• تكشف الرؤية التحليلية لأعمال الفنان التشكيلي العراقي علي الطائي، عن حس مرهف ، وقدرة فنية عالية في توظيف الألوان المائية، وهي خامة تتطلب دقة وصبرا ومهارة خاصة.. ومن خلال اللوحات المرفقة؛ يمكن تلخيص مجموعة من الملامح الفنية، التي تميز أسلوبه:
(1)- في لوحة الجلوس أمام المدفأة، نلمس دفء الداخل، في مقابل قسوة الشتاء بالخارج، مع ملاحظة أن المزج بين برودة الأزرق خلف النافذة ودفء البرتقالي والأصفر في النار، يعكس القدرة على التعبير عن الجو العام، ويجسد مهارة عالية في خلق التوازن النفسي والبصري.. وهنا يبرز بعد إنساني، يتجلى في هدوء اللحظة، حيث القراءة تتحد مع صفاء المشهد الداخلي.
(2)- لوحة السفينة عند الغروب تكشف عن قدرة الفنان على التعامل مع انعكاسات الألوان، على سطح الماء؛ فالانعكاس هنا ليس مجرد تكرار شكلي، بل يحمل طاقة لونية مبهجة، تنقل حركة الموج، ووهج السماء.. كما نلاحظ قدرة الفنان علي الطائي على توزيع الظلال والإضاءات، بما يحقق عمقا بصرياً يجعل المشاهد يتأمل اللوحة، كأنها نافذة على مشهد طبيعي حي.
(3)- في لوحة الطبيعة ذات الأشجار الصفراء وجسر النهر، يبرز ميل الفنان إلى الواقعية الانطباعية، الممزوجة بروح شاعرية.. ويتمثل هذا في الألوان الخريفية للأشجار، وهدوء الماء الممتد نحو الأفق، ما يخلق مشهدًا يفيض بالسكينة والجمال.
• ويبرز التنويع في درجات الأخضر مع الأصفر والبرتقالي، حيوية المشهد، بينما يشكل الجسر نقطة توازن، مع وجود بُعد سردي يوحي بالرحلة أو العبور.
(4)- استخدام الألوان المائية جاء بذكاء، مع مراعاة الشفافية والطبقات الخفيفة، التي تتيح تدرجات لونية غنية، دون فقدان حيوية اللون.. وما يؤكد قدرات ومهارات الفنان «الطائي»، أن ضربات فرشاته مدروسة، سواء في رسم تفاصيل الأشجار، أو في إظهار حركة اللهب، أو تموج الماء.
(5)- لا تقتصر أعمال «الطائي»، على تصوير الطبيعة أو المشاهد اليومية، بل تحمل إيحاءات رمزية؛ فالدفء أمام المدفأة يوحي بالسكينة، والسفينة توحي بالرحلة والتحدي، أما النهر والجسر فيرمزان للعبور والتأمل.
____________________
إعداد وإشراف:
د.محمود عبد الكريم عزالدين
____________________
• خلاصة القول إن الفنان التشكيلي علي الطائي، يثبت من خلال هذه الأعمال، امتلاكه هوية تشكيلية واضحة، تجمع بين الواقعية الشعرية، وحس الرمز، مع براعة واقتدار على التحكم بخامة الألوان المائية الصعبة.
• وتتميز أعمال «الطائي» بصفاء بصري، وانسجام لوني، وعمق إنساني، يجعلها أكثر من مجرد مشاهد جمالية، بل تجارب وجدانية، تنقل المتلقي إلى فضاءات الدفء والهدوء والتأمل.