الجنس الناعم
التمكين الرقمي للمرأة يجعلها عنصرًا فاعلًا في المجتمع
شارع الصحافة/ بقلم- علي الحاروني:
إن تسليح المرأة بالتكنولوجيا الرقمية لهو الطريق لتحقيق المرأة مكاسب عدة وتمكينها سياسياً وإقتصادياً واجتماعياً وثقافياً لكن على الرغم من أن عملية تمكين المرأة تسير فى نهجها السليم عبر إزالة المعوقات التي تعرقل مشاركتها سياسياً أو اقتصادياً أو إجتماعياً وذلك من خلال القوانين والتشريعات، وتقديم التسهيلات واتخاذ الإجراءات السياسية والبرامج التي تدعم مشاركة المرأة وتمكينها ما يعزز وجودها كعنصر فاعل في المجتمع، إضافة إلى اتخاذ سياسات تمكين المرأة اقتصادياً من قبل غالبية الدول.
ويرجع ذلك الى عدة عوامل منها محاربة الفقر وتحقيق التنمية البشرية المستدامة وعلى الرغم من أن النساء يشكلن ما يقرب 3.82 مليارات نسمة مقابل 3.89 مليارات للرجل فإن مساهمتهن في المجال الاقتصادى أقل بكثير من المستوى المأمول وعلى ضوء ذلك سنتطرق إلى واقع التحول الرقمى للمرأة ومكتسباتها في حالة تحقيقها وسبل ذلك وهذا ما سوف يتم تناوله عبر محورين رئيسين.
أولاً- الواقع الرقمي للمرأة:
-
وتمثل الفجوة الرقمية فرصاً اقتصادية وتمكيناً ضائعاً من المرأة حيث ما تزال معدلات ولوج الذكور لخدمات الإنترنت وإستخدامه أعلى من الإناث حيث بلغت 58% عام 2021 مقابل 42% للإناث وذلك وفقاُ لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا ( الاسكوا) عام 2021م.
-
وفي عام 2020 صرح الإتحاد الدولى للإتصالات بوصول الفجوة الرقمية بين الجنسية الى 17% وذلك نتيجة الأمية الرقمية والعادات والتقاليد وتظهر فجوة مماثلة في استخدام الهواتف النقالة فقد ذكر تقرير للبنك الدولى عام 2021 بعنوان (توفير التكنولوجيا الرقمية على نحو منصف) بأن النساء فى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل اللاتى يمتلكن هواتف محمولة أقل بنسبة 8% من الرجال ويقل عدد النساء اللاتي تستخدمن خدمة الانترنت عبر الهواتف المحمولة عن الرجال بواقع 300 مليون مما يمثل فجوة بين الجنسين تبلغ 20% وهذا ينعكس على قدرة المرأة في تأسيس الشركات والنفاذ إلى الأسواق أو العثور على فرص وظيفية أو خدمات تعليمية وصحية ومالية أفضل.
-
ورغم إرتفاع اعداد النساء الملتحقات بدراسة مجالات التكنولوجيا للمعلومات والاتصالات على الصعيدين العربى والعالمى وفقاً لتقديرات البنك الدولى عام 2021م حيث شكلت النساء 59% من المسجلين للدراسة فى إختصاص علوم الكمبيوتر في العالم العربى وفى مصر 45% ولكن مازالت الحقيقة المؤكدة هو تراجع نسبة النساء مقانة بالرجال، علاوة على ضعف تمثيل المرأة في وظائف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمهن الأكاديمية في القطاع التكنولوجي وهذا يرجع إلى ميل النساء لممارسة الأعمال الروتينية ما يقلل من احتمالات وصولهن الى المناصب القيادية بنسبة 15% عن الرجال.
ثانياً- مكتسبات المرأة من التحول الرقمى (رؤية مستقبلية)
-
التحول الرقمي للمرأة يمكنها من المشاركة إقتصادياً وسياسياً وإجتاعياً حيث تعطيها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فرصة أكبر للحرية والتعبير تقوم من خلالها بالتصدى للقوانين والأعراف المقيدة لها وجذب إهتمام الرأى العام لمشاكلها كما فى حملة (حق القيادة) والتي أطلقتها النساء في السعودية وتطبيق (خريطة التحرش) في مصر.
-
علاوة على تنامى الاقتصاد الرقمي لها وإنشاء أسواق جديدة وأعمال متنوعة لها تدر لها دخلاً أكبر، مع إتاحة الخدمات المالية كالتحويلات والمدفوعات الرقمية والأموال المتنقلة الأمر الذي يحافظ للمرأة على أموالها ويحقق إستقلاليتها هذا علاوة على المكاسب السياسية والوصول إلى مناصب قيادية كما حدث في الإنتخابات الأردنية حيث استطاعت المرأة الوصول إلى الناخبين إلكترونياً.
-
ومن أحل تفعيل انخراط المرأة فى الإقتصاد الرقمي وتقليص الفجوة الرقمية بين الجنسين علينا تمكين الاستثمار المبكر للنساء فى المجالات العلوم والتكنولوجيا واتخاذ تدابير تضمن المساواة فى الحقوق وإدماج تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات في الاستراتيجيات والخطط الوطنية لتمكين المرأة وإعتماد التشريعات والعمليات التنظيمية لتحقيق ذلك مع تسليم المرأة بالمهارات الملائمة من خلال إتاحة التدريب فى مجالات التسويق عبر الانترنت وأسس البيع أونلاين وتعريفها بطرق الدفع المختلفة على الإنترنت وإطلاق المجتمع المدني لمبادرات تدعم تشغيل المرأة الكترونيا كما حدث فى ليبيا والمغرب.
-
وفي النهاية يجب التأكيد على أن التمكين الإقتصادى للمرأة هو الطريق الأمثل لتقليص الفجوة الرقمية بين الجنسين والتى يمكن تحقيقها عن طريق الوصول إلى المعلومات وإكتساب المهارات التى تؤهلها للالتحاق بالعمل وفتح أسواق جديدة وتحقيق إستقلاليتها إجتماعياً وسياسياً وإقتصادياً.وهذا يتطلب القضاء على المعوقات التي حالت دون تمكين المرأة فعلياً فى سوق العمل والمتمثلة فى الأمية والمستوى التعليمى المنخفض وتدنى أجور المرأة.