مقالاتمميز

د. فايزة الحسيني تكتب: التعليم الممتع مدخلاً لنشر ثقافة الإبداع في المدارس

تواجه التربية على مستوى العالم تحديات كثيرة متعددة ومتسارعة، وذلك نتيجة للتغيرات الهائلة في المعارف والمعلومات. وتتطلب هذه التحديات مراجعة شاملة لمنظومة التعليم في دول العالم المتقدمة والنامية، وقد أدى ذلك إلى إيجاد مداخل ونماذج لتطوير وتحديث المناهج الدراسية.

 وتُعد عملية تطوير المناهج الدراسية مهمة وضرورية، لأنه لا يمكن تصور وجود منهج ثابت لا يتغير في مجتمع دائم التغيير والتطوير، حتى يواكب ما يحدث من حوله في العالم من متغيرات سريعة ومتلاحقة.

 ويجب أن يكون التطوير أصيلاً علمياً يأخذ في اعتباره ثقافتنا، وخصوصيات مجتمعاتنا د، وأن يراعي التغيرات العالمية المعاصرة.

من هنا أصبح تقديم قدر من المعرفة للمتعلم في صورة أو أخرى، وعلى مدى عدة سنوات من خلال المناهج الدراسية دون تطوير يتناقض مع ما يتميز به هذا العصر من تطوير وتغيير مستمرين، ولذا فإن عملية تطوير المناهج الدراسية يجعل مراحل التعليم العام لابد وأن تكون عملية مستمرة غير منتهية.

 وأصبح التربويون يهتمون بكيفية إكساب المتعلم مهارات التعلم الفعال، أكثر من اهتمامهم بكمية المعلومات والمعارف التي يتلقاها.

 وبدأ البحث عن تعلم يكسر مشاعر الملل من المقررات النظرية، ويشجع على الإبداع، ويشجعنا على أن نصبح متعلمين مدى الحياة، أفضل طريقة لتحقيق هذه الأهداف هو التعليم الممتع.. فما هو التعليم الممتع ؟

 

هو نهج شامل للتعليم يهدف الى إثارة إنتباه المتعلم، وزيادة دافعيته للتعلم المستمر مدى الحياة، وإحداث حالة من التدفق والمشاركة المنتجة، باستخدام طرق مبتكرة وممتعة للتعلم، في شكل خبرات تعليمية متكاملة ومرنة يشارك المتعلم في تصميمها وتنفيذها، من أجل تحقيق نواتج التعلم المنشودة وإمتاع الطلاب بما يتعلمونه.

ويرتكز التعلم الممتع على فلسفة التظرية البنائية في التعلم، فهو ليس فقط من أجل المرح، ولكن يرتكز على أنماط التعلم لدى الطلاب.

 وتُعرف أنماط التعلم بأنها: الطريقة المفضلة لدي الفرد في إدراك المعلومة ومعالجتها، والطرق التي يتعلم بها كل طالب بشكل أفضل، ما يجعل كل فرد يختلف عن الآخر في نمط تعلمه..
ولكن كيف يكون التعليم ممتعاً، وينمي الإبداع لدى الطلاب ؟

 من خلال مايلي:
– التحول من التعلم التقليدي إلى التعلم النشط، القائم على إيجابية المتعلم، وتفاعله مع زملائه من خلال استخدام طرائق تدريس متنوعة مثل؛  الألعاب التعليمية، المحطات، لعب الأدوار، التعلم التعاوني، ترمومتر المشاعر الثلاثي (سعيد، محايد، متكدر) لمعرفة انطباعات المتعلمين عن الحصة، حوض السمك، التكعيبات ،… إلخ.

– توزيع المهام على الطلاب وتدريبهم على إنجازها بطرق متعددة.
– الاهتمام بالتدريس الفارقي: ينبغي مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب فلا يوجد شخص سمعي فقط أو بصري، حركي فقط.. إن الطالب الواحد قد يجمع بين كل هذه الحواس لكن بدرجات متفاوتة، وكلما استخدم المعلم طرائق تدريس وتقنيات تعليم متنوعة، كلما كان التعليم أكثر جاذبية وتشويقاً.

– التكامل بين المواد الدراسية: بمعني تدريس المعلومات بطريقة متكاملة، والقضاء على الحواجز الفاصلة بين المواد الدراسية، وإيجاد القواسم المشتركة بين مختلف المواد الدراسية.

– إنشاء ركن الإبداع داخل حجرة الدراسة لعرض إبداعات الطلاب من (مشروعات، رسومات، أعمال يدوية، رسومات، قصائد ……..) التي تم إنجازها خلال الأنشطة لاحتضان المواهب وتطويرها.

– استخدام تقنيات التعليم الحديثة وتوظيف التكنولوجيا في تحقيق أهداف الدرس، مثل استخدام الفصل المعكوس، السبورة الذكية ( السبورة التفاعلية ) SMART Boards ، المدونات الصفية Class Blog، المشاركات السحابية Cloud Sharing مثل Drobpox، وجوجل درايف Google Drive، ومايكروسوفت سكاي درايف Microsoft SkyDrive، وسحابة أبل Apple iCloud لحفظ الملفات، المنصات التعليمية مثل إدمودو (Edmodo).

– طرح الأسئلة المناسبة والمحفزة على التفكير الناقد والإبداعي.

– تدريب الطلاب على البحث عن إجابة السؤال بكل الطرق الممكنة.

– ربط المعارف والمهارات بالحياة اليومية للطلاب من خلال التعلم القائم على المشروعات.
– اعتبار كل فكرة هي براءة اختراع والحرص على تحسينها وتطويرها لتحفيز الطلاب.

فإذا أردنا بناء العقول المبدعة، لابد أن يكون التعلم فعالاً، بمعني أنه يلبي احتياجات الطلاب النفسية ويثير  للتعلم، من الممكن أن يكون التعلم صعباً، ولكن ليس مرهقاً أو مخيفاً، فعندما يحب الطالب ما يفعله، فإنه يشعر بالمتعة في الحصول على المزيد من المعرفة.. ومن هنا تنمو ثقافة الإبداع والتعلم مدى الحياة.

 

وأقترح عمل مسابقة تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، عن التعلم الفعال بين المدارس، لتشجيع المعلمين على ممارسة أنشطة التعلم الممتع في ظل منظومة التعليم الجديدة التي طبقتها الوزارة عام ( 2018- 2019م) على أبعاد التعلم الأربع ( التعلم للمعرفة، تعلم لتكون، التعلم للعمل، التعلم للتعايش مع الآخر ).

   وهي أبعاد مترابطة ومتكاملة قد تؤدي في مجملها إلى تحقيق أهداف التعلم الفعال، لو تم تدريب المعلمين على تطبيق مبادئ التعليم الممتع، من أجل بناء الشخصية المصرية القادرة على الإبداع.

★★★★★
أ.د. فايزة أحمد الحسيني مجاهد-
أستاذ المناهج وطرق التدريس- كلية البنات- جامعة عين شمس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى