ملفات
الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين.. مسؤولية مَن ؟! (علي الحاروني- مصر)
في الوقت الذي بدات فيه دائرة تسجيل السكان الإسرائيلية في القدس مع نهاية عام 2019 م حملة لتقليص فترة الانتظار للحصول علي الجنسية الإسرائيلية لتصبح عاماً واحداً بدلاً من ستة أعوام وبشرط تحدث اللغة العبرية وأداء قسم الولاء لدولة إسرائيل وخلو السجلات الأمنية من أي أنشطة معادية لإسرائيل وفقاً لما ذكرته صحيفة (هارتس) الإسرائيلية فإن طلبات الحصول علي الجنسية الإسرائيلية من قبل سكان القدس الشرقية في ارتفاع مستمر وغير مسبوق.
حيث تقدم 1633 فلسطينيًا من القدس الشرقية في عام 2020 / 2021 م للحصول علي الجنسية الإسرائيلية في مقابل 69 طلباً فى عام 2003 و164 طلباً فلسطينياً فى عام 2018 حتي نهاية هذا العام تمت الموافقة على 1826 طلاً فلسطينياً للحصول على الجنسية الفلسطينية لتكون إجمالي الحاصلين عليها 24 ألف فلسطيني من شرق القدس منذ أن سيطرت إسرائيل علي كامل مدينة القدس عام 1967م.
ويأتي هذا في سياق سياسة الاحتلال الإسرائيلي لإلغاء الهوية والوجود الفلسطيني في مدينة القدس وفي محاولة لتكريس أغلبية يهودية في شطريها ، هذا في الوقت الذي لم تتخلي فيه إسرائيل عن سياستها العنصرية والتمييزية بحق الفلسطينيين.
وتعمل إسرائيل أيضاً منذ سيطرتها علي القدس عام 1967 م علي منح الفلسطينيين في الجزء الشرقي منها الإقامة الدائمة مما سمح لهم بالتصويت في الانتخابات البلدية والحصول علي التأمين الصحي ومزايا الضمان الاجتماعي، لكن ذلك لايسمح لهم بالتصويت في انتخابات الكينست (البرلمان) أو الحصول علي جواز سفر إسرائيلي.
تحول جذري وأسباب متعددة
ولقد أشار معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني في أحدث دراساته أن ربع فلسطيني القدس الشرقية يعربون عن تفضيلهم الجنسية الإسرائيلية إذا ما خيروا وأن %52 من عرب القدس الشرقية كانوا مستعدين للعيش تحت حكم إسرائيل والتخلي عن الجنسية الفلسطينية لأسباب عملية من دون الالتزام بالهوية الذاتية أو الأيديولوجية.
وإذا أردنا تحليل ظاهرة تجنيس الفلسطنين بالجنسية الإسرائيلية ومعرفة أسبابها نجد أن في المقام الأول هو تصعيد سياسات الهدم ومصادرة الأراضي وسحب الهويات وفقدان الأمل بوجود دعم فلسطيني ودولى لهم مما دفعهم بأن الجنسية الإسرائيلية هي الملاذ الآمن والحل المنقذ لهم.
كما أن الزيادة الملحوظة في طلبات الحصول علي الجنسية من قبل سكان القدس الشرقية جاء لحماية قدرتهم علي السكن والعمل في المدينة وخوفاً من سحب إقامتهم من قبل وزارة الداخلية علي عكس الجنسية التي يمكن سحبها في أوقات نادرة جداً خاصة وأن ثلث المقدسيين حاصلون علي جوازات أردنية مؤقتة والثلثين الآخرين ليست لديهم جنسية لكن مكانتهم في إسرائيل مصنفة علي أنها دائمة خاصة وأن إسرائيل منذ عام 1995 م بدأت في سحب الإقامة من سكان القدس الشرقية لمجرد انتقالهم للدراسة أو العمل أو الزواج بالخارج لمدة خمسة سنوات متواصلة وفقاً لمنظمة (هموكيد) الحقوقية الإسرائيلية فإن أكثر من 14500 من سكان القدس الشرقية تم سحب إقامتهم منذ عام 1995 وحتى عام 2021م.
رؤية مستقبلية
فعلى الرغم من قيام السلطات والهيئات والمجتمعات المدنية منظمات حقوق الإنسان في فلسطين وعلي رأسها ( الهيئة الإسلامية العليا في لقدس ) بمطالبة المقدسيين بعدم الوقوع فيما أسموه (شرك) الحصول علي الجنسية الإسرائيلية لما فيه خيانة للهوية الفلسطينية حيث أن ذلك سيكون في مقابل الولاء لإسرائيل وإرغامهم علي التجنيد في صفوف الجيش الإسرائيلي وأذرعه الأمنية والشرطية المختلفة، هذا مع إصدار فتاوي تحرم وتجرم الحصول علي هذه الجنسية لأن أضرارها أكثر من منافعها.