شارع الصحافة- علي الحاروني:
في ظل احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للمهاجرين والذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام نجد الآلاف من المهاجرين يعانون أوضاعاً غير إنسانية تتعلق بسلامتهم وأمنهم الشخصي وحقوقهم الإنسانية والذي يقف خلفها أسبابا عدة تتراوح ما بين الحروب والنزاعات المسلحة والاحتباس الحراري والتمييز العنصري والديني ما يتطلب من المجتمع الدولي وخصوصا الدول الكبري المؤثرة في السياسات العالمية أن يقفوا بالمرصاد لأسباب تزايد معدلا الهجرة العالمية فضلاً عن تطبيق القوانين الدولية الخاصة بشئون اللاجئين والنازحين والمهاجرين.
لقد بلغ إجمالي عدد المهاجرين حول العالم 281 مليونا وهو ما يشكل 3.6% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الهجرة الدولية الأممية بزيادة أكثر من ثلاثة أضعاف عن إحصائية عام 1970م التي سجلت 84 مليون مهاجر ، منهم 146 مليونا من المهاجرين ذكور و135 مليونا من الإناث ، ويشكل عدد المهاجرين في قارتي أوروبا واسيا 61% من إجمالي المهاجرين في العالم؛ إذ وصل عددهم إلي نحو 87 مليونا في أوروبا و86 مليونا في آسيا.
وتحمل أمريكا الشمالية بعد أوروبا وآسيا في استضافة المهاجرين حيث تستضيف 9 و 20% من المهاجرين ويليها أفريقيا بـ 9% ثم أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
والهجرة ظاهرة عالمية ناجمة عن عوامل متعددة ومتنوعة ولها تداعياتها الايجابية والسلبية ولذا فمن الضرورة البحث عن آليات مواجهة تلك الظاهرة وهذا ما سنحاول التعرف عليها عبر ثلاثة مباحث رئيسة:
أولاً- دوافع وأسباب حول الهجرة الدولية:
تعد الهجرة ظاهرة عالمية وتنتج عن التطلع لحياة أفضل لصون الكرامة والإنسانية والحروب والصراعات والنزاعات والكوارث الطبيعية وتغير المناخ وكوفيد 19 والبراكين والفيضانات والزلازل او الهروب من الاضطهاد واليأس أو الحروب أو الجرائم والعنف ونقص الخدمات وانعدام الأمان والفقر ، إضافة إلي ان هناك عوامل معينة قد تكون جاذبة للهجرة مثل ارتفاع معدل التوظيف أو ارتفاع مستوي الدخل أو تقديم الخدمات المتطورة أو التمتع بالأمان والاستقرار السياسي وغيرها . كما أن الهجرة قد تكون أسبابها الزيادة السكانية والبطالة والضغط النفسي وحالات الاكتئاب والقلق لدي الشباب والانبهار بالحياة الغربية والحريات والصراعات العرقية.
ثانياً- سلبيات ومشاكل المهاجرين:
ولا شك أن مشاكل المهاجرين وتزايد أعدادهم لا تلقي بظلال سلبية علي البلدان الصناعية الغنية فحسب فهي تعني علي الجانب الآخر استنزاف العقول المبدعة في بلدانهم الأصلية وعدم الاستفادة من كفاءاتهم كما ينبغي في الدول التي هاجرو إليها ، إضافة إلي أن معظم المهاجرين تعاني من صعوبات كثيرة علي صعيد الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة وفي سوق العمل فيها.
وقد تتسبب الهجرة في خلق توترات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية في البلدان المهاجر إليها ويزيد من تعقيد الأمور ظاهرة التمييز ضد المهاجرين وأبنائهم بسبب زيادة حدة البطالة في هذه الدول، لذلك فإن الكثيرين منهم ينظرون إلي المهاجر أو أبنائه كمنافسين لهم في سوق العمل.
كما أن الهجرة لها آثار سلبية علي الدول المضيفة من حيث ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية والتعليمية والانفجار السكاني والاختلافات الثقافية والاجتماعية مع دفع أجور للمهاجرين أقل من أجور السكان الأصليين، هذا مع هجرة الأدمغة والعمالة الماهرة لصالح دول اخري وخفض مستوي الأيدي العاملة، هذا علي الرغم من تحقيق زيادة في معدلات النقد الأجنبي في الدولة الأم وارتفاع الطبقات الفقيرة الي طبقات متوسطة وخفض مستوي الفقر وتقليل البطالة.
ومصر تفخر باستضافتها 6 ملايين شخص ما بين مهاجر ولاجئ وتحرص علي توفير حياة كريمة لهم وكفالة حقوقهم وتعزيز إدماجهم في المجتمع المصري ليكونوا وسيلة لتحقيق التنمية في دول المصدر والمقصد وتسهم في تلاقي الحضارات والثقافات ما يؤدي إلي تعزيز التسامح ونشر ثقافة السلام وفهم وتقبل الآخر .
ثالثا- رؤية جديدة للتعامل مع ملف المهاجرين الدوليين:
ولا شك أن الهجرة ظاهرة عالمية وهو ما يفرض بالتالي انتهاج سياسة عالمية تشترك فيها الأسرة الددولية، خاصة في ظل تحديات الهجرة الدولية وصعوباتها وفي هذا السياق تقوم الأمم المتحدة بدور هام في هذا المجال خاصة فيما يتعلق بالمنتديات ودوائر النقاش والتفاعل داخل البلدان والأقاليم والدفع في اتجاه تبادل الخبرات والتعاون علاوة علي التزام الأمم المتحدة بدعم الهجرة الآمنة من خلال الاتفاقات الدولية لحماية اللاجئين والمتنقلين بين الحدود عامة وقد اعتمدت الأمم المتحدة الاتفاق العالمي للهجرة الأمنة والمنظمة والمنتظمة.
وفي هذا السياق، لابد من حل عالمي لمواجهة تحدي الهجرة الدولية بحل عالمي وما يعنيه من فتح أسواق الدول الصناعية أمام المنتجات الزراعية والحرفية للبلدان الفقيرة والنامية والعمل علي التنسيق بين الحكومات في جميع أنحاء العالم علي تعزيز التعاون والهجرة حماية للمهاجرين ومعالجة الأسباب للهجرة غير النظامية التي تعرض المهاجرين لعمليات تهريب خطيرة والاتجار بالبشر والوقوف بالمرصاد لذلك ودعم إعادة إدماج المهاجرين العائدين وتوسيع المساندات القانونية البديلة.
وينبغي العمل علي تشجيع الشباب علي المشاركة في الأمور السياسية وتوفير فرص عمل للشباب العاملين والخريجين وفتح أماكن لاستثمار كافة مؤهلات الشباب مثل الجمعيات والمؤسسات والنوادي الثقافية وفي هذا السياق يجب اغتنام فرصة مونديال قطر 2022 م للتذكير بأهمية الهجرة في مجال الرياضة وكيف نجمت دول الاستقبال في إدماج الموهوبين من كرة القدم من أبناء المهاجرين في فرقها الوطنية والدفاع عن تاريخها الوطني الكروي وحمل ألوانها الوطنية كفرنسا وأسبانيا وألمانيا وبلجيكا والبرتغال وكندا وهولندا وإنجلترا وغيرها مما سجل الكثير من المحليين أنه تعبير عن مجتمعات متعددة الثقافات.
كما استفادت دول الأصل من تجارب أبنائها في البطولات الأوروبية ومن بينها المغرب والسنغال وغانا ونيجيريا وغيرها لتبقي الرياضة إحدي النقط المضيئة في الهجرة بصفة عامة ونأمل أن يكون عام 2023م عام انجازات للمهاجرين واعلان البحر المتوسط ممراً للتبادل التجاري والاقتصادي والثقافي وليس مقبرة للمهاجرين.