أدب وثقافة

القَوافِل  (بقلم: الشاعر حسن منصور)

إذا المَـــرْءُ رَبّـاهُ المُـــرَبّي فَـأفْــسَدا || فَــهَــيْهـاتَ أنْ يَنْسى الـذي قـــد تعَــوَّدا

وَيَنْمو الفَتى جِسْماً وَعَـقْلاً وَمَــذْهَـباً || على الشَّرِّ، أوْ يَنْمو عَلى الخَيْرِ وَالهُدى

وَما المَـرْءُ إِلّا نَخْـلَةٌ تـمَّ غَــرْسُـهـا || نَمــا مُسْـتـقــيـمــاً جِـــذْعُــهــا أوْ تَــأوَّدا

وَأَفْدَحُ ما في الكَوْنِ غَرْسٌ نَما عَلى || غِــــذاءٍ وَمـــاءٍ آسِـنِ الـطَّــعْـــمِ أسْــوَدا

وَكَـمْ مِنْ شُـجَـيْراتٍ تَـروقُ لِـنـاظِـرٍ || وَلكـنَّ في أثْـمــــارِهــا السُّــمَّ وَالـــرَّدى

كَــذا كُـلُّ جــيـلٍ راجِــعٌ لِأُرومَــــةٍ || وَمَـــوْروثُـهـــا بـاقٍ بَـقــــاءً مُــــؤبَّــــدا

فَـلنْ تَلِـدَ الأفْـعى سِوى مِثْلِ جِـنْسِها || وَلَـــنْ يَــلِــــدَ الإنْسـانُ إلا المُـــحَـــــدّدا

وَهــا هِيَ أجْـيالُ اليَـهـودِ تَــوارَثَـتْ || مِنَ الشَّرِّ مَــوْروثاً عَــلى الدَّهْـرِ سَرْمَـدا

تَأَصَّـلَ فـيـهِـمْ فِـطْــرَةً وَرَضـاعَـــةً || وَفي كُـلِّ شِـــرْيـانٍ سَــرى مُـتَـــجَــــدِّدا

سُـلالَـةُ سـوءٍ سُــمُّـهـا مُــتَــوارَثٌ || وَأَصْـبَـحَ مَعْــروفـــاً يَقـــيـنــاً مُــؤَكَّــــدا

يُؤَكِّـدُهُ التـاريخُ وَالــواقِـــعُ الــــذي || نَــراهُ وَنَــرْوي وَصْـفَـــهُ مِـثْـلَـمــا بَــــدا

وَأَذْكَـتْهُ صُهْـيونِيَّـةٌ كُـلُّ هَــمِّـــــهـــــا اغْــتِـصــابٌ وَإِجْـــرامٌ وَأنْ تَـتَـــمَــــدَّدا

يُريدونَ قَـهْـر النّاسِ في كُـلِّ بُقْـعَــةٍ || لِأَنَّ جَـمــيعَ الناسِ في شَرْعِـهِــمْ عِــدى

فِـلَسْطينُ أرْضٌ شَـعْـبُـهـا كانَ آمِــناً || وَيَحْــيـا بِأَرْضِ الحُــبِّ والسَّـلْــمِ سَـيِّــدا

وَفـيهـا تَلاقى الأنْـبـيـاءُ جَــمـيـعُـهُـمْ || وَقـدْ حَـضَنَـتْ مــوسى وَعيسى وَأحْمَـدا

وَلمْ تَـنْــفِ مِنْ أبْـنـائِـهـا أيَّ واحِـــدٍ || تَنَــصَّــرَ فــيــهــا راضِـيــاً أوْ تَـهَــــوَّدا

فَــماذا جَنَـوْا كيْ يَسْتَـبـيـحَ دِمـاءَهُـمْ|| صَهــايِـنَـةٌ هُــمْ أَرْذّلُ الخَـلْـقِ مَـحْــتِـدا

تَـنـادَوْا إلى الشَّرِّ الـوَبـيــلِ تَسوقُـهُـمْ || مَـطـامِـعُـهُـمْ ظُـلْـمــاً وَبَـغْــيـاً مُـجَــرَّدا

فَـمِــنْ كُـلِّ أفّـــاقٍ وَلِــصٍّ وَفـــاسِـــدٍ || إِلى كُــــلِّ وَغْـــــــدٍ بـالسِّــــلاحِ تَـزَوَّدا

وَمِــنْ كُـلِّ سَـفّـاحٍ أتى مُــتَـعَــطِّـشــاً || إلى الــدَّمِ يَسْـعى بـاغِـــيـاً مُــتَــوَعِّـــدا

فَلا هُــوَ يُصْغي لِلضَّـمـيـرِ وَصَـوْتِــهِ || وَلا هُــــوَ بِالأخْـــلاقِ يَـوْمــــاً تَـقَــــيَّـدا

************

لـكَ اللهُ يا شَعْـباً تَشَــبَّـثَ بِالحِــمــــى|| وَضَحَّـــى بِأَرْواحٍ وَجــاهَـــدَ وَافْـــتَـدى:

(أَلا أيُّـهـا العُــرْبُ الكِـرامُ تـنَـبَّـهـــوا || فَــأنْـتــمْ وَرائـي دَوْرُكُــمْ قـــادِمٌ غَـــــدا

فـهــيّــا أَعـيــنـوني تٌعـينوا نُفوسَكُــمْ) || يُـنـادي، وَلكـنْ قَــلَّ مَـنْ يَسْـمَـعُ الـنِّـــدا

لِأَنَّ مِـنَ الأَعْـــرابِ أشْــيـاخَ ضِـلَّـــةٍ || تَـأبَّى عَـلــيْـهِــمْ أنْ يُـعــانَ وَيُعْـــضَـــدا

يَسـيرونَ في دَرْبِ التّـواطُــؤِ خـفْـيـَةً || وَكَـــمْ وَعَـــــدوهُ أنْ يَـكـــونَ مُــــؤَيَّـــدا

مَــواعـيدَ عُـرْقــوبٍ تَجــدَّدَ ذِكْــرُهــا || أَلا ســاءَ عُــرْقــوبٌ ضَمـيراً وَمَـوْعِــدا

تَـمــادَوْا فَـباعــوهُ لِقــاءَ عُــروشِـهِــمْ || وَباعـوا فِـلَسْطـيـناً (وَقُــدْساً وَمَسْــجِـدا)

وَكَـيْـفَ تَنـاسَـوْا ديــنَــهُــمْ وَنَـبِــيَّـهُــمْ || وَتاريـخَ أَجْــــدادٍ مِـنَ الـمـجْــدِ أَمْجَـــدا

يَـبـيـعـونَ أغْـلى ما لَدَيْـهِـمْ لِيَكْـسِبـوا || مِـنَ الــذُّلِّ وَالسُّـحْــتِ مــالاً مُــجَـــمَّــدا

إذا هَــلَكــوا فَالْمــالُ يَبْـقى، وَعارُهُمْ || يرافِـقُـهُـــمْ وَصْمــاً وَخِــزْياً مُـــخَــلَّـــدا

وَلَـنْ يُنْـقِـذّ السُّلْطـانُ وَالمـالُ خـائِـنـاً || يُــبَــــدِّلُ بِـاللهِ الصَّــهــــايِــنَ سَــــــيِّـدا

وَمَنْ يَلْـتَـمِـــسْ عِـنْدَ العَــدُوِّ مَعَــزَّةً || فَـلَـيْسَ يَـرى غَــيْـرَ المَــذَلَّــــةِ مَــــوْرِدا

فـِلَسْطـينُ شَعْـبٌ مِنْ جَـبابِرَة الوَرى || سَـيَـبْـقى لَهُــمْ نَـيْـلُ الشَّهـادّةِ مَــقْــصِــدا

مَضى شُهَــداءُ الحَـقِّ فـيهـا قَــوافِـلاً || وَمــا زالَ بُـرْكـانُ الـلَّـظــى مُــتَــوَقِّــــدا

وَما زالَــتِ الْأَرْتالُ تَشْـتـاقُ دَوْرَهــا || وَكُـــلُّ أَبِـــيٍّ قـــدْ أَتــى مُــتَــشَـــهِّـــــدا

يَقولُ اشْهَـدوا يا قَـوْمُ أنّي أنا الفِــدى || لِشَـعْـــبٍ عـــلى آلامِـــهِ قـــدْ تَـمَـــــرَّدا

فَـلا المَـوْتُ مَـرْهــوباً إِذا كانَ عِــزَّةً || وَلا العَـيْــشُ مَــرْغـوبـاً إذا كــانَ أَنْكــدا

وَلا الأَمَــلُ الـمَـعْـقــودُ يَخْــبـو أُوارُهُ || وَرَبُّ السَّـمــا أحْـيــاهُ فـيـنـا وَعَــــقَّـــدا

وَمـــا العُـمْـرُ إِلّا لَـمْـحَـــةٌ زَمَــنِـيَّـــةٌ || تَحــولُ سَـراباً أوْ تَــدومُ عَـلـى المَـــدى

فَـتُـبْـصِـرُهُ الأَجْـيالُ أجْــمَـلَ مَــعْـلَــمٍ || أَضـاءَ لــهـا دَرْبَ الـفَــــلاحِ وَأَرْشَــــدا

**************************

الشاعر حسن منصور ـ من المجموعة الرابعة عشرة (بدون عنوان) ص4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى