ملفاتمميز

أسباب هذه الظاهرة وآليات المواجهة .. الانتحار «وصمة عار» على جبين العالم !!  

 شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

  شهد عام 2021م وأوائل عام 2022م عديدًا من حوادث الانتحار وآخرها سيدة بولاق الدكرور بالجيزة والتي كانت مطلقة وتعاني من الاكتئاب ومريض أبو النمرس بمحافظة الجيزة وفتاة المول ومروراً بانتحار (بسنت) ابنة مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية وشاب العمرانية بالجيزة والذي سقط من الدور التاسع نتيجة معاناته من مرض نفسي في أوائل يناير 2022م.

حوادث الانتحار هذه وغيرها.. حفزت البرلمان المصري علي التقدم بقانون لتجريم الانتحار والشروع فيه علاوة علي استياء النشطاء الحقوقيين والإعلاميين والمناداة بضرورة تغليظ عقوبات الابتزاز الإلكتروني لاسيما مع واقعة انتحار (بسنت).. فماذا عن الواقع العالمي والعربي لظاهرة الانتحار وما هي أسبابها؟ وما هي سبل مواجهتها أو التخفيف من حدتها في المستقبل القريب ؟ هذا ما سوف نجيب عليه عبر مقالنا وفي غضون ثلاثة مباحث رئيسة:

أولاً- الواقع العالمي والعربي لظاهرة الانتحار

وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة لعام 2021 يوجد حوالي 800 ألف شخص منتحر سنوياً بمعدل حالة انتحار كل 40 ثانية وأغلبهم ممن تقع أعمارهم ما بين 15 , 29 عاماً وأن عدد الرحال ضعف عدد النساء في معدلات الانتحار, و 77% من حالات الانتحار تقع في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل, وتعد كوريا الجنوبية وأوروبا الشرقية وزيمبابوي من أكثر الدول فيها معدلات انتحار ويعتبر ابتلاع المبيدات والشنق والأسلحة النارية من بين الأساليب الأكثر شيوعاً للانتحار علي مستوي العالم.

 

 

 ووفقاً لإحصاءات مركز البحوث الاجتماعية والجنائية في مصر عام 2020م فإن معدل الانتحار هو 1.29 شخص لكل 100 ألف نسمة وإن كانت منظمة الصحة العالمية أشارت إلي أن مصر تحتل المرتبة الأولي في معدلات الانتحار تليها السودان واليمن والجزائر.. حيث سجلت مصر 3799 حالة انتحار فالسودان ( 3205) واليمن ( 2335 ) والجزائر ( 1299 ) فالعراق ( 1128 ) والسعودية ( 1035).

ثانياً- أسباب تزايد حالات الانتحار:

من أهم الدوافع للانتحار هي ضعف الوازع الديني وعدم إدراك خطورة هذه الجريمة الكبري علي الإنسان وما يترتب عليها علاوة علي المشكلات الأسرية أو الأزمات المادية أو القلق والإكتئاب والإدمان إلي جانب الانطوائية والانفصام والاضطراب والأمراض النفسية والصراعات الاجتماعية والفشل في الدراسة أو العمل، علاوة علي الانفصال أو الطلاق، والحروب والنزاعات والكوارث والتني نؤدي إلي شعور الإنسان بالعزلة خاصة بين اللاجئين والمهاجرين والسجناء 00000 إلخ ، هذا مع تعرض الطفل للتنمر في المنزل أو المدرسة وتعرضهم للإيذاء البدني والتعسفي.

 

 

وإلي جانب العامل الاقتصادي والضغوط النفسية والاجتماعية توجد المشكلات الصحية والتي تؤدي إلي وجود حالة انتحار كل 20 ثانية علي مستوي العالم وتعد من الأسباب الرئيسية المؤدية للموت من سن 15 إلي 45 سنة، علاوة علي الدوافع الأخرى للانتحار كتغيرات الجسم الفسيولوجية لوجيه والعنوسة والاغتصاب واستخدام التكنولوجيا الحديثة وإدمان وسائل التواصل الاجتماعي والتعثرات الاقتصادية الشديدة والديون والفشل في الحياة العملية.

 

كما أن هناك أسباباً اجتماعية وراء الانتحار وهي التغير الشديد في القيم المجتمعية كالتعاون والتسامح والكرامة والشهامة وحب الخير والتي كانت تساعد علي التكامل والتماسك الإجتماعي حتي أصبحت بعد ذلك قيماً فردية ومادية . هذا إلي جانب العولمة والانفتاح علي البعدين الإقليمي والدولي وسلوك الأجانب والسلوكيات الثقافية الغربية وخلق نموذج من الرفاهية الاجتماعية تحبط الكثيرين من الفقراء وقد تدفعهم إلي الانتحار .

 

هذا الي جانب وسائل الإعلام والدراما العربية التي خلقت نماذج من البلطجة والسلوكيات المنحرفة وعدم القدرة علي الزواج وبناء الأسرة التي تؤدي إلي الإحباط وفي النهاية يكون الإنتحار هو المصير المحتوم .

ثالثاً- سبل وآليات مواجهة حالات الانتحار:

إن الانتحار ليس حلاً للمشكلات ولا سبيلاً سوياً لمعالجة المعضلات والصعوبات بل هو طريق الهوان والخسران ومنافياً لقطرة الإنسان ومن هنا تأتى أهمية الدين والعقيدة فى التخفيف من حدة الانتحار أو القضاء عليه , والعمل على تقوية الوازع الدينى للتحصين ضد الأوهام والانحراف  إلى جانب ضرورة معرفة أكثر طرق الإنتحار شيوعاً من أجل وضع إستراتيجيات أثبتت فعاليتها فى الوقاية من الإنتحار مثل تقييد الوصول إلى وسائل الانتحار، مع إذكاء الوعى المجتمعى بخطورة الانتحار وتداعياته القاسية وعواقبه.

 

ونظراً لأن الاكتئاب والناجم عن الضغوط الحياتية والعملية وكثرة الصدمات هو بوابة الانتحار فمن الضرورى زيادة التوعية ضد المرض عبر برامج عملية ومحاضرات متخصصة ورسائل ومواد إعلامية ثبت عبر وسائل التواصل الاجتماعى للتعريف بخطورة الانتحار وتأثيره على الأسرة والمجتمع ووسائل تشخصية وطرق علاجه والوقاية منه.

 

– كما أن من الضرورى معالجة المشكلات الاقتصادية والتوعية من انتشار الإدمان والتصدى لتلك الأزمة خاصة المخدرات المخلقة والتى تؤدى إلى حالات من الهيستريا والهلاوس السمعية والبصرية وتخرج الشخص عن الوعي تماماً وتجعله يتخذ قراراً بالانتحار.

 

وأخيراً لا بد من ترشيد استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتي هي أهم أدوات ومحفزات الانتحار في الوقت الحالي خاصة في ظل عصر السماوات المفتوحة وثورة الاتصالات وإنترنت الفضاء.

 

وختاماً فإن التوعية الدينية والتربية الصحيحة أسرياً وتعليمياً وتقنين الإعلام أخلاقياً وسد المنافذ الإلكترونية للانتحار وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي.. من أهم آليات مواجهة الانتحار في عالمنا المعاصر. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى