أدب وثقافة

باحثو مؤتمر مصر والعراق: المشترك الثقافي هو الطريق الأمثل للوحدة العربية

ألقى الدكتور سامح شوقي الباحث في التراث الشعبي من مصر، كلمة الباحثين المشاركين في مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق.. حضارات الموجة الأولى في عالم جديد، ورأسه الدكتور/ حاتم الجوهري، والذي عقد يوم السبت من هذا الأسبوع 8 يونيو في ست جلسات بحثية، أربع من الجلسات حضورية في القاهرة حيث عقد المؤتمر في أتيليه القاهرة، وجلسة افتراضية موسعة من العراق ساهم بها الباحثون المشاركون في المؤتمر من العراق، وجلسة افتراضية مجمعة من الدول العربية للباحثين العرب المشاركين في المؤتمر (من غير المصريين والعراقيين).

وجاء في كلمته التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية العامة للمؤتمر في القاهرة ما يلي:

يأتى المؤتمر الثالث لمشروع المشترك الثقافى العربى هذا العام تحت عنوان «المشترك الثقافى بين مصر والعراق – الموجة الأولى فى عالم جديد»، ليؤكد الأهمية البالغة لمشروع المشترك الثقافى بين بلدان العالم العربى؛ الذى تربطه سمات مشتركة فى مناح عدة كالفنون والآداب والعادات والتقاليد والمعتقدات والمعارف الشعبية وسلوكيات الحياة اليومية والتصورات الذهنية لأفراد تلك المجتمعات، والتى يكتسبها الإنسان بإعتباره عضوا فى المجتمع.

أضاف الدكتور سامح شوقي: ولا يمكن أن نغفل المشتركات الثقافية المعاصرة التى طرأت على تلك المجتمعات كنتيجة للمظاهر التنموية الحديثة.

تابع: تتعرض دراسات الباحثين لتحليل مفهوم المشترك الثقافى بين الدول العربية بعضها البعض، وإيجاد آليات من شأنها إظهار التطور التاريخى للمشترك الثقافى بين تلك الدول، وجعله جزءا من الوعي الاجتماعى لشعوب تلك البلاد وانتمائهم لبلادهم وأمتهم العربية، ما يسهل تنمية ثقافتهم الشعبية، وترسيخ الهوية المشتركة بينهم.

وأوضح الدكتور شوقي: يعتبر التراث الشعبى قاسما مشتركا بين تلك المجتمعات؛ يرجع هذا إلى التواصل الجغرافي والتاريخى بينهم فهو تواصل تمتد جذوره للماضى البعيد، كما يربطهم مستقبل واحد مع احتفاظ كل دولة بحضارتها الخاصة بها، وقد أدى هذا إلى وجود تنوع حضارى إلا أن هذا التنوع يجمعه إطار واحد وهو «المشترك الثقافى العربى».

وأشار إلى أن التراث الشعبى له من الأهمية ما يجعله مرآة لثقافة الشعوب؛ فهو يقدم لنا صورة واضحة المعالم وصادقة لحياة المجتمعات البشرية؛ إذ يحمل الجينات التي تحمل صفات أفراد تلك الشعوب، فهو مجمل الرموز التى تحمل الهوية وتمثلها وتجسدها وتعبر عنها.

وواصل الدكتور شوقي بقوله: تعتبر الموروثات الشعبية جانبا من جوانب ثقافة أي مجتمع فقد تكونت عبر ترسبات من أزمنة متعاقبة تمثل الحقب التي مر بها الإنسان وتركت بصمتها على مكونات ثقافته التى إكتسبها بمرور الزمن وأصبحت جزءا من حياته ومعيشته.

وأكمل: يعتبر مشروع المشترك الثقافى بين مجتمعات الدول العربية من المشاريع الهامة والملحة فى عصرنا الحالي لما تتعرض له الأمة العربية من تفكيك وتهميش لتراثها وحضارتها العريقة، وأنتجت تلك الفكرة ثمارها مع المؤتمر الأول المنعقد فى 22 مارس 2022م تحت عنوان «المشترك الثقافى بين مصر وتونس .. الواقع والآمال»، الذى طرح فكرة فلسفة المشترك الثقافي ذاتها، والتحديات النظرية والتطبيقية المرتبطة بها.

وأردف «شوقي»: أما المؤتمر الثاني والذى عقد فى 11 فبراير 2023م تحت عنوان «المشترك الثقافى بين مصر واليمن .. رؤى جديدة لإستعادة المتون العربية»، والذى طرح فلسفة إدارة التنوع وتفكيك التناقض القائمة.

وقال: في مؤتمرنا هذا الثالث المنعقد فى 8 يونيو 2024م، تحت عنوان «المشترك الثقافى بين مصر والعراق.. حضارات الموجة الأولى فى عالم جديد»، والذي نطرح فيه فكرة الإلهام وتقديم نموذج جديد؛ يعتمد على إعادة قراءة النماذج الحضارية الأولى، أو حضارات الموجة الأولى (التي تنتمي لها مصر والعراق)، ومفاهيمها عن التعايش والسلام والآخر وما إلى ذلك.

 وبين «شوقي»: لقد ساهمت دراسات الباحثين المشاركين فى مؤتمرات المشترك الثقافى العربى بإظهار المشروع التطبيقي لمجال الدراسات الثقافية العربية المقارنة من خلال بناء الفكر العربى وتطويره بوصفه الثقافة السائدة لتماسك الأمة العربية وتنمية مجتمعاتها، والاهتمام بالإثراء الفكرى للشخصية العربية، وبناء الوعي والقدرات الفردية لمواجهة الثقافات المعاصرة التى طرأت على المجتمعات العربية.

وأكد أن المشترك الثقافى لعب دورا فعالا فى إظهار الهوية وتوطيد المضمون القومى للشعوب العربية والتصدب لمحاولات الاستلاب الثقافي.

واقترح أنه لتعزيز دور الوحدة الثقافية بين مجتمعات الوطن العربى لابد من تفعيل دور المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية من خلال أهداف استراتيجية ترتكز على دور الثقافة العربية والبعد التنموى للثقافة وإعتبار التراث جزءا أساسيا من الثقافة العربية.

وشدد الدكتور شوقي على أن المشترك الثقافي العربي هو الطريق الأمثل لتحقيق الوحدة العربية وإعادة صنع الحضارة الإنسانية لشعوبها فالأمة العربية حافلة برصيد حضاري كبير يجمع بينها مصالح مشتركة ومستقبل واحد، فالثقافة بمفهومها الكامل الذي يدل على أنها نمط سلوك وأسلوب حياة، وتواصل إنساني ورافد تنموي يسهم فى مواجهة مستجدات العصر التى طرأت نتيجة المناخ المواتى للتنمية الشاملة، كما يعكس المشترك الثقافي رابطة المصير المشترك بين شعوب الدول العربية، من خلال التراث الثقافي التقليدي لتلك الشعوب، مؤكدة أنها عالم واحد، يتعايش فيه الكل والجزء برفقة بعضهما البعض، وتؤكد رابطة المصير المشترك لتلك الشعوب على ترابط بلدان العالم العربي ترابطا عميقا يؤكد المصير المشترك منذ فجر التاريخ.

ولفت إلى أن الثقافة العربية لها خصوصيتها ونظامها؛ فهى تحتوي على مفاهيم ومساع مشتركة تراكمت خلال مسيرة وتقدم البشرية، فمن خلال أبحاث مؤتمرات المشترك الثقافي يجب على الباحثين إجراء الحوار بين ثقافات البلدان العربية والحث على قبول الآخر، والاستفادة المتبادلة، والعمل على إحياء مزيد من القيم الإيجابية المشمولة فى ثقافتنا وتقاليدنا الأصيلة.

وختم الدكتور شوقي بقوله: يعتبر المشترك الثقافى للدول العربية نقطة التقاء الحضارات الإنسانية القديمة لشعوب تلك الأمة، فالحضارة العربية ذات تاريخ طويل ومعارف واسعة فقد حققوا منجزات بارزة في الكثير من المجالات مثل الفلسفة والطب والرياضيات والكيمياء وعلم الفلك واللغويات والأدب والتاريخ، وظهر عديد من المفكرين والعلماء والأدباء، فتركوا لنا آثارا حضارية رائعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى