أدب وثقافة

ذكرتُها ودموعُ العينِ تخنقني !!  (بقلم: الشاعر حسن منصور- الأردن)

ذَكَـرْتُـها وَدُمـوعُ العَـيْـنِ تخْــنُــقُــني || والشوق برّح بي والـوَجْـدُ يَقْــتُـلُـني

وقـلتُ يا لـيْـتَـني ما كـنـتُ أبْرَحُــهـا || أوْ قَـسْوَةُ العَـيْـشِ والأيّامِ تُـبْـعِــدُني

وَما ابْـتَـعَـدْتُ ولكنْ كـنتُ في سَفَــرٍ || أسْعى إلى مِـنَّةٍ منْ صاحِـبِ الْمِـنَنِ

وَعُــدْتُ أحْـمِـلُ أشْـواقي فَـأوْقَـفَــني || بِبابِهـا غـاصِبٌ مـا كانَ يَرْحَـمُــني

وأوْصَدَ الـبابَ في وَجْـهي وهَــدَّدَني || وَصَوْتُهُ هـادِراً بِالـمَـوْتِ أوْعَــدَني

وَصَـدَّني قـــائِلاً أنْتَ الغـريـبُ هُــنا || وَهــذهِ أرْضُــنا مـنْ غـابِرِ الـزَّمَن

رأيْتُ نفـسي وَحـيداً عـاجِـزاً تَعِـساً || قـدْ كُنتُ في غَفْلَةٍ وَالظُّـلمُ أيْقَـظـني

لا يَقـتُلُ النفْسَ مِثْلُ العَـجْـزِ عَنْ تِرَةٍ || مــنْ مُجْـــرِمٍ مـاثِلٍ لِـلعَـيْنِ وَالأُذُن

فكـيفَ يَصْـبِـرُ مَـنْ كانـتْ تُلاحِــقُـهُ || ثلاثةَ القـهْــرِ وَالأشْـواقِ وَالـمِـحَــن

وَالصَّـبْرُ ذُلٌّ إذا لـمْ يَــبْـقَ لي أَمَـــلٌ || وَكُـنْتُ مِـثلَ سَـجـينٍ لازِماً سَـكَـني

أرى العَـدُوَّ طَغـى لا شيءَ يَـرْدَعُـهُ || لا الـثّأرُ يُقْــلِـقُـهُ أوْ شِـدَّةُ الضَّـغَــن

بلْ يَطْـــمَـئِـنُّ إِذِ الـعُــرْبـانُ تَشْـهَـدُهُ || وَكُلُّ ذي صَوْلَجــانٍ راعِـشُ الـبَدَن

يَرْجـو السَّلامّـةّ وَالكُــرْسِيُّ غـايَـتُـهُ || وَأنْ يَنالَ الرِّضى في السِّرِّ وَالعَـلَن

تلــكَ الأمانِيُّ أقْـصى ما يُخـالِـجُــهُ || من أجْــلِهـا كلُّ شيءٍ تافِـهُ الـثَـمَــن

وليسَ يَخْجَلُ منْ شَـعـبٍ يُعـارِضُهُ || أوْ منْ حِسابٍ سَيَتْلو النوْمَ في الكَفَن

**********

وكُـلّـــنـا حــائِـرٌ وَالـهَـــمُّ يَقْـتُـلُــــنـا || بِفِعْـلِ (مُنْـبَـطِـحٍ) للْخَـصْمِ مْـرْتَـهَــن

وَالعَزْمُ يُدْني المُنى مِنْ كلِّ ذي أَمَلٍ || يَسْـعى بِلا كَـلَـلٍ يَمْـضي على سَـنـَن

وَالعَـجْـزُ يُـبْعِــدُهُ إِنْ كان ذا خَــوَرٍ || أوْ كـانَ ذا رِدّةٍ مَـعْ سـائِـرِ الـخَـــوَن

صارَتْ فِلَسْطينُ في الأحْلامِ أمْنِيَةً || كالطَّيْفِ إنْ زارَني في النّوْمِ أسْعَدَني

كَأنَّهـا زَمَــنٌ أوْ حِـــقْــبَـةٌ طُـــوِيَـتْ || وَلَمْ تَكُــنْ بَلَــداً مَـأْهـــولَـةَ الـمُــــدُن

ذكَـرْتُـهــا وَأَنـيـنُ الـقـلـبِ مُـتَّـصِـلٌ || وَشَـوْقُـهُ النّـارُ، مَــوّالٌ مِـنَ الشَّـجَـن

وَالرّوحُ تَهْـفـو وَفي نَوْمي تُغادِرُني || وَتَسْـألُ اللهَ أنْ تَـرْتــاحَ في الـوَطَــن

لِذا فَـفي النَّـوْمِ أحْــلامي مُـجَـنَّـحَــةٌ || فَـلَـيْـتَـني مُدْرِكٌ ما كانَ في الوَسَــن

لكنْ إِلامَ سَيـبْـقى الحُـلْـمُ يُنْـصِفُــني || وَالـواقِعُ المُــرُّ لا يَنْـفَـكُّ يُحْـبِـطُـــني

إلى مَتى سَـيَظَلُّ العُـمْـرُ مُـنْـتَـظِـراً || وَالقَـلـبُ يَخْــفِـقُ والـدُّنْـيـا تُـعَــلِّـلُــني

هذا سُـؤالٌ يُلـبّي السَّـيْـفُ لَهْـفَــتَــهُ || في كَـفِّ شَهْـمٍ شَـديدِ البَأْسِ مُـؤْتَـمَــن

إيـمانُـهُ راسِـخٌ لا شَـيْءَ يُـرْهِــبُــهُ || بِغَــيْرِ ديـنِ الـوَفــا وَالـحَــقِّ لـمْ يِــدنِ

يَنْقَضُّ في وَمْضَةٍ مِثلَ الشِّهابِ إلى || مَــواطِـنِ الشَّـرِّ وَالإجْــرامِ وَالـفِـــتَـنِ

وَرايَةُ الحَــقِّ عِـندَ الحَـرْبِ واحِدَةٌ || في أمَّـةٍ خَـلُصَتْ مِـنْ سَطْـوَةِ الإِحَـــنِ

هـذا الـذي إِنْ أتى يَـوْمـاً بِـهِـمَّـتِــهِ || شَفى غَـلـيلي، مِـنَ الأعْـداءِ أنْـصَفَـني

************************************************************

الشاعر حسن منصور

من المجموعة الثالثة عشرة ـ ديوان جديد (دون عنوان) ص87

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى