يتنزل كتاب الدبلوماسية الثقافية البديلة إعادة تأسيس الثقافة العربية للدكتور حاتم الجوهري، الصادر عن مؤسسة أروقة بالقاهرة (في 323 صفحة من القطع الموسط)، في ظرفية محلية إقليمية وعالمية متّسمة بالصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة وصراع الهويّات وتطور تكنولوجي وتقني متسارع وتغيرات مناخية، وتصاعد الصراعات الجيوثقافية (الافروسنتريزم، المشروع الإيراني، الهيمنة التركية أو العثمانية، الصهيونية).
بقلم: د.نعيمة بن عثمان
أفرزت مجتمعة واقعا جديدا وتحولات جذرية ومتسارعة (بل برزت مفاهيم جديدة وغير مسبوقة) ما يستوجب وقفة لمراجعات على جميع الأصعدة ومنها مراجعة المفاهيم الثقافية وبالتالي تصوراتها وسياساتها.
يقدم المؤلف طرحا جديدا للدبلوماسية الثقافية في ظل هذه التحولات المتسارعة، أين باتت الثقافة أداة فعالة للقوة الناعمة تسهم في بناء جسور التواصل بين الشعوب وتعزيز التفاهم العالمي.
ويطرح رؤية جديدة ومبتكرة تستهدف إعادة صياغة هذا المفهوم في السياق العربي، مع العمل على تجاوز النموذج الغربي للدبلوماسية الثقافية وإرساء نهج مغاير ينبثق من القيم والموروث الثقافي العربي.
ومن خلال قراءة لهذا العمل، نورد بعض الملاحظات حول جانب من أهم الأفكار التي تضمنتها فصوله، مع تثمين الإضافة التي يقدمها، والإشارة إلى التحديات التي تواجه هذا المشروع الثقافي وتطبيق هذه الأفكار.
الدبلوماسية الثقافية البديلة: طرح مبتكر وتحيين للمفاهيم وبدائل جديدة، انطلاقا من تجربته الأكاديمية البحثية والميدانية في الشأن الثقافي، لسنوات في قلب التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، تمكّن الكاتب من تكوين رؤية جديدة وتصورا مبتكرا مدعوما باطّلاعه على التاريخ وثقافته الواسعة وتمثّله للواقع الثقافي إضافة إلى تمكّن لغويّ وأسلوب تحرير مميزين. ما جعل مؤلّفه بمثابة دعوة جريئة لتجاوز الممارسات التقليدية للدبلوماسية الثقافية، حيث يقدم رؤية طموحة تعيد صياغة العلاقة بين الثقافة والسياسة في السياق العربي. منطلقا من إيمانه العميق بأن التراث الثقافي العربي يمكن أن يكون مصدرًا هامًا للقوة الناعمة، ليصبح أداة فاعلة في بناء التفاهم الإقليمي والدولي.
د. حاتم الجوهري
وفي هذا السياق، يقدم الكتاب إضافات جوهرية تتناول الجوانب النظرية والعملية على حد سواء.
1) الدبلوماسية الثقافية البديلة: قراءات وتصورات مبتكرة
يسعى الكاتب إلى تجاوز الهيمنة الغربية التي طالما سيطرت على مفهوم الدبلوماسية الثقافية.
ويطرح رؤية مغايرة تُبرز الدور العربي في إعادة تشكيل هذا المفهوم، مشيرًا إلى أهمية إعادة صياغة الأدوات والمناهج بما يتناسب مع الخصوصيات الثقافية العربية.
كما يُبرز كيف يمكن توسيع نطاق الدبلوماسية الثقافية لتشمل التراث غير المادي، مثل الثقافة الشعبية والعادات والتقاليد والمعارف وكل الموروث الثقافي والحيّ، إلى جانب الفنون والأدب.. هذه النظرة الشاملة تمثل قطيعة مع النمط التقليدي الذي ركز في الغالب على الجوانب المادية للثقافة، ما يمنح الثقافة العربية مساحة أوسع للتفاعل والتأثير على الساحة الدولية.
ويقدم تصوره في إطار تجاوز الدبلوماسية الثقافية الغربية كوسيلة هيمنة استعمارية يطرح الكاتب دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي في كنف احترام للهوية الثقافية لكل دولة والتفاعل من خلال الفهم المتبادل واستيعاب الآخر، ما يعكس فهما عميقا للتنوع الثقافي. وتبرز الدبلوماسية الثقافية البديلة كوسيلة لتحرر الثقافات العربية أو المحلية وهي رؤية جديدة تسهم في إعادة بلورة وصياغة العلاقات الثقافية.
• وفيما يلي جانب من أطروحاته المبتكرة.
– الدبلوماسية الثقافية البديلة
ويتبلور مفهوم الدبلوماسية الثقافية البديلة، أو هي التوظيف السياسي للثقافة، من خلال التركيز على المبادرات العملية والمشاريع التي تم تطبيقها في سياقات ثقافية مختلفة، وبالعودة إلى تجارب دولية وإقليمية تهدف إلى تفعيل دور التراث الثقافي غير المادي في تعزيز التواصل بين الشعوب، وذلك من خلال طرح يوازن بين النظري والتطبيقي ما يمنح رؤية شاملة للمتلقي. وقد اعتمد الكاتب هنا على تجربته الذاتية ومشاركاته في عديد الملتقيات الدولية.
– نظرية مستودع الهويات
تقدم هذه النظرية تصورًا للتراث الثقافي غير المادي باعتباره «مستودعًا لهويات الشعوب»، حيث يتم النظر إلى الثقافة كعنصر ديناميكي يتأثر بشكل مستمر بالعوامل التاريخية والسياسية. تعكس هذه الفكرة وعيًا بأهمية التراث الثقافي عامة وغير المادي خاصة كوسيلة للحفاظ على الهوية وتعزيز التماسك المجتمعي، والتأكيد على دوره الاستراتيجي في صياغة الهويات وتعزيز الدبلوماسية الثقافية. وتركز بشكل كبير على الرمزية المرتبطة بالتراث، ثم أهمية استثماره كأداة عملية لتعزيز التعاون الثقافي.
ورغم أهمية الطرح يبرز التحدي الأساسي في تحويل هذا المفهوم إلى استراتيجية عملية قابلة للتطبيق الواقعي خاصة أن ن التركيز على البعد الرمزي يجعل من الصعب قياس الأثر أو تحقيق نتائج ملموسة في واقع متسم بالصعوبات المتنوعة. ناهيك أن الكاتب قد تطرق إلى ضعف تطبيق اتفاقية صون التراث غير المادي لسنة 2003 وقصور في تفعيل آلياتها.
– نظرية المزج الثقافي
تعتمد هذه الفكرة أو المقاربة الجديدة على تعزيز نقاط التلاقي الثقافي بين الشعوب بدلًا من التركيز على الفروقات أو الاختلافات. يقدم الكاتب أمثلة عملية على نجاح هذا النهج من خلال مبادرات الترجمة والتبادل الثقافي التي أطلقتها بعض الدول. ويعكس هذا المفهوم قدرة الثقافة على لعب دور محوري في بناء جسور التفاهم بين المجتمعات المختلفة، مما يجعله أداة فعالة لتعزيز الحوار بين الثقافات.
– فلسفة المشترك الثقافي العربي
طرح بديل ورؤية مبتكرة لتجاوز الانقسامات السياسية ووضع أسس لبناء مشروع ثقافي عربي جامع. يشير الكتاب إلى أهمية بناء مشروع ثقافي عربي مشترك يستند إلى القواسم الثقافية المشتركة بين دول المنطقة. تهدف هذه الفكرة إلى تعزيز الوحدة والتكامل الإقليمي من خلال الثقافة. ومجابهة العولمة الثقافية والاغتراب أو الاستلاب الثقافي الذي يسيطر على الناشئة الواقعة تحت تأثير وسائط التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الرقمية والانترنت وهيمنة أنماط ثقافية غريبة (الغربية منها أو الشرقية مثل الكورية الجنوبية). فالنظريات المطروحة تقدم رؤى مبتكرة للتعامل مع الثقافة كأداة دبلوماسية، ولتأسيس هوية وثقافة عربية تعي عناصر المشترك الثقافي، كأداة محورية في التغلب على الاستقطابات السياسية والأيديولوجية.
لكن بالمقابل التشديد على احترام التنوع الثقافي والتبئير على نقاط الالتقاء. لكنها تظل بحاجة إلى تطوير آليات عملية واستراتيجيات واضحة لتجاوز العقبات وتفعيل الأفكار على أرض الواقع.
2) استراتيجيات جديدة ورؤية استشرافية
يشدد الكتاب على أن الثقافة ليست مجرد وسيلة للتعبير الفني أو الفكري، بل هي عنصر حيوي لتشكيل الهوية الوطنية والإقليمية. وفقًا للمؤلف، فإن الحفاظ على التراث الثقافي العربي هو بمثابة جدار صدّ أمام محاولات التذويب الثقافي التي تواجهها المنطقة في عصر العولمة.
ويبرز أهميّة الثقافة في بناء التفاهم بين الشعوب العربية، حيث يرى أنها تشكل أرضية مشتركة يمكن أن تسهم في تجاوز الانقسامات السياسية. وبهذا المعنى، تصبح الثقافة أداة استراتيجية لدعم التعاون الإقليمي وبناء خطاب مشترك يعزز الوحدة، ومنها استشراف آفاق مشتركة للمستقبل.
– طرح استراتيجيات مبتكرة
من أبرز الإسهامات التي يقدمها الكتاب هو طرحه نهجا عمليا يقوم على توظيف التراث الثقافي العربي كوسيلة للتفاهم الدولي. يطرح أفكارًا غير تقليدية تهدف إلى استثمار الأدب والفنون والتراث غير المادي لتعزيز الحوار الثقافي على المستويين الإقليمي والدولي. يمزج بين التحليل النظري والتطبيق العملي بطريقة متقنة، ما يتيح للقارئ فهمًا شاملًا لجوانب الموضوع. كما يُظهر الكاتب وعيًا عميقًا بتعقيدات الدبلوماسية الثقافية، مع تقديم حلول عملية تجعل من الكتاب مصدرًا غنيًا للمعرفة الأكاديمية وقابلًا للتطبيق على أرض الواقع. هذا التوازن بين النظرية والتطبيق يجعل الكتاب أداة فعّالة لفهم وإعادة صياغة دور الثقافة في العلاقات الدولية.
على سبيل الذكر، يشير الكاتب إلى إمكانية استخدام الأدب العربي المترجم للتعريف بالموروث الثقافي والفكري للمنطقة. كما يدعو إلى إقامة فعاليات ثقافية مشتركة تجمع بين دول المنطقة، بهدف تعزيز «دبلوماسية المزج الثقافي»، أو «المزيج الثقافي»، التي تقوم على إبراز القواسم الثقافية المشتركة بين الشعوب ما يؤسس جذور الوحدة ويكرّس أسسها.
– رؤية استشرافية
يقدم المؤلف رؤية مستقبلية واضحة لتطوير مفهوم الدبلوماسية الثقافية في المنطقة العربية. فهو يشدد على أهمية الابتكار في صياغة المشاريع الثقافية، مع التركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لنقل الرواية الثقافية العربية إلى العالم. ويدعو إلى بناء شبكات تعاون ثقافي إقليمي تهدف إلى تبادل الخبرات وتعزيز التفاهم بين مختلف الأطراف. وهو ما يجعل الكتاب ليس فقط تحليلًا للواقع، بل خارطة طريق للتطوير المستقبلي.
3) الدبلوماسية الثقافية البديلة بين التحدّيات والآفاق
تواجه رؤية المشترك الثقافي العربي عدة عقبات رئيسية تعيق تنفيذها بشكل فعّال. رغم الأفكار المبتكرة التي يطرحها المؤلف، إلا أن تحديات الواقع الحاضر سريع التحول قد تبطئ تحقيق أهدافه المعلنة. تتجلى هذه التحدّيات ـوالصعوبات في عدد من الجوانب الرئيسية التي تتطلب معالجة إقليمية ومحليّة جادة لتعزيز فعالية الأطروحات:
• تحديات دبلوماسية المشترك الثقافي العربي البديلة
ترتكز الدبلوماسية الثقافية البديلة على أهمية التراث الثقافي غير المادي كأداة للمقاومة الثقافية ووسيلة للسلام بين الدول بعيدا عن النموذج الغربي وأيديولوجياته الاستعمارية المسقطة. ورغم أهمية وقوة الطرح نواجه تحديات التطبيق والتنفيذ وصعوبة تحقيق المشروع في الواقع العربي الحالي، في ظل المخاوف التي قد تنشأ عند التطرق إلى إعادة صياغة مسألة الهوية الثقافية نخص بالذكر العوائق المرتبطة بالأنظمة السياسية أو التقسيمات المذهبية والعرقية في جانب من العالم العربي، بالإضافة إلى تلك الخصوصيات القطرية.
والحال كذلك قد تنشأ مثلا ردود فعل مناهضة للمشروع ومنتقدة له دفاعا عن تلك الخصوصية (المذهبية أو العرقية) وخوفا من انصهارها في إطار أوسع، دون أن نغفل تدخلا محتملا من قوى خارجية في تغذية تلك المخاوف كما حدث ويحدث في المنطقة تحت بند حق الأقليات في الحفاظ على هويتها الثقافية.
• تحديات العوامل السياسية المتحولة
من أبرز هذه العقبات التحديات السياسية، حيث أن الانقسامات الإقليمية والصراعات الداخلية في بعض الدول العربية تُعيق تطبيق المشاريع الثقافية المشتركة. هذه التحديات تجعل التنسيق بين الدول العربية صعبًا، مما يؤدي إلى تباطؤ في تنفيذ المبادرات الثقافية. ومن هنا تبرز أهمية الإشارة إلى تأثير الانقسامات والصراعات السياسية داخل المنطقة العربية واختلافات الهيمنة والأيديولوجيا، على نجاح المشاريع الثقافية المشتركة. فعلى الرغم من تأكيد المشروع على أهمية التعاون الإقليمي في مجال الثقافة، إلا أنه لا يقدم حلولًا للتعامل مع التحديات السياسية التي تعرقل تنفيذ هذه المبادرات خاصة وأن التغيرات السياسية العالمية وتأثير القوى العظمى قد يكون حاسما في خلق أو انهاء نزاعات في المنطقة العربية (فلسطين، لبنان، سورية..). غياب ثبات واستقرار هذا البُعد السياسي الاقليمي المتحوّل يمثل تحديا أمام الأفكار المطروحة ما يجعلها صعبة أو بعيدة عن التحقق في ظل الظروف الراهنة.
للتغلب على هذه الصعوبة، يُمكن تعزيز الحوار السياسي بين الدول العربية، مما يساهم في تسهيل التعاون الثقافي. والعمل على بناء تفاصيل سياسة ثقافية مشتركة قريبة المدى واستشراف المستقبل الثقافي للمنطقة، وهنا لا مفر من الاستفادة من المؤسسات الإقليمية لتنسيق الجهود المشتركة وتوجيهها نحو تحقيق أهداف ثقافية واحدة، في صورة تبنيها للمشروع البديل، محل القراءة، وتخليها عن البيروقراطية وامتثالها للبروتوكولات الدولية، كما أشار الكاتب في نقده لهدة المؤسسات.
• تحديات التمويل والتفاصيل التنفيذية
على الرغم من أن الكتاب يقدم أفكارًا ملهمة ومبتكرة في مجال الدبلوماسية الثقافية، يظهر تحدي التمويلات أو مصادر التمويل للخطط التنفيذية التي تُبيِّن كيفية تطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع العربي. خاصة وأن أغلب الدول العربية تشكو من ضعف ميزانيتها الثقافية أو الأصح أن الشأن الثقافي ليس في اعلى سلم اهتمامات الموازنات المالية لأغلب الدول العربية خاصة في الفترة الراهنة، ولا نبالغ ان قلنا، غياب استراتيجيات محددة لتمويل المشاريع الثقافية، مما يثير تساؤلات حول كيفية تحقيق هذه الرؤية في ظل محدوديّة الموارد في العديد من الدول العربية.
من أجل معالجة هذه المشكلة، يمكن إنشاء صناديق ثقافية عربية مشتركة تجمع بين التمويل الحكومي والخاص لدعم المبادرات الثقافية.
هذه الصناديق ستكون أداة فعّالة في توفير الموارد اللازمة لضمان استمرارية المشاريع الثقافية وتحقيق تأثيرها المرجو. وهنا يمكن الإشارة إلى ما يمكن أن تقدمه الدول العربية الغنية من تمويلات حين تتبنى هذا المشروع الرائد الذي قد يحوّل، على المدى البعيد، واقع المنطقة والدول العربية ويستعيد أمجادا لم تغادر الذاكرة الجمعية العربية ويسمع صداها إلى اليوم.
• آفاق طموحة للدبلوماسية الثقافية العربية
على الرغم من التحديات التي تواجهها رؤية “المشترك الثقافي العربي” كأبرز أسس الدبلوماسية الثقافية البديلة، فإن هناك آفاقًا جديدة يمكن فتحها لدبلوماسية الثقافة البديلة من خلال تعزيز التعاون والتحالفات الثقافية بين الدول العربية. وإنشاء شبكات تعاون بين الدول العربية في مجالات الترجمة، الفنون، والتعليم الثقافي، مما يعزز التفاعل الثقافي بين الدول ويُسلط الضوء على غنى التراث الثقافي العربي. كما يمكن الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في إطلاق منصات تُبرز التراث الثقافي العربي وتُسهم في تعزيز التفاعل مع الثقافات الأخرى. هذه المنصات ستكون أداة مهمة في التواصل مع جمهور عربي وإقليمي أولا (قد تقرب وتبسط هذه الوسائط محتوى الكتاب وطرحه العميق للعموم) ثم جمهور عالمي وتعزيز التأثير الثقافي العربي. علاوة على ذلك، ينبغي إدراج التراث غير المادي والثقافة العربية ضمن المناهج الدراسية في المدارس والجامعات لتنشئة أجيال جديدة تدرك أهمية المشتركات الثقافية وتعي انتماءها وهويتها الثقافية. بهذه الطريقة، يمكن أن تساهم هذه المبادرات في استعادة الثقافة العربية لمكانتها العالمية، وتعزيز حضورها في الساحة الثقافية الدولية.
حرص الكاتب أثناء طرحه وتقديمه لرؤاه وتصوراته، على الموضوعية في نقد الواقع الثقافي العربي مشيرا إلى الفجوة بين الإمكانيات الثقافية المتاحة والتطبيق العملي لها على أرض الواقع. وقدم التراث كوسيلة مرنة وديناميكية للتعبير عن الهوية بأسلوب يتجاوز القوالب النمطية المعتادة. مساهما بذلك، في تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث غير المادي كأداة لتعزيز التفاهم الثقافي وبناء الجسور بين الشعوب. وتمتع بجرأة فكرية أثرت القيمة المضافة للكتاب في الطرح العميق والمتكامل الذي يعكس رؤية تطوير مفهوم الدبلوماسية الثقافية العربية، ما يجعله مرجعًا مهمًا للباحثين وصناع القرار في هذا المجال. يفتح الباب أيضًا أمام مزيد من البحث حول كيفية ترجمة هذه الرؤى إلى استراتيجيات عملية تسهم في تحقيق التغيير المنشود.
•• ختاما:
يمثل كتاب «الدبلوماسية الثقافية البديلة إعادة تأسيس الثقافة العربية»، جهدًا فكريًا جديرًا بالاهتمام في إعادة صياغة الدور الثقافي العربي على الساحة الدولية. وبينما يقدم رؤية مبتكرة، وخلاصة تجربة ميدانية وبحثية أكاديمية على جانب من الأهمية والثراء والتنوع، فإنه يواجه تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة جادة وتضافر للجهود ترمي إلى تحويل هذه الرؤية إلى استراتيجيات عملية تُسهم في بناء مشروع ثقافي عربي يواجه التحديات العالمية والمحلية على حد سواء. بتحقيق ذلك، يمكن أن تصبح الثقافة العربية قوة دافعة للتغيير والتأثير في عالم متغير، وكل هذا يبقى رهين الإرادة والقرار السياسيين.
======
• نشر المقال في مجلة «آفاق التجديد»، عدد يناير 2025م
زر الذهاب إلى الأعلى