ملفات

«الصكوك الإسلامية».. بين الفرص والتحديات والمستقبل! (علي الحاروني- مصر)

تمتلك «الصكوك الإسلامية» مميزات مالية متنكرة للدولة دون اللجوء للاقتراض وزيادة الدين العام، ما يجعلها تقوم بوظائفها الاقتصادية، وتمويل مشاريع البنية التحتية، وبناء المرافق الاقتصادية.

وقد أصدرت مصر مؤخراً صكوكاً سيادية لأول مرة في تاريخها بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل 3 سنوات حيث جذب الطرح الدولي طلبات قيمتها 6.1 مليارات دولار لتتجاوز نسبة التغطية 4 مرات كما أعلنت الدولة المصرية أنها تمتلك برنامجاً دولياً لإصدار صكوك دولية سيادية لعدة سنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار.

– فما أهمية الصكوك كإحدى وسائل التمويل الإسلامي ؟ وما الفرص والمميزات والتحديات ومتطلبات النجاح للصكوك الإسلامية ؟ هذا ما سنحاول التعرف عليه عبر مبحثين رئيسين علي النحو التالي:

أولاً- ماهية الصكوك وأهميتها ؟!

– الصكوك هي وسيلة تمويل إسلامية بمعني تلتزم بالمبادئ العامة للتمويل الإسلامي من حيث عدم التعامل بالفائدة وعدم جواز بيع الدين وعدم جواز الغرز والجهالة في المعاملات وقد تكون الصكوك صادرة من قبل جهات حكومية أو سيادية أو شبه سيادية، ولقد اعتمدت العديد من الدول مثل البحرين وماليزيا والسودان علي الصكوك للإلغاء بمتطلبات الدين العام وتحقيق أهداف السياسة العامة.

– فالصكوك تشكل إحدى الأدوات المالية الحدثية التي طورتها الدول كوسيلة تمويل بدلاً للأسهم والسندات من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية الكبيرة كإنشاء المطارات والجامعات والمجمعات السكنية والمشاريع الزراعية والصناعية وإنشاء الجسور ومن هنا سعت العديد من الدول إلي تطوير منظومتها المالية لجذب المستثمرين بإصدار قوانين خاصة بالصكوك بسوق الأوراق المالية وتطوير آليات عمل هذه القوانين.

– ووفقاً لتقرير مؤسسة ستاندر أند بورز بعنوان «التمويل الإسلامي 2022 – 2022 » فإن الصكوك هي إحدى وسائل التمويل الإسلامي والتي ستحقق نمواً إيجابياً حيث بلغ إجمالي نمواً حصول القطاع 10.2 % عام 2022 م خاصة مع ارتفاع أسعار النفط ولاسيما في دول الخليج العربي لقدرة الصكوك علي تحمل إضطرابات الأسواق المالية وارتفاع معدلات الفائدة وتستحوذ كلاً من ماليزيا والسعودية وإندونيسيا والإمارات وقطر وتركيا علي أكثر من 93 % من حصة الصكوك المتداولة عالمياً وتهيمن ماليزيا على سوق الصكوك حيث تستحوذ علي 60 % من إجمالي الصكوك المصدرة محلياً بقيمة تتجاوز 660 مليار دولار . وأخيراً أنا لصكوك الإسلامية لها دور إيجابي في تقوية الاقتصاد وخلق أسواق تداولية مع توسع المشاريع الاستثمارية وتوفير سيولة نقدية .

ثانياً- الصكوك الإسلامية بين الفرص والتحديات ومتطلبات التطوير والتفعيل:

– علي الرغم من المميزات والفرص التي تمنحها الصكوك الإسلامية والمتمثلة في إطلاق منتجات متوافقة مع المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات حيث من المتوقع زيادة إصدار الصكوك الخضراء والصكوك الرقمية بما قيمته 20 مليار دولار وإصدار ما يعرف لصكوك الذهب عبر استخدام الذهب في إصدار الصكوك مثل الخزانة التركية … إلا ان هناك تحديات تواجه الصكوك الإسلامية مثل انخفاض السيولة العالمية وتراجع الاحتياجات التمويلية لبعض الدول الإسلامية وحذر الشركات من الإنفاق الاستثماري خاصة بعد التكافئ البطيئ من كورونا وزيادة التعقيدات القانونية والتنظيمية خاصة المتعلقة بهيكلة الصكوك وافتقار بعض المنتجات إلى القدرة التنافسية وارتباط الأداء بأسعار النفط لتركز قطاع التمويل الإسلامي في البلدان المصدرة للنفط … الخ .

– إضافة إلي ذلك هناك حالة مقصور في سوق المال المصري وأدوات في التعامل مع الصكوك الإسلامية كإحدى أدوات التمويل الإسلامية المستحدثة التي تصلح بدلاً لأدوات التمويل التقليدية بما يساعد علي استغلال السيولة المعطلة في المؤسسات الإسلامية والحكومية من ناحية وجذب فريد من المدخرات والاستثمارات من ناحية أخرى . علاوة علي عدم كفاية مقومات البنية الإسلامية من تشريعات وقوانين تنظم عمليات إصدار وتداول هذه الصكوك ، مع ضعف أدوات التمويل الإسلامية عامة والصكوك الإسلامية خاصة .

– ومن هنا فإن الحاجة ماسة لواجهة التحديات والمخاطر لضمان نجاح التصكيك خاصة في ظل ملاءمة الظروف الحالية بسوق المال المصري لاستيعاب الصكوك الإسلامية فضلاً عن قبول قطاعات كبيرة من المستثمرين للتعامل في أدوات تمويلية إسلامية بديلة ، علاوة علي امتلاك المؤسسات المالية والرقابية المتواجدة بسوق المال في مصر بما تملك من قواعد وإجراءات للإشراف والمتابعة والتنظيم قادرة علي التعامل مع نظام الصكوك الإسلامية بشرط توافر التدريب الملائم لطبيعتها ووجود ضمانات حكومية ومزايا تحفيزية وضريبية كفيلة برغم الثقة في الصكوك الإسلامية بالمجتمع المصري وتشجيع الاعتماد علي الصكوك الإسلامية بهدف توظيف الموارد للاستثمار واستقطابها .

– إضافة إلي ضرورة توفير الضمانات الكافية لحملة الصكوك لحصولهم علي قيمة استثماراتهم عند عدم كفاية الدفقات النقدية لدى الجهات التي أصدرت الصكوك وذلك عن طريق شركات التأمين أو مؤسسات خاصة تنشأ لهذا الغرض أو جهات حكومية محددة ، مع مراعاة الشفافية الكاملة عند إصدار تلك الصكوك والتوسع في نشر ثقافة التعامل بها في مجتمعات الأعمال والاستفادة من الاعتراف الدولي بالصكوك الإسلامية وتطور استخدامها كأدوات لدى محافظ الاستثمار بالمؤسسات المالية الغربية ، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي يتم فيها التعامل بالصكوك الإسلامية مثل ماليزيا والسعودية وتشجيع البحوث والدراسات العلمية الخاصة بإصدار وتداول الصكوك الإسلامية ، والعمل علي إعداد وتطوير الكوادر البشرية المؤهلة للعمل بالمؤسسات المالية وأسواق المال والجهات المصدر للصكوك وذلك من خلال تطوير المقدرات العلمية التي يتم تدريسها وعقد ندوات وورش عمل لتثقيف وتدريب الدارسين والعاملين في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى