أدب وثقافة

خُذ بِكَفِّي (بقلم: سمير الزيات- مصر)

يَا حَبِيبِي ! ، تَكَسَّرَتْ أَقْلاَمِي

جُنَّ قَلْبِي، وَضَاعَ حُلْوُ كَلاَمِي

حَطَّمَتْنِي وَدَاعَتِي وَهُدُوئي

دَمَّرَتْنِي ، وَهَدَّنِي تِهْيَامِي

كُلَّمَا قُمْتُ لِلْحَيَاةِ أُغَنِّي

اسْتَدَارَتْ، وَضَيَّعَتْ أَحْلاَمِي

ضَيَّعَتْنِي وَالْقَلْبَ بَعْدَ شُمُوخِي

بَعْثَرَتْنِي ، وَمَثَّلَتْ بِحُطَامِي

***

يَا حَبِيبِي ! ، وَهَذِهِ أَشْلائِي

قَدْ تَلاشَتْ مَعَ الصَّبَاحِ أَمَامِي

هَلْ تُرَاكَ تُعِينُ بَعْضَ شَقَائِي ؟

أَمْ تُرَانِي قَدْ أَخْطَأَتْ أَوْهَامِي ؟

إِنَّنِي – يَا حَبِيبَ نَفْسِي – أُعَانِي

بَيْنَ أَنْقَاضٍ مِنْ فُتَاتِ قَوَامِي

يَا حَبِيبِي إِنْ كَانَ عِنْدَكَ شَيءٌ

مِنْ حَنَانٍ ، وَرَحْمَةٍ، وَغَرَامِ

خُذْ بِكَفِّي، وَنَجِّنِي، يَا حَبِيبِي

مِنْ حُطَامِي حَتَّى أَلُمَّ عِظَامِي

***

كَمْ تَغَنَّيْتُ بِالْحَيَاةِ ، وَغَنَّى

قَلْبِيَ الدًّلُّ لِلْقُلُوبِ الدَّوَامِي

وَأَطَلَّتْ عَلَى الْحَيَاةِ قِلاعٌ

مِنْ قُنُوطٍ، وَهَالَةٌ مِنْ ظَلامِ

قَدْ تَعَالَتْ إِلَى السَّمَاءِ وَصَارَتْ

فِي عيُونِي كَظُلَّةٍ مِنْ غَمَامِ

فَتَهَاوَتْ جَمِيعُهَا فَوْقَ رَأْسِي

دّغْدَغَتْنِي، وَدَغْدَغَتْ أقْدَامِي

وَتَدَاعَتْ مَعَ الْقِلاعِ حَيَاتِي

وَتَوَارَتْ تَحْتَ الثَّرَى أَحْلامِي

فَإِذَا بِالْحَيَاةِ صَارَتْ جَحِيماً

يَتَغَذَّى بِهَيْكَلِي وَقَوَامِي

***

وَتَوَالَتْ عَلَى الْفُؤَادِ هُمُومٌ

تَحْتَوِينِي، وَقُصِّفَتْ أَقْلامِي

وَإِذَا بِالْفُؤَادِ صَارَ دُخَاناً

وَغُبَاراً يَطِيرُ فَوْقَ حُطَامِي

يَتَغَنَّى إِلَى الْحَيَاةِ وَيَشْدُو

بِأَغَانٍ تَخُطُّهَا أَوْهَامِي

***

وَيْحَ قَلْبِي !، وَمَا عَسَاهُ يُغَنِّي

يَتَنَاسى عَوَاصِفَ الآلامِ

لا يُبَالِي عَدَاوَةً مِنْ حَيَاةٍ

تَتَلَهَّى، يَسُرُّهَا إِيلامِي

يَتَغَنَّى، وَدَائِماً يَتَغَنَّى

رَغْمَ ضعفي، وَجَفْوَةِ الإِلْهَامِ

يَتَمَنَّى مِنَ الْحَيَاةِ صَفَاءً

وَرَخَاءً، وَرَاحَةً لِلأَنَامِ

يَا لَقَلْبِي !، وَيَا لَرَوْعَةَ خَوْفِي !

يَا لَضَعْفِي عَلَى الْكُرُوبِ الْجِسَامِ

***

هَذِهِ – يَا حَبِيبَ نَفْسِي – حَيَاتِي

تَتَلاشَى عَلَى مَدَى الأَيَّامِ

تَعْتَرِيهَا مَعَاوِلٌ مِنْ جُنُونٍ

وَغُبُونٍ، وَنَفْحَةٌ مِنْ سَقَامِ

يَا حَبِيبِي ! ، وَمَنْ يَرُدُّ يَقِينِي

يَحْتَوِينِي ، وَيَحْتَوِي آلامِي

غَيْرُ قَلْبٍ – مِثْل الْوُرُودِ – رَقِيقٍ

– فِي عَنَائِي – يَحِنُّ كَالأرْحَامِ

ضُمَّنِي لِلْقَلْبِ الْحَنُونِ وَقَوِّي

ضَعْفَ قَلْبٍ أَوْهَاهُ جُرْحٌ دَامِ

***

يَا حَبِيبِي ! ، وَمَنْ لِقَلْبِيَ إِلاَّ

قَلبكَ الصَّب، عاشق الأحْلامِ

كُنْ لَهُ، عَلَّهُ يَقُومُ يُغَنِّي

عَنْ أَسَاهُ بأَعْذَبِ الأَنْغَامِ

عَلَّ قَلْبِي يفِيقُ بَعْدَ هَلاكِي

وَدَمَارِي، فَأَسْتَعِيدُ زِمَامِي

وَأَعُودُ فَأَشْتَرِي أَقْلاماً

بَعْدَمَا كَسَّرَ الأَسَى أَقْلامِي

خُذْ بِكَفِّي، حَتَّى أُشِيدَ بِنَائِي

خُذْ بِكَفِّي، حَتَّى أَلُمَّ حُطَامِي

خُذْ بِكَفِّي، وَنَجِّنِي يَا حَبِيبِي !

مِنْ حُطَامِي، حَتَّى أُقِيمَ قَوَامِ

_____________________________

سمير عبد الرءوف الزيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى