أدب وثقافة

الشعرُ ووَحْيُه (بقلم: الشاعر حسن منصور- الأردن)

تـوَلّى الــوَحيُ وَالإلْـهــامُ غــابـا || وَنـادَيْــتُ القَـريضَ فَــما أَجــابـا

وكـانَ إذا تَـوارى عـنْ سَــمـائي || غَـدا كَالشمسِ إِنْ وَجـدَتْ حِـجـابا

تُغـادِرُنا وَيــبْـقى الـنّورُ مِـنهـــا || وَإِنْ كـانَ الشّــعــاعُ خَــبا وَغــابـا

وَكانَ هُـوَ الـذي يَسْـعى يُـنـادي || وَيوقِـفُـني لِـكَيْ يُـمْــلي الـخِــطــابا

وكُـنْـتُ أُدَوّنُ الـمَسْـمـوعَ مــنْهُ || كَـتِـلــمــــيـذٍ إذا أُمِــرَ اسْـــتَـجــابـا

وَأُنْـشِـدُ خَـلـفَهُ أحْـلى القَــوافـي || سَـمَـتْ مَـــعْــنـىً وَأنْـغـامـاً عِــذابـا

كَـأنَّ الـنّــورَ مـوسيقى وَشِعْــرٌ || مِــنَ الآفــاقِ يَـنْسَــكِـــبُ انْــسِـكابـا

وَهَـلْ أحْـلى مِنَ الألْحانِ تَـتْرى || عَـلى سَمْــعـي وَتَحْـتَـلِـبُ السَّـحـابا

وَتُـرْسِـلُ مـاءَهُ عَــذْبـاً نَـمـيـراً || عَـلـى صَحــراءِ قـلــبي مُسْـتَـطــابـا

فَـيَــجْـعَـلُهــا رِيـاضـاً يانِـعــاتٍ || وَقَــدْ طــابَـتْ جَـنىً وَزَكَــتْ شَـرابـا

وَتَأْتـيـهـا عَــصـافـــيـرٌ تُـغَــنّي || وَيَـمْـــلأُ لَـحْـــنُـهـا تـلـكَ الــرِّحـــابـا

فَـأَحْـــيا في نَـواحــيـهـا سَعـيداً || وَلا أخْـشى مِــنَ الـدُّنْـيــا انْـقِـــلابــا

                            ********

كـَذا كانَتْ صَديقــتِيَ القَــوافـي || تُـرافِـقُـــني وَنَـقْــتَـحِـــمُ الصِّـعـــابـا

وكانَ الــوَحْـيُ يُرْسِـلُـها تِبـاعـاً || فَـأحْــفَــظُـــهـا وَأُلْـقــيـهــا صَــوابـا

 مَــعـاً كُـنّا نُغَــنّي في ابْـتِـهــاجٍ || مَـعـاً نَـبْــكي إذا مــا الـحُــزْنُ نــابـا

نَسيرُ مَــعـاً عَـلى حُــلْــوٍ وَمُــرٍّ || وَلَسْـنا نَـشْـتَـكـي شَــهْــداً وَصـــابـا

ولـكـنْ في زَمـانِ القَـحْــطِ هـذا || تَوارى الــوَحْـيُ وَاعْـتَـكَـفَ اكْـتِـئابا

لِأنَّ لـهُ شُـعـــوراً فَـهْــوَ وَحْـيٌ || وَمــا صـاحَــبْـتُ شَــيْـطــانــاً أَرابـا

وَلا اسْتَحْضَرْتُ (عَبْقَرَ) في خَيالي|| وَلا جِــنّاً حَــكى العَـجَـبَ العُجـابا

ولـكـنّي يُـنـاجـي الوَحْيَ قـلـبي || فَــلا أصْــداءَ أسْـــمَــعُ أو جَــــوابـا

ولـم يُـرْسِـلْ قَـوافِـيَـهُ لِـتَجْـري || عَـلـى شَــفَـتي مُـجَـلْـجِـــلَــةً عِــرابا

فـقـدْ لَجَـمَـتْـهْ أحْــداثٌ جِــسامٌ || هُـمــومٌ مـا اسْـتَطــاعَ لهـا اجْـتـِنــابا

                          ********

فَـقُـمْـتُ مُـبــادِراً أسْـعـى إلـيْـهِ || وَكـانَ يَـزيــدُ بُـعْـــداً وَاحْــتِــجــابـا

ولـوْ لـمْ أسْـعَ في جُـهـدٍ جَهـيـدٍ || لَــعَـــزَّ لِــقــــــاؤُهُ وَأبــى الإِيــــابـا

ولـكـنّي أُحَــلّـــقُ فـي سَــمـــاهُ || وَلا أخْـشـى غُــــيـوماً أوْ ضَــبــابـا

تُـتَـرْجِمُ أَحْـرُفــي وَحْـياً رَشيداً || بِحِـــبْـرٍ فــيـه نِـسْـغُ الـقــلــبِ ذابا

وإنّي إنْ تَـعِـــبْـتُ فَــلـنْ أُبـالي || وَروحــي دائِـمــاً تَـبْــقــى شَـــبـابـا

فَـكمْ نَحَتتْ يَدايَ صُخورَ دربي || وَمــا كَــلّـتْ وَلا اشْـتَـكَـتِ العَــذابـا

سَـأبْقـى حامِلاً قَـلـمـي كَـسَيْفٍ || قــوِيٍّ يَـنْــصُـرُ الـحَــــقَّ الـلُّــــبـابـا

وَبابُ الـعِـلـمِ مَـفـتـوحٌ فَـأنْـعِــمْ || بِسَــيْـفِ الـعِـــلـمِ مِـنْـهــاجــاً وَبــابـا

وَأدْعــو كُلَّ قَـوْمـي أنْ يَهُـبّـوا || وَيَـتَّـخِــذوا الـعُــلـــومَ لـهُـــمْ رِكـابــا

ولـيْسَ بِـنـافِــعٍ مَــجْــدٌ قَـــديـمٌ || تَـلألأَ حِـــقْـــبَـةً وَغَـــــدا سَـــــرابـا

وَبَعْــضُ المَـجْدِ مَوْروثٌ وَلكنْ || نَـفـيـسُ المَــجْـدِ يُـكـتـسَبُ اكْــتِسـابـا

يَفـوزُ بهِ الفَـتى إِنْ كانَ شَهْــماً || هُـمــامـاً عـاشَ يقـتَــحِـم الصِّـعـــابا

★★★★★★★★★

الشاعر حسن منصور

من المجموعة الثالثة عشرة، ديوان (قناديل على الطريق)ـ ص 78

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى