لخَّصت الفلسفة الإسلامية قيمة السعي والعمل فى الحياة فى الآية القرآنية (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى ثم يُجزاه الجزاء الأوفى)؛ فالله سبحانه وتعالى يجازى البشر على سعيهم مهما بدا للبعض أنهم اجتهدوا وقاموا بكل ما يستطيعون فعله ولكن دون جدوى، فالله سبحانه وتعالى لا يغلق بابٱ إلا ليفتح أبوابٱ أخرى أوسع وأرحب ليكافئ كل إنسان على سعيه.
قد لا تكون المكافأة فورية أو في المجال والمكان الذي كنا نريده ونرغبه، ولكنها قد تكون فى تحقيق أمنيات أخرى، ربما تفوق أحلامنا، لكن متى وكيف؟ هذا ما يعلمه الله وحده، وهو يحدد الجزاء المناسب فى الوقت المناسب لكل من سعى، والشخص الذى يستسلم سريعاً لليأس كالذي يطفئ مصباحه ويظل يشكي من ظلمة الطريق دون جدوى.
لا تتوقف أبدٱ عن العمل والسعي واثقاً فى وعد الله ووعده الحق دائماً بالعطاء والرزق والمكافأة.. فيا كل الأبناء الذين لم يحالفهم الحظ فى الثانوية العامة فى الدور الأول؛ تماسكوا وواصلوا سعيكم لدخول الدور الثاني، فهو فرصة ثانية جديدة، ابذلوا كل ما بوسعكم من جهد وثقوا فى عطاء الله وحُسن تقديره، وأن ما كتبه هو الخير الذى نجهله الآن، ولكن مع الوقت سنعرف حكمته فى كل ما حدث لنا.
أما الأبناء الذين فاتهم هذا العام؛ فليترجوا عامٱ جديداً بنفس صابره واثقه فى تدبير الله دائماً وحكمته، لا تتوقف ابدٱ عن العمل والسعي وطلب العلم والرزق مهما كانت النتائج؛ فما أوسع كرم الله وفيض عطائه.
ولكل الأبناء الذين نجحوا أياً كانت الكلية التى سوف تلتحقون بها فهي ليست آخر المطاف، وليست هي من ستحدد مستقبلكم، بل طموحكم وذكاؤكم، فهى فقط بداية أما الدنيا كلها ففي انتظاركم.. فاسعوا فى مناكبها وكلوا من رزقه، كما أمركم الله، أما التعلل بالظروف والعقبات فلن يُجدي سوى تعطيل مسيرتكم وتوقفكم حيث لا يتوقف العمر.
اصمدوا واعتركوا الحياة بقلب شجاع، وعند كل عقبه انظروا إلى الأشخاص الذين هم محل إعجابكم وتباهيكم ومحبتكم، ربما كانت ظروفهم أصعب من ظروفكم، وحياتهم كانت مُلغّمة بالمشكلات والمعوقات التى قد تفوق مشكلاتكم وعوائقكم، لكنهم سعوا وصبروا وثابروا فكان توفيق الله حليفهم.
قُل لنفسك دائما؛ أنا أيضاً استطيع، الحياة قاسية جدآ على الجميع، والناجحون والمتميزون هم من قاوموها، ولم يتركوا أنفسهم للضياع والاستسلام، بل حاولوا وحاولوا وحاولوا؛ فالأحلام لا تتحقق بالأمنيات، ولكنها تتحقق بالجهد والكفاح، فالحياة معركة مستمرة… قاوِم ليس لديك خيارٌ آخر.