مقالاتمميز

حوار مجلس حكماء المسلمين بالبحرين.. رؤية مستقبلية للحوار بين الشرق والغرب

 بقلم: علي الحاروني:

شهد اجتماع مجلس حكماء المسلمين الدوري الـ 16 والذي عُقد في مملكة البحرين في الفترة من 3-4 نوفمبر 2022 م حواراً هادفاً بين أعضاء مجلس حكماء المسلمين وكبار رجال الدين بالكنيسة الكاثوليكية وذلك بمشاركة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ، ورئيس مجلس حكماء المسلمين وقداسه البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وذلك لمناقشة القضايا والتحديات العالمية التي تواجه العالم أجمع في قرنه الحادي والعشرين ومن أهمها قضية المناخ ودور قادة ورموز الأديان في معالجتها بالإضافة إلي تعزيز الحوار الإسلامي المسيحي ودعم مبادرات حوار الأديان.

أولا- دور مجلس الحكماء في تحقيق المواطنة والتعايش الإنساني:

–       ومجلس الحكماء هو هيئة دولية تأسست في عام 2014 في أبو ظبي بهدف المساهمة في تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية وكسر حدة الإضطرابات والحروب والصراعات والعمل علي نشر وتعزيز قيم الحوار والتسامح والسلام والتعايش الإنساني حتي كان نتاج ذلك كله في فبراير 2019 م حيث شهدت الإمارات إعلان وثيقة الإخوة الإنسانية التاريخية المشتركة بين الأزهر والفاتيكان مما حدا بالأمم المتحدة أن تعلن يوم توقيع هذه الوثيقة يوما عالميا للأخوة الإنسانية.

 

– وعقد مجلس الحكماء عديد المؤتمرات والندوات الدولية لتعزيز قيم الخير والمحبة والسلام ومن أبرزها الندوة الدولية حول دور الأديان في نشر السلام ونبذ العنف والكراهية عام 2016 م والمؤتمر الدولي ” الحرية والمواطنة …. تنوع وتكامل عام 2017م.

– كما أطلق مجلس الحكماء منتدى شباب صناع السلام التقي خلاله مجموعة مختارة من نخبة الشباب أصحاب المبادرات الخلاقة لتعزيز الحوار بين الشرق والغرب.

– إضافة إلي ذلك، أطلق مجلس حكماء المسلمين عام 2015 م مشروع (قوافل السلام)، بتنظيم أنشطة علمية وفكرية مكثفة بالتعاون مع المؤسسات الدينية والأكاديمية والتجمعات الشبابية في العديد من الدول الإسلامية وغير الإسلامية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وايطاليا وأسبانيا وباكستان وتشاد وكينيا وكولومبيا وجنوب أفريقيا وأفريقيا الوسطي وغيرها.

 

– إلي جانب إنشاء دار الحكماء للنشر ومركز الحكماء والبحوث والسلام في أكتوبر 2020م ووثيقة أبو ظبي التاريخية للإخوة الإنسانية وهي الوثيقة الأهم في التاريخ الإنساني الحديث والتي عقدت فى فبراير2019م وشملت علي العديد من المبادئ التى تحث على نشر التسامح والتعايش السلمى ودعوة صناع القرار العالمي والمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين في كل مكان لإعادة اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والعيش المشترك.

وقد لاقت الوثيقة احتفاءاً عالميا حيث تم اعتماد يوم توقيع الوثيقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة يوما دوليا للأخوة الإنسانية كما اعتمدت الوثيقة في عدد من المناهج الدراسية في كبري المؤسسات التعليمية حول العالم ومنها جامعة جورج تاون ودولة تيمور الشرقية التي أعلنت الوثيقة أيضا دستورا وطنيا للبلاد في مايو 2022م.

– هذا مع ترشيد مجلس حكماء المسلمين للعديد من المكاتب الخارجية في كل من إندونيسيا وماليزيا وباكستان بهدف تفعيل دور المجلس في تحقيق السلم والتعايش والهوية والمواطنة ومن المقرر أن يشهد عام 2023 م افتتاح المزيد من فروع المجلس حول العالم في ايطاليا والسنغال وكازاخستان والهند وغيرها.

ثانياً- مدونة العشرين.. إعلام من أجل الأخوة الإنسانية: 

– في ظل الممارسات الإعلامية التي تثير النزاعات والفتن والكراهية والتمييز وتكرس الابتعاد عن المعايير الأخلاقية والقانونية فلقد أصدر مجلس حكماء المسلمين مدونة العشرين والتي اشتملت علي 20 بنداً ركزت علي أهمية دوراً لإعلام في تعزيز قيم التعايش والتسامح ونبذ خطابات التعصب والكراهية والتطرف والإرهاب.

– وتعمل المدونة علي تقديم برامج عمل وسلوكيات مهنية وإعلامية عربية ودولية لتمثل ميثاق شرف يلتزم به الجميع أخلاقيا ولضبط الممارسات المهنية والتأكيد علي أهمية نشر ثقافة الأخوة الإنسانية .

ثالثاً- ملتقي البحرين للحوار ورؤية مستقبلية للتعايش السلمي:

– لقد عقد ملتقي البحرين بالمنامة يومي 3 ، 4 نوفمبر 2022 بحضور شيخ الأزهر ورئيس مجلس الحكماء وبابا الكنيسة الكاثولوكية وحضور 200 شخصية من رموز وقادة وممثلي الأديان حول العالم إضافة إلي شخصيات إعلامية وفكرية بارزة .

– وتعد قمة البحرين هي القمة التاسعة بين الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان في ست سنوات بداية من مؤتمر الأديان العالمي في مايو 2016 بألمانيا ومروراً بمؤتمر السلام العالمي بالقاهرة في أبريل 2017م حتي وصل الأمر إلي المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية بكازاخستان في سبتمبر 2022م حتي وصلنا إلي ملتقي البحرين للحوار في نوفمبر 2022م والذي يمثل رسالة سلام للعالم في ظل ما تعانيه البشرية من تحديات تتطلب توحيداً للجهود الصادقة لمواجهتها.

– وبلا شك فإن ملتقي البحرين للحوار هو ضرورة من ضرورات التعايش الإنساني وقبول التنوع والاختلاف ورفض كل أشكال العنف والتمييز والعنصرية وقطع الطريق علي من يروج لمفاهيم مغلوطة أو مشوهة تؤدي إلي الإساءة لصورة الحوار الإسلامي- المسيحي ولعل هذا يعكس التأثير البارز والدور المتصاعد للمؤسسات الدينية في العالم من أجل نشر السلام وتحقيق التعايش بين أتباع الأديان حول العالم وتفضيل الحوار بين الشرق والغرب والانفتاح علي الآخر وسعياً للقضاء علي التطرف والإرهاب.

– والمؤكد أن الجهود التي حققها مجلس حكماء المسلمين والتقارب الواضح بين الأزهر والفاتيكان لهو فرصة لوأد الفتنة وفتح الحوار البناء لتجاوز العالم أزماته الحالية سواء ما تعلق منها بأزمة المناخ أو الغذاء أو المياه وتفعيل دور قادة وزعماء الأديان والمثقفين في الإسهام في حلها.

 

– وتماشياً مع ما توصل إليه ملتقي البحرين بالمنامة في الفترة من 3/4 نوفمبر 2022 م من توصيات وتعاليم مشتركة متسهم بلا شك في تحقيق ثقافة التسامح والتعايش بين الشعوب والتعاون ووضع الحلول للأزمات العالمية خاصة فيما يتعلق بالفقر والفقراء والأزمة الغذائية العالمية والبطالة وأزمات المياه والتغير المناخي.

 

– ولتكن وثيقة الأخوة الإنسانية والملتقيات الفكرية تحت رعاية مجلس حكماء المسلمين هي اللبنة الأولي لإحداث تغيير حقيقي في العالم وبمنزلة دستور عالمي يرسم للبشرية صورة للتضامن والتوحد العالمي لنبذ العنف والصراعات والطائفية في العالم أجمع ، وميثاق عالمي تتبناه الأمم المتحدة والدول لتحقيق الأمن والسلام العالمي والتنمية المستدامة في العالم ووقف التصعيد وإطفاء نيران الحروب واللجوء إلي موائد الحوار لحل الخلافات والنزاعات المحلية والدولية والتوجه نحو التعاون والعيش المشترك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى