إعداد: د. شيماء قنديل
تُعدّ التربية الوجدانية من أهم مجالات التربية التي تهدف إلى بناء الإنسان بناءً متكاملاً، فهي لا تقتصر على الجانب العقلي أو الجسدي فحسب، بل تسعى إلى تنمية مشاعره وقيمه واتجاهاته بحيث يصبح فردًا متوازنًا قادرًا على التكيف مع نفسه ومجتمعه.
وتعرف التربية الوجدانية بأنها العملية التربوية التي تهدف إلى إكساب المتعلم القيم والمواقف والميول والاتجاهات العاطفية التي تُسهم في تكوين شخصيته بشكل متوازن، بحيث لا يقتصر التعليم على الجانب المعرفي أو المهاري فقط، بل يشمل الوجدان أيضًا.
تهدف التربية الوجدانية إلى غرس القيم الأخلاقية مثل الصدق، الرحمة، التعاون، والانتماء، بالإضافة إلى تنمية الحس الجمالي والذوق الفني من خلال تقدير الأدب والفنون. كما تساعد الفرد على ضبط انفعالاته، وفهم مشاعره والتعبير عنها بشكل صحيح، مما يعزز العلاقات الإنسانية ويجعل المجتمع أكثر ترابطًا.
ويقسم علماء التربية “أبعاد التربية الوجدانية” إلي:
البعد العاطفي: والذي يختص بتنمية مشاعر الحب، الانتماء، الولاء، الرحمة.
البعد القيمي: الذي يساهم في غرس القيم الدينية والاجتماعية مثل الصدق والأمانة.
البعد الجمالي: والذي يشجع على تقدير الفنون، الأدب، الجمال الطبيعي.
البعد الاجتماعي: وهو البعد الذي يساهم في تنمية روح التعاون، المسؤولية، احترام الآخر.
وفقاً لتصنيف بلوم (Bloom’s Taxonomy) تقسم مستويات المجال الوجداني إلي:
الاستقبال (Receiving) → الانتباه للقيمة أو الموقف.
الاستجابة (Responding) → التفاعل مع القيمة (مثل المشاركة).
التقدير (Valuing) → إضفاء قيمة خاصة (الإيمان بأهمية الصدق).
التنظيم (Organization) → ترتيب القيم وفق أولويات.
التمثيل أو التخصيص (Characterization) → أن تصبح القيم جزءًا من الشخصية.
ويمكن تنمية التربية الوجدانية لدي الطلاب من خلال: القدوة الحسنة حيث يتأثر الأبناء والطلاب بسلوك الكبار فالطالب يتعلم أكثر مما يري لا مما يسمع، والقصة والمسرح لما لهما من أثر عاطفي في غرس القيم، إضافة إلى المناقشة والحوار التي تتيح التعبير عن المشاعر بحرية، وأيضًا المواقف العملية مثل المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية مثل تنظيف الفصل، أو زيارة دار مسنين، مما يُشعر الطلاب بالمسئولية والانتماء، الفنون .التذوق الجمالي فتشجيع الطلاب علي الرسم، الموسيقي، أ الخط العربي ينمي الحس الجمالي لدي الطلاب ويصقل وجدانهم. التشجيع والتحفيز وهو مكافأة السلوك الوجداني الإيجابي مثل مساعدة زميل أو احترام كبير فعندما يعزز المعلم هذا السلوك أمام زملائه فأنه يشجع الطالب علي تكرار هذا السلوك وتبنيه وجعله جزء من سلوكه. الربط بالدين والقيم المجتمعية، فالاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وحكم العلماء يقوي الرابط بين القيم والسلوك اليومي.
فالتربية الوجدانية ليست درس منفصل، لكنها موجودة في كل موقف وسلوك تربوي يمارسه المعلم مع طلابه داخل الصف الدراسي، وينقله إلى طلابه خارج الصف الدراسي ليصبح عادة وممارسة يومية في مواقف الطلاب الحياتية، ويتلخص هذا السلوك في نقاط بسيطة، وهي: كلمة من المعلم، نشاط جماعي، قصة قصيرة، أو حتى ابتسامة صادقة.
إنّ التربية الوجدانية ليست رفاهية تربوية، بل هي ضرورة في عالمنا المعاصر؛ لأنها تسهم في صناعة إنسان إيجابي، متوازن، يملك قلبًا نابضًا بالقيم، وعقلاً واعيًا، وسلوكًا ينعكس إيجابًا على أسرته ومجتمعه ووطنه.