول، ويمثل إعداد هذه الخطط تحديا لكافة الدول النامية، بالإضافة إلى اختلاف مستوى التنمية فى الدول الأفريقية وهو ما يجعل استعداد كل دولة للتكيف مع تغير المناخ مختلفا، وتعد التحديات التي تواجه القارة الأفريقية مجتمعة تفوق ما تواجهه كل دولة على حده، وهو ما يتطلب إعداد هذه الخطط بصورة شاملة ومناسبة للجميع.
وحذر الخبراء من أن أكثر الفئات التى ستتضرر من التغيرات المناخية هم المزارعين خاصة الصغار والسيدات فى هذه الأسر، حيث يعمل نحو 25 – 50% من الكثافة السكانية بالدول النامية فى الزراعة، وهو ما يتطلب العمل على تقليل الأضرار على هذه الفئات.
وشدد الخبراء على أهمية وضع الدول لقضية التغير المناخى على رأس أولويات خطط التنمية، وتوفير الموارد المالية الذاتية لتنفيذ هذه الخطط، بالإضافة إلى حشد دعم المنظمات الدولية لدول القارة الأفريقية لتوفير التمويل اللازم لتمويل خطط التكيف مثلما يحدث فى أوروبا.
وحذر د.محمود محي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لتمويل أهداف التنمية المستدامة 2030 من أن عدم وفاء الدول الكبرى بتعهداتها بتقديم 100 مليار دولار سنويا للدول النامية والفقيرة لمجابهة التغير المناخي، قد يضاعف من مساهمتها في إنتاج الانبعاثات الضارة التي تبلغ حاليا 3% من إجمالي الانبعاثات العالمي
ودعا محي الدين، إلى ضرورة تبنى المنهجية الشمولية فى التعامل مع القضية، لأن قضايا التغير المناخى لابد أن تنعكس على تدهور الأحوال الاجتماعية وتأثيرات سلبية على سوق العمل، وهو ما يتطلب تطبيق المنهج الشمولى فى أجندة مؤتمر المناخ، مشددا على أهمية تصميم أجندة تمويل أكثر تماسكا للقضايا المناخية سعيا لتحقيق هدف خفض الانبعاثات الكربونية بمستوى أعلى من 5.6%.
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة شئون البيئة، أن قطاع الزراعة يأتى على قمة أولويات الحكومة المصرية فى مؤتمر المناخ القادم.
وطالبت وزيرة البيئة بضرورة تدخل القطاع الصناعى لتوفير التمويل اللازم لتقليل الأثر على قطاع الزراعة ورفع إنتاجية المحاصيل الزراعية عالية الجودة المستخدمة فى عمليات الصناعة، وهو ما يوفر تمويلا لصغار المزارعين والدولة، لافتة إلى أن مصر لديها استراتيجية قومية للتغيرات المناخية بالإضافة إلى أهداف التنمية المستدامة فى أجندة 2030، مؤكدة أن مصر ترغب فى أن تقدم لأفريقيا الغذاء والطاقة والمياه بشكل مستدام، مطالبة بالتركيز على البحث العلمى لاختيار أنواع المحاصيل الجديدة التى يمكن أن تفيدنا فى المستقبل..
من جانبها، قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن القضية الأساسية تتمثل فى الانبعاثات الكربونية، وتحديد الأولويات، وأشارت إلى تحد إضافى يتمثل فى التحدى القادم من المجتمع الدولى بشأن تمويل التعويضات وتفاقم الديون، لافتة إلى أن قارة أفريقيا ليست مسئولة سوى عن 3% فقط من الانبعاثات الكربونية، فى مقابل 40% من الانبعاثات تسببت بها قارة أوروبا، ورغم ذلك فإن أفريقيا هى الأكثر تضررا من تأثير هذه الانبعاثات، وهو ما يجب أن يترجم فى صورة تمويل لتعويض هذه الأضرار، وهو الأمر الذي يجب أن يحظى بنقاش واسع فى مؤتمر المناخ القادم الذى ينعقد خلال 26 يوما من الآن.
وأشارت إلى أن التمويل المخصص لمواجهة المناخ بقيمة 100 مليار دولار قد يكون نقطة فى بحر مما نحتاجه، وهو ما يجب التفاوض حوله لتعويض الدول النامية عما لحق بها من أضرار نتيجة الانبعاثات التى تسببت بها الدول المتقدمة.
وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، أن مؤتمر COP27 يمثل صوت أفريقيا، وما يقوم به المركز من خلال عقد سلسلة الندوات المتخصصة بقضايا المناخ، هو السعى نحو بناء موقف أفريقى موحد وإيصال صوت القارة، حيث تم مناقشة قضايا تمويل المناخ وتأثير التغيرات المناخية على صغار المزارعين، وكيف تعمل أسواق الكربون وكيف يمكن لدول القارة الاستفادة منها، وفى هذه الندوة يتم مناقشة موضوع أجهزة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، حيث ينجم عن هذه الكوارث خسائر بشرية كبيرة فى أفريقيا، خاصة فى ظل ارتفاع نسب الفقر وهو ما يجعل الأمر أكثر كارثية فى القارة، حيث يمكن تبنى أنظمة خاصة للإنذار المبكر وآليات لبناء هذه الأنظمة من أجل الحفاظ على أرواح البشر.
ويشير بعض الخبراء إلى أنه من المتوقع أن يقفز عدد الأشخاص تحت خط الفقر المدقع بحلول عام 2030 إلى نحو 132 مليون شخص نتيجة تأثير التغيرات المناخية، لافتا إلى توقع تأثيرات وخيمة على الدول الأفريقية، وهو ما يتطلب تحقيق مزيد من النمو والتنمية ما بين عامى 2040 و 2050 لمواجهة ما يعانيه الأشخاص من فقر وهشاشة، وهنا يجب أن تكون التنمية شاملة خاصة فى المجتمعات الريفية، وهو ما يصب فى صالح المرونة والتكيف مع التغيرات المناخية.
وأوضحوا أن التنمية عنصر مهم فى مواجهة أثر التغيرات المناخية على الشعوب، ويجب بناء شبكة من البنية التحتية وتغيير طريقة تصميم المبانى والطرق، والاستثمار فى النقل، والاستثمار فى الطاقة المتجددة، ومحاولة الاستفادة من التكنولوجيا فى خلق حلول للمشكلات وتقليل تكلفة الطاقة النظيفة، لتحقيق التكيف مع التغيرات المناخية، وهو ما يصب فى النهاية لصالح المؤشرات الاقتصادية.