ملفاتمميز

قمة «بايدن» العالمية من أجل الديمقراطية.. محفوفة من البداية بـ«سوء النية» !!

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

تعد القمة من أجل الديمقراطية والتى دعا إليها الرئيس الأمريكى جو بايدن نحو 110 دول وأقاليم في نسختها الأولى منها فى 9 – 10 ديسمبر 2021م, إحدى أدوات وإستراتيجيات الإدارة الأمريكية والتى حملت بين جنباتها تساؤلات وجدالات ونتقادات من قبل المحللين والسياسين وذلك فيما يخص المدعوين لتلك القمة والمستبعدين منها وأهدافها.. إضافة إلى أن النموذج العالمى الأمريكى للديمقراطية هل يصلح كـ دواء سحرى لعلاج كل الأمراض السياسية والاجتماعية والإقتصادية فى عالمنا ؟! أم أن هذا الدواء يحمل فى داخله أيضاً السموم إذا أسيئ تناوله ولنا في مشروع الشرق الأوسط الكبير وثورات الربيع العربي لمطالبة بالديمقراطية وما حدث فى أفغانستان والعراق خير شاهد ودليل.

 

أولاً- تساؤلات حول الدعوات لقمة الديمقراطية:

لقد نالت قمة بايدن للديمقراطية إستحساناً واستهجاناً من قبل المحللين والسياسين خاصة فيما يتعلق بدعوات بايدن لتلك القمة حيث دعا إليها أبرز الحلفاء الغربيين وتم إستبعاد روسيا والصين بحجة أنهما أنظمة إستبدادية يجب أن تقف الديمقراطيات ضدها, علاوة على المجر حيث أن رئيس وزرائها مثير للجدل وتركيا العضو فى حلف الناتو, هذا مع استبعاد كافة الدول الأفريقية ما عدا جنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية ونيجيريا والنيجر, ونفس الأمر ينطبق على دول الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل والعراق هذا علاوة على عدم دعوة الدول العربية وبخاصة الحلفاء لأمريكا.

 

– في المقابل دعت إدارة بايدن وفقاً للائحة المدعوين لوزارة الخارجية الأمريكية والتى نشرتها يوم الثلاثاء الموافق 23 نوفمبر 2021م من أوروبا بولندا والتى يتهمها الإتحاد الأوروبى بعدم إحترام دولة القانون والهند وباكستان والبرازيل, مع دعوى بايدن لتايوان والتى لا تعترف بها أصلاً الولايات المتحدة كدولة مستقلة بل تعتبرها نموذجاً ديمقراطياً يحتذى به فى مواجهة بكين ذلك العملاق الآسيوى والذي يعتبر الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من أراضيه ويتعهد بضمها ولو بالقوة إذا لزم الأمر وأخيراً تم دعوة الهند والتى تلقب بأضخم ديمقراطية فى العالم على الرغم من الإنتقادات الشديدة التي وجهت لرئيس وزرائها الهندوس القومى (تاريندا مودي)، من جانب منظمات حقوق الإنسان هذا إلى جانب دعوة باكستان رغم العلاقة المتقلبة بينها وبين أمريكا

ثانياً- هل النموذج الأمريكي دواء سحري أم سُم قاتل (رؤية مستقبلية)

رغم أهداف بايدن فى إقامة الديمقراطية العالمية وفقاً للرؤية الأمريكية والتى روج لها فى حملته الرئاسية للإنتخابات من أجل إعادة واشنطن لقيادة العالم لمواجة القوى الاستبدادية والسلطوية.

إلا انه قد وجهت سهام النقد للنموذج الامريكى الموحد للديمقراطية والمزمع إخفاء الطابع العالمى عليه حيث انتقدت العديد من الدول قمة بايدن للديمقراطية والمزمع عقدها فى ديسمبر 2021م بدعوى انها تؤدى الى تفريق الدول وتقسيمها الى دول جيدة وآخرى سيئة وفقاً لرؤية ومصالح أمريكا فى العالم ، علاوة على أنها أثارت إستفزازات وحفيظة بعض الدول والمنظمات على رأسها الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي ودول أمريكا اللاتينية وغيرها.

 

إضافة الى أن هناك بعض الأكاديمية أشار الى أنه متى نجحت المشاريع الغربية لتأسيس ديمقراطيات فى الشرق الأوسط وخير دليل على ذلك مشروع الشرق الأوسط  الكبير والذى  منى بالفشل الذريع وكان ضحايا هذا الفشل هم شعوب المنطقة.

كما أنه لا يوجد نمط موحد للديمقراطية يمكن اعتباره نمطاً مقدساً يجب نسخه وتقليده وتطبيقه بحذافيره في كافة بلدان العالم وذلك لإختلاف الخصوصيات التاريخية والاجتماعية لشعوب العالم.. ومن هنا فإن الديمقراطية العالمية لبايدن هى مرجعية غير شرعية لأخلاقيات ولا قانوناً وأن تقسيم العالم الى عالم ديمقراطية وآخر واستبدادى لن يحقق الا مزيداً من استقطاب العالم وتمزيقه وأن تشويه الآخر المختلف وشيطنته ( كما حدث مع روسيا والصين) يناقض الروح الديمقراطية نفسها.

وأخيراً يتضح مع مرور الزمن أن النمط الأمريكي الديمقراطى أبعد ما يكون عن الكمال وأن المجتمع الأمريكى يعيش اليوم أزمات عميقة تهدد بتمزيق نسيجة وتعويض وحدته مثل الاستقطاب السياسي والايدولوجى والتفاوت الطبقى والتمييز العنصرى وانتشار الاسلحة والجرائم والمخدرات والادمان على الحروب والتدخل فى شئوون الآخرين.

 

فبأى حق تحرص أمريكا على نشر بل وفرض ديمقراطيتها المزيفة على العالم أليس من الأفضل ان تركز جهودها فى اصلاح ديمقراطيتها وتحسين شئونها الداخلية وعلاج أزماتها المزمنة ، وهل حقاً أمريكا مهتمة بحقوق الانسان العربي أو غيره أكثر من إهتمامها بحقوق الانسان الأمريكي؟

ومن هنا فعلى الحكومات إستكشاف النمط الديمقراطى المناسب لها ولخصوصية دولها التاريخية والأخلاقية والعقائدية، مع ضرورة التعايش السلمي والتنافس الإيجابى والتعلم المتبادل بين التجارب الساسية المختلفة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى