كتب : أشرف سيد
بين جدران قلعة صلاح الدين ، ووسط عبق التاريخ، اختارت السفارة الأمريكية إقامة معرض للمصور الصحفى الأمريكي إد كاشى 66 عامًا، والمقام بعنوان “مدينة الموتى” نسخته الثانية والذى يقام فى أكثر من منطقة منها بئر يوسف بقلعة صلاح الدين ومصر الجديدة بدعم من السفارة الأمريكية ومؤسسة “فوتوبيا”.
واشتهر مسار كاشى المهني بتصوير مناطق عديدة في مصر وأفريقيا، بأسلوب تصوير الشارع، بدأت رحلته من أمريكا إلى مصر خلال العام 1993، والتقط صور المعرض من مقابر الدرب الأحمر، وبعد ثلاثين عامًا تهدم الآن المقابر، ضمن خطة تطوير القاهرة الحكومية لإنشاء طريق سريع (ممر الجنة) فرحلت المقابر وظلت الصور.
ووثق كاشى بعدساته جزء من تاريخ مصر تسرد فيها القصص البصرية حياة المصريين وقوتهم فى العيش وبث الحياة حتى فى أقصى وأصعب الظروف بين سكان العالم الآخر، جاء ذلك بحضور بيتر ونتر المتحدث الرسمي باسم السفارة الأمريكية والمصور إد كاشى .
يقول “كاشي”: عند زيارتي إلى مدينة الموتى أول مرة في 1993، وكانت من أكثر المناطق الفريدة والنادرة بالقاهرة بل والعالم كله، كيف يعيش الناس هناك حياة طبيعة بين الدراسة والعمل والحزن والفرح وكأنه لا يوجد أمواتًا بجانبهم؟، كان ذلك بمثابة إلهام بالنسبة لي، جعلني أزور المكان عدة مرات والتقط هذه الصور، وفي العام 1993 الذي جاء فيه “كاشي” إلى مصر كان يعيش 120 ألف شخص في مقابر الدرب الأحمر، يعملون ويتسوقون ويذهبون إلى المدارس داخل المقابر وبينها، واليوم العدد أعلى بكثير إذ بُنيت أكواخ حول المقابر.
حين تطأ قدمك الآن “مدينة الموتى” تجد أناسًا يعيشون حياة طبيعية يعلقون ملابسهم حول المقابر حتى تجف، ويعيش كثيرون في مساكن أخرى بُنيت جوار مقابر شخصيات سياسية ودينية وثقافية مشهورة في تاريخ مصر وتوضح صور المعرض كل تلك التفاصيل.
من ضمن هذه الصور، تتصدر صورة مميزة مقدمة المعرض، تعود إلى فرح شعبي في شارع منطقة الدرب الأحمر وبالقرب من المقابر، يحكي”كاشي” أنه اختار هذه الصورة لأنها ربما لن تتكرر ثانية، إذ أراد أن يوثق هذه الحياة التي انبهر بها، ولم يكن يعلم أنه سيفقد هذا المشهد بسبب قرارات الهدم الأخيرة التي حدثت في يوليو 2023.
رغم هدم المقابر إلا أن المعرض ما زال يوثق كل سنة حياة من يعيشون في مقابر الدرب الأحمر، إذ حضر المعرض عددًا من الزوار من كل دول العالم. “ليفن كارل”، زائرًا أمريكيًا، يقول: “أنا في حالة انبهار منذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها المعرض، أشعر أن الصور بها دفء وإنسانية لم أرها في حياتي من قبل، فهي المرة الأولى لي في مصر وتنظيم المعرض جعلني أقرر الحضور كل سنة”.
عملت “فوتوبيا” التي ترعى المعرض على تنظيمه منذ 5 شهور، وقدمته بشكل مصغر في مقرهم خلال شهر نوفمبر الماضي، ولقي صدى واهتمامًا كبيرًا، لكن المختلف في المعرض هنا أنه بالقرب من المنطقة التي هدمت، وفق فريدة مهدي، إحدى منظمات فوتوبيا لمعرض مدينة الموتى.
زر الذهاب إلى الأعلى