مقالات

مستقبل العلاقات الإسرائيلية- الأذربيجانية!!  (بقلم:علي الحاروني- مصر)  

 إن الرغبة في تحقيق أهداف إستراتيجية أو كسب فرص سياسية أو تحييد تهديدات إستراتيجية.. تلك هي الدوافع الإسرائيلية الانفتاح على أذرييجان والتقارب معها والتى أعتمدت على العديد من الأدوات لتحقيقها ومن هنا نحاول في هذه الدراسة بيان تلك الدوافع الإسرائيلية وأدواتها وإلى أي مدى نجحت إسرائيل في تحقيق أهدافها، مع الاشارة الى التصعيد الإيرانى نحو أذربيجان والذى يصب فى النهاية في صالح إسرائيل وتركيا وهذا ما سوف نتناوله عبر ثلاثة محاور رئيسة.

أولاً- حوافز وأدوات التحركات الإسرائيلية في منطقة القوقاز (دولة أذربيجان نموذجاً)

        هناك العديد من الأهداف الإسرائيلية التى تسعى إلى تحقيقها من جراء تغلغلها فى منطقة القوقاز وبخاصة أذربيجان ومن أهمها استغلال الموقع الإستراتيجى لأذربيجان والتى يحدها إيران من الشمال والوصول إلى مطارات أذربيجان لإستخدامها كنقطة إنطلاق لقصف المواقع النووية الإيرانية، إضافة إلى ذلك تحاول إسرائيل استغلال الإمتداد الأذريانى فى إيران حيث تعد الأقلية الأذرية هى أكبر الأقليات العرقية فى إيران حيث يبلغ تعدادها إلى ما يقرب من 20 مليون أذرى.

 وتستهدف إسرائيل إستغلالهم للإنفصال عن إيران وهو ما ظهرت ملامحه فى فبراير 2021م حيث دعا حزب أذربيجان الجديدة إلى تسمية  بلاده بدولةشمال أذربيجان , علاوة على المحاولات الإسرائيلية لإستغلال العمق الثقافى والشعبى لأذربيجان فى إيران وتجنيد بعض عناصر الأقلية الأذرية لتنفيذ أهداف إستخباراتية وعسكرية وأمنية داخل إيران بالتنسيق مع الإستخبارات الإسرائيلية.

      إضافة إلى ذلك تحاول إسرائيل تأمين مواردها النفطية حيث تمثل أذربيجان محطة مهمة فى توريد النفط من منطقة دول القوقاز وبحر قزوين ومنه إلى الشرق الأوسط بواسطة خط أنابيب – باكو – تبليس – جيهان ) والذى تعتمد عليه إسرائيل فى 40% من وارداتها من النفط على هذا الخط من خلال ممر بحرى من جيهان التركية الى ميناء عسقلان الإسرائيلية.

 كما أن إسرائيل ترى أن أذربيجان هى مقدمه لتعميق علاقاتها مع دول آسيا الوسطى خاصة كازاخستان وأوزباكستان المتجاورتين حدودياً مع إيران والزاخرتين بالموارد الطبيعية النادرة مثل اليورانيوم والراغبتين فى بناء إستقرار إقليمى عبر شراء أنظمة دفاعية وقتالية متقدمة من إسرائيل. فى المقابل ترى أذربيجان أ، هذا الهدف مشترك حيث ترغب فى أن تصبح ملتقى إقليمياً لتصدير الطاقة إلى السوق الأوروبية الطامحة لتحجيم الهيمنة الروسية من خلال مشروع (الممر الجنوبى).

      وفى هذا السياق إعتمدت إسرائيل على العديد من الآليات والأدوات لتحقيق إنفتاحها مع أذربيجان ومنها الأدوات الدبلوماسية والزيارات السياسية وقامت بفتح سفاراتها فى العاصمة الأذرية باكو فى 1993 م . إلى جانب ذلك إعتمدت إسرائيل على العامل التجارى مع أذربيجان حتى أصبحت ثانى أهم شريك تجارى لأذربيجان علاوة على الأدوات العسكرية والأمنية حيث وجدت إسرائيل ضلتها فى النزاع الأذربيجان الأرمينى حول منطقة ” ناجورنوقره باخ ” منذ عام 1992م لتعزيز التنسيق العسكرى والأمنى مع أذربيجان وعقد صفقات السلاح ومعدات التجسس وطائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للدبابات.

 وتهدف إسرائيل من ذلك التنسيق الترويج لمنظومتها الدفاعية ” القبة الحديدية ” فى منطقة آسيا الوسطى وهذا ما أكده معهد استوكهولم الدولى لأبحاث السلام من أن إسرائيل ثانى أكبر مصدر للأسلحة لأذربيجان حيث مثلت واردات الأخيرة 17% إجمالى صادرات من الأسلحة الإسرائيلية فى الفترة من 2016-2021 لكن ظل العامل الحاسم والأهم فى تقريب العلاقات الإسرائيلية – الأذربيجانية هو قطع إسرائيل علاقاتها مع أرمينيا ووجود أقليات يهودية فى العاصمة الأذرية باكو حيث لعبت هذه الأقلية دور اللوبى المدافع والمروج للمصالح الإسرائيلية داخل أذربيجان.

ثانياً- محددات مستقبل العلاقات الإسرائيلية – الأذربيجانية رؤية مستقبلة

    على الرغم من تعدد الدوافع والمصالح المشتركة بين إسرائيل وأذربيجان إلا أن الأخيرة لا ترغب فى إستفزاز إيران والحفاظ على علاقات محايدة معها ومن هنا حاولت أذربيجان تقييد أو وضع محددات لعلاقاتها مع إسرائيل لا سيما أن هناك قناعة إيرانية على ضرورة الوساطة بين أرمينيا وأذربيجان والعمل على إنهاء تلك الأزمة وإن كانت إسرائيل تأجيج الصراعات بين أذربيجان وإيران بفعل الدعم الذى تقدمه طهران لأرمينيا

– ومن هنا يمكن القول بأن هناك العديد من التحديات الإستراتيجية أمام الإنفتاح بين البلدين على كافة الأصعدة وخير دليل على ذلك عدم إيفاد أذربيجان بعثة دبلوماسية لها فى إسرائيل حتى الآن . كما أن اذربيجان لا تزال ترفض إستخدام إسرائيل لمطاراتها وأراضيها  لتهديد إيران , مع إعتراضها وتحفظها على قرار ضم إسرائيل لغور الأردن تحت سيادتها.

   إضافة إلى أن أذربيجان تلعب لعبة التوازنات الإستراتيجية فى منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وتحتفظ بعلاقات طيبة مع تركيا وطهران وموسكو للحفاظ على إستقرارها السياسى والأمنى هذا كله لم يسمح لإسرائيل بتحقيق أهدافها الإستراتيجية من جراء إنفتاحها وتوطيد علاقاتها مع أذربيجان

ثالثاً- التصعيد والقلق الإيرانى لصالح إسرائيل وتركيا

وفى النهاية نجد أن هناك نبرة عدائية لإيران ضد أذربيجان فى الآونة الأخيرة وبخاصة منذ أول أكتوبر 2021م وإغلاق طهران مجالها الجوى ضد الطيران العسكرى الأذربيجانى  وبدأت ملامحها أيضاً فى إجراء مناورات عسكرية قرب أذربيجان وتعزيز التعاون مع أرمينيا للإلتفاف حول أذربيجان وذلك كله للتخوف الإيرانى من التقارب الإسرائيلى – الإذربيجانى وإتهامها الأخيرة بإستضافة قوات إسرائيلية وعناصر إستخبارايته إسرائيلية على أراضيها والتخوف من النفوذ التركى وفرض السلطات الأذربيجانية رسوماً على الشاحنات الإيرانية المتجهة إلى أرمينيا وتهديد طرق النقل الإيرانية وإغلاق ممثليه المرشد الإيرانى فى باكو فى 5 أكتوبر 2021م كل ذلك قد يؤدى أى إحتمال التوترين إيران وأذربيجان فى المستقبل لاسيما مع الإنتصارات العسكرية الأذربيجانية ضد أرمينيا والذى ينعكس على تصاعد الإمتداد الإسرائيلي والتركى على حساب النفوذ الإيرانى فى أذربيجان ومنطقة آسيا الوسطى لا سيما بعد رفض الشعب العراقى للمد الشيعى فى إنتخابات العراق الأخيرة وصارت طالبان جارة لها فى أفغانستان , مع دخول حزب الله فى لبنان , ذراعها الأقوى يهدد بالدخول فى مغامرة داخلية قد تكمل ما دمره فى لبنان لكنها قد تكون الآلية الوحيدة للقضاء عليه ولكن أياً كانت إحتمالات  السيناريوهات المستقبلية فإنها لن تصل إلى مرحلة الصدام العسكرى الإيرانى – الأذربيجانى ولكن المؤكد هو إنعدام الثقة بينهما سيصيب فى صالح تركيا والعلاقات الإسرائيلية – الأذربيجانية فى المستقبل القريب خاصة فى ظل تطويق إيران (بتحالف الهلال)حيث التعاون العسكرى بين أذربيجان وباكستان وتركيا علاوة على التدريبات العسكرية تحت عنوان ” الإخوة الدائمون ” بين تركيا وأذربيجان فى أول أكتوبر 2021 م ما يجعل طهران مهددة أمنياً وإستراتيجياً فى الداخل والخارج.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى