أدب وثقافةمميز

د. حاتم الجوهري يرصد أسباب تخلي بعض النخب العربية عن القدس في ظل ولاية «ترامب»

في دراسة صدرت حديثا في عدد ديسمبر 2020م من مجلة أدب ونقد؛ بعنوان: القدس ودوافع خطاب الاستلاب للآخر عند النخب العربية (مقاربة نقدية)، يرصد دكتور حاتم الجوهري النخب العربية التي قدمت خطاب الاستلاب للآخر الصهيوني، في ظل صفقة القرن وفترة ولاية دونالد ترامب.

الدراسة التي صدر الجزء الأول منها (1/2) في العدد رقم 393 من المجلة؛ ترصد مجموعة من الأسماء العربية التي ظهرت في الفترة من 2016م وحتى ما قبل الربع الثالث من عام 2020م، وذلك تقفيا لأثر خطاب الاستلاب المركزي الذي خرج به يوسف زيدان في نهاية عام 2015م تواكبا مع حملة دونالد ترامب الانتخابية الأولى، التي تحدث فيها عن مشروع الصفقة ونقل العاصمة الأمريكية في “إسرائيل” للقدس المحتلة.

واستطاع الجوهري رصد 16 نموذجا عربيا من المحيط غربا إلى الخليج شرقا، تتبعوا أثر خطاب الاستلاب الذي خرج به يوسف زيدان، مع استبعاد مراد وهبة الذي خصص له دكتور حاتم الجوهري دراسة خاصة به وبخطابه صدرت في العدد من مجلة ميريت.

قسَّم الدكتور حاتم الجوهري النخب التي رصدها إلى ثلاثة مجموعات رئيسية.

وهي الاستلاب العلماني (نُخَبُ تَبَنِّي خطاب الاستلاب باسم العلمانية)، وتتكون من الاستلاب العلماني (مصريًّا ) الذي ضم: سعد الدين إبراهيم – مصطفى الفقي – محمد وهبة، و كذلك الاستلاب العلماني (عربيًّا) الذي يضم: سليمان الطراونة (الأردن) – نبيل فياض (سوريا) – فرحات عثمان (تونس).

 ثانيًا: الاستلاب الديني (نخب تبني خطاب الاستلاب باسم الدين)، ويتكون من الاستلاب الديني المذهبي (من داخل الدين الإسلامي) الذي يضم: أحمد صبحي (قرآني) – سامح عسكر  (إخواني منشق) – مصطفى راشد (أزهري منشق)، وكذلك الاستلاب الديني الطائفي ( من الدين المسيحي) الذي يضم: زكريا بطرس (قس مسيحي مصري منشق/ معزول).

 ثالثًا: الاستلاب السلطوي العام (نخب الاستلاب باسم التقرب عامة للسلطة)، ويتكون من الاستلاب السلطوي العام من مصر الذي يضم: توفيق عكاشة – أحمد موسى ، وكذلك الاستلاب السلطوي العام من السعودية الذي يضم: صالح الفهيد – فهد الشمري. ورابعًا وأخيرًا: الاستلاب السلطوي التوظيفي (نخب الاستلاب باسم الوطنية والمقاومة) الذي ضم اسمان أحدهما اسم كبير في الدراسات العبرية أوضحت الدراسة أنه سرعان ما تراجع عن المقاربة وعاد لمساره الأصلي، وانفصل عن دعاتها.

 

 

وقدم حاتم الجوهري فرضية نظرية في الدراسة لتفسير دافعية تبني خطاب الاستلاب عند تلك النخب، وهذه الفرضية تنص على: إن كل من تبنى خطاب الاستلاب، في شكل الخروج والانسلاخ عن رواية “الذات العربية” وسرديتها ببعدها التاريخي او السياسي أو الديني أو الثقافي أو الحضاري.. إلخ، ولم يتمسك بتقديم خطاب نقدي بغرض إصلاحها والبحث عن نموذج لتحديثها من داخلها لا الانسلاخ عنها، كان دافعه لذلك يقوم على وجود عامل مسبق أو محفز لتجربة فكرية عامة أو موقف ذاتي قديم، أدى لأن يكون هذا الشخص على قطيعة مسبقة مع الذات العربية، أو مع سرديتها المركزية، بما يبرر قبوله بخطاب الانسلاخ عن روايتها كلية، وفي الصراع العربي الصهيوني خصوصًا ومسألة القدس والمسجد الأقصى..

أو على الأقل كان مع القطيعة مع إحدى الروايات السائدة فيها سواء الفكرية أو السياسية أو الدينية، أو على ضعف قيمي يجعله يتكيف مع اختيارات سلطة سياسية ما، بحيث يتم تبني خطاب الاستلاب تكيفًا مع اختيارات تلك السلطة السياسية أو قطاع فيها، بادعاء أن خطاب الاستلاب سيعود مرحليًّا بالنفع أو الوظيفية باعتباره تكتيكًا سياسيًّا قصير المدي أو استراتيجية طويلة المدى.

وفق الفرضية النظرية هذه تمكنت الدراسة من تفسير تشكل خطاب الاستلاب العربي المعاصر، في فترة ترامب، من فسيفساء متعددة ومختلفة المشارب الفكرية والثقافية، حيث سنلاحظ تنوع توجهات النماذج التي تبنت خطاب الاستلاب ومقولاته الرئيسة.

ما بين التوجهات أو المبررات العلمانية التي قدمَتها لتفسر لماذا تبنت هذا الخطاب، وكذلك المبررات الدينية التي قدمت لتبرر تبني البعض هذا الخطاب ما بين المبررات المذهبية (كما عند نموذج ينتسب للقرآنيين)، وما بين الداوفع السياسية (كما عند نموذج ديني منشق عن جماعة الإخوان)، أو نموذج ديني يرفع شعارات التحديث والمرونة وإعمال العقل (يعمل مفتيًا لدولة أستراليا). كذلك تبنى البعض هذا الخطاب بمبررات دينية طائفية مسيحية (قامت في الأصل على الجدل مع الدين الإسلامي في مواجهة المسيحية)، وتبناه البعض في الإعلام تقربًا للسلطة واستشعارًا بأنه خطاب مرضي عنه ويجري اختبار تمريره، كما تبناه البعض تحت شعارات تقارب الوطنية والمرحلية التي تواكب اللحظة وما إلى ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى