ملفات

أفريقيا نموذجاً.. دور الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في مناطق الصراع حول العالم!!  

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني

تحت دعاوى وحوافز متعددة ومتنوعة منها تحت ذريعة حماية الدول الوطنية من الإرهاب الداعش وبخاصة في الساحل الأفريقي ووسط أفريقيا أو الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلى، أو الوقوف بجانب الأنظمة الحاكمة في مواجهة الفصائل المعارضة، مع الرغبة في السيطرة على المناطق الغنية بالغاز والنفط..

كل ذلك أدى الى تغلغل الشركات الخاصة الأمنية والعسكرية فى أفريقيا فنجد شركة فاجنرا الروسية في أفريقيا الوسطى وموزمبيق ومالي والمجموعة الاستشارية (دايك) في الصومال والكونغو الديمقراطية وشركة (STTEP) فى أنجولا وغيرها وذلك كله بعد تنصل المنظمات الدولية والإقليمية والدول الكبرى.

(وأخص بالذكر هنا الولايات المتحدة وانسحاب قواتها من الصومال، والانسحاب الفرنسى من دول الساحل) من مسئوليتها الدولية وحماية الدول الأفريقية من الإرهاب الذى استشرى فى دول الساحل الافريقى الخمسة، حيث تشاد ومالى والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وحول بحيرة تشاد حيث تلتقى حدود نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر وفى شمال نيجيريا وموزمبيق والذى أضعف بكل تأكيد الدولة الوطنية وهدد أمنها واستقرارها الداخلي.

هذا الى جانب التنافس الدولى وأطماع الدول الكبرى فى الثروات النفطية وغيرها فى أفريقيا وحاولت استغلال الشركات الأمنية والعسكرية لتحقيق أهدافها وأطماعها أو القضاء على خصومهم فيها ولقد تصاعد دور هذه الشركات بعد الحرب الأمريكية على الإرهاب حيث قامت أمريكا بتوظيفها لإدارة الحرب فى العراق وأفغانستان لتصبح تلك الشركات أداه فاعلة فى الصراعات الدولية .

وإزاء كل ذلك ما هي دوافع تغلغل الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة فى العالم عامة وأفريقيا خاصة وما تداعيات وسلبيات ذلك التدخل ؟ وما سبل مواجهة ذلك حفاظاً على الأمن الإقليمي، وبالتالي الأمن الدولى ؟! هذا ما سنحاول التعرف عليه عبر ثلاثة محاور رئيسة:

أولاً- محفزات ودوافع التغلغل للشركات الأمنية والعسكرية فى الصراع الدولى:

بلا شك فإن تنامى تواجد الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة ويرجع فى المقام الأول الى هشاشة الأنظمة الأمنية والصراعات الداخلية وتفشى النزاعات العراقية والاثنية ما يؤدى الى انتشار الجماعات الارهابية بها على غرار بوكوحرام فى نيجيريا وحركة الشباب فى الصومال وداعش فى الساحل ووسط أفريقيا.

 فضلاً عن أن تلك الدول ستكون بيئة خصبة للجرائم المنظمة والتهريب وتجارة المخدرات وغيرها، ما يجبر الحكومات على الاستعانة بالشركات الأمنية والعسكرية الخاصة ولنا فى مجموعة (فاجنر) الروسية خير شاهد ودليل على ذلك حيث توغلت فى أفريقيا الوسطى لتأمين أنشطة التعدين وإستخراج الدهب والماس وتأمين المؤسسات  وتدريب الحرس الرئاسي والجيش هناك.

 علاوة على تواجدها فى موزمبيق خاصة بعد إكتشاف البترول والغاز فى مياهها الإقليمية بالمحيط الهندى فى المنطقة المواجهة لإقليم ” كابود لجادو ” الشمالى الفقير وزيادة نشاط الجماعات الإرهابية الداعشية فيها , كما تعمل مجموعة ” فاجنر ” الروسية فى الكونغو الديمقراطية والصومال ومالى بعد الإنسحاب الفرنسى منها فى 25 سبتمبر 2021م وتزايد التهديد الجهادى فى هذه المنطقة.

– كما أن الحافز الإقتصادى قد يكون دافعاً لتواجد الشركات العسكرية خاصة الغربية منها حيث حصولها على ترخيص إستخراج الذهب والماس واليورانيوم فى أفريقيا الوسطى عام 2017م , مع طرح أسهمها للتداول فى البورصات العالمية.

– هذا إلى زيادة إنتشار الشركات المحلية فى دول الصراعات كما حدث فى سوريا وأفغانستان حيث إستعان الجيش الأمريكى والشركات الأمنية الغربية بخدمات شركات الأمن الأفغانية الخاصة . مع الوضع فى الإعتبار أن الشركات العسكرية قد أصبحت إحدى أدوات الهيمنة والسيطرة التى تستغلها الدول الكبرى للتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى, وخير دليل على ذلك مجموعة (فاجتر) الروسية والتى تمثل أداة لتحقيق المصالح الروسية فى أفريقيا, مع توظيف تركيا لشركة (سادات) للأمن الخاصة فى نقل المرتزقة ودعم الميليشيات العاملة مع حكومة الوفاق السابقة فى ليبيا فى مواجهة الجيش الوطنى الليبى.

 إلى جانب سهولة تنصل الدول والحكومات من تصرفات هذه الشركات أو تجنب التداعيات السياسية المترتبة على أفعالها وجرائمها , كما فعلت روسيا مع مجموعة فاجنر في صراعها فى شبه جزيرة القرم ضد أوكرانيا ونجحت فى إنكار أى تواجد عسكرى لها على أرض الواقع وكذلك الأمر ينطبق على أمريكا والتى ركزت على الجرائم التى إرتكبها المتعاقدون معها وعلى رأسهم شركة (بلاك ووتر)، والتى تعرف حالياً باسم (أكاديمي) لتخفف من وطأة الجرائم التى إرتكبت فى حق المدنيين العراقيين.

ثانياً- مخاطر جسيمة لتنامى أدوار الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة:

إن التواجد الكبير لتلك الشركات ليحمل بين جنباته مخاطر جسيمة خاصة فى ظل إنتهاكه لسيادة تلك الدول المتواجد على أرضها أو عدم إحترامه لحقوق الإنسان بها كما فعلت شركة (بلاك ووتر) الأمريكية بحق المدنيين فى العراق ومجموعة (فاجنر)، الروسية فى أفريقيا الوسطى حيث عمليات الإعدام الجماعى والإعتقالات التعسفية والتهجير القصرى للمدنيين وإستهداف المنشآت المدنية خاصة وأن تلك الشركات قادرة على الإنفلات من العقاب وعدم المساءلة القانونية على مثل هذه الجرائم.

كما أن هذه الشركات الأمنية والعسكرية تؤدى إلى إستنزاف الموارد الطبيعية والثروات المعدنية وإضعاف سيادة الدول وإستقلالها حيث غالباً تحصل تلك الشركات على إمتيازات غير مستحقة مقابل خدماتها مثل إستخراج المعادن والمواد النفطية وتنفيذها لأجندات خارجية وتفرض خططاً عسكرية تتوافق مع أهدافها الخاصة وهو ما يتنافى وسيادة الدولة.

ثالثاً- كيفية مواجهة ظاهرة تزايد نفوذ الشركات العسكرية والأمنية الخاصة:

بلا شك أنه مع المخاطر الجسيمة لتواجد تلك الشركات على كافة الأصعدة وعدم وجود إطار قانونى أو أخلاقى لعملها وإنما المصالح السياسية والأمنية والإقتصادية للفاعلين من الدول وغير الدول هو المحرك الأساسى لعملها مما ينذر بزيادة وتيرة الصراعات وإطالة أمدها فإن الحاجة ملحة لكى تلعب المنظمات الدولية والأفريقية دوراً فاعلاً فى حل الصراعات الداخلية للدول وبخاصة الأفريقية منها.

 وهنا يأتي دور الاتحاد الأفريقي والدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن لتتحمل مسئولياتها لحفظ الأمن والإستقرار العالمى وتحقيق التعاون الدولى والإقليمي للقضاء على الإرهاب والتطرف والصراعات الداخلية, والنزاعات الإثنية والعرقية وهنا يجب تفعيل دور قوات التدخل السريع الإفريقية للإسهام فى حل النزاعات الأفريقية.

 

 وهذا يتطلب ضرورة حل مصاعب نقص التمويل والتدريب والتنسيق والتحديات السياسية والتنظيمية لها خاصة وأن الإرهاب كما قال الرئيس السيسى بحكمة بالغة وفى أكثر من مناسبة ” وحشاً خرج عن سيطرة من أطلقوه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى