نشر الدكتور حاتم الجوهري أستاذ النقد الأدبي والدراسات الثقافية المنتدب بالجامعات المصرية، والمشرف على المركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب، والذي تبنى من خلاله مشروعا للترجمة عن اللغة العربية للآخر بوزارة الثقافة.. دراسة جديدة في مجلة ميريت عدد شهر مارس 2022م، بعنوان: «الترجمة العربية للآخر.. بين سياسات إنتاج الخطاب والتلقي».
وتأتي هذه الدراسة لتنتظم في مسار جهد طويل ومكثف من حاتم الجوهري طوال السبع سنوات الماضية دفاعا عن مشروعه للترجمة عن العربية في وزارة الثقافة، حيث قدم من قبل عدة دراسات منها: «سياسة ثقافية فاعلة للترجمة للآخر»، والتي نشرت في مجلة «أدب ونقد»، و«المثاقفة كمصدر للقوة الناعمة الترجمة للآخر نموذجا» التي نشرت في مجلة “مثاقفات” اللندنية.
وكذلك عديد من المقالات منها: «عن المركز العلمي للترجمة ومستقبل المعرفة»، و«الثقافة المصرية ومراكز الأبحاث والترجمة المتكاملة»، و«الترجمة من الذات للآخر كدالة حضارية»، و«تغيير الصورة النمطية وإشكاليات الترجمة للآخر»، و-الترجمة للآخر كقوة ثقافية مصرية ناعمة”.
كما قدم عدة لقاءات تليفزيونية عن مشروعه منها: لقاء لبرنامج «مصر بكره» على قناة النيل الثقافية بتاريخ 11/12/2015م بعنوان: «عن الصورة النمطية لمصر والترجمة العكسية ودراسات التدافع الحضارى»، ولقاء بقناة النيل الثقافية أيضا في برنامج «أحلى كلام»، بتاريخ 25/2/2021م.
والجديد هذه المرة في دراسة «الجوهري» التي نشرت في عدد مارس من مجلة ميريت الثقافية والتي يرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، أنها تضع سياسة عامة وفلسفة واضحة لضبط مشروع الترجمة عن العربية للآخر في مؤسسة الثقافة المصرية، وتأتي في سياق مشروع حاتم الجوهري الذي يعمل عليه في الآونة الأخيرة والذي يسميه «دراسات ما بعد المسألة الأوربية».
وتقدم الدراسة البحثية المطولة والتي شغلت حوالي ثلاثين صفحة داخل المجلة؛ تصورا لسياسة ثقافية في مجال الترجمة عن العربية تقوم على مقاربة جديدة لمشروع «الترجمة للآخر» عن الذات العربية، مقدمة فرضية أساسية لضبط مشروعه تقوم على شقين متضافرين، وهما: أولا- أهمية إنتاج خطاب معرفي وثقافي جديد ليعبر عن الذات العربية، وفق معايير مسبوكة الحجة والتناغم المنطقي والحجاجي العام، وليس مجرد الاستناد لخطابات قديمة ومؤلفات كلاسيكية أدبية أو فكرية نمطية، وذائعة في الذهنية العربية التقليدية.
وفي الوقت نفسه في الشق الثاني؛ يجب على هذا الخطاب ضرورة مراعاة معايير التلقي ومحدداتها عند الآخر الموجه له خطاب الذات العربية، وفهم دوافع هذا الآخر (المتنوع والمتعدد) التاريخية ومحركاتها، في كل قضية يطرحها خطاب الذات العربية الموجة للترجمة للآخر، كي يقف خطاب الذات العربية على ذهنية الآخر ومنطقه، ويكون طرح الذات العربية منطقيا بالنسبة للآخر وإن خالف منطقه -كليا أو جزئيا- في مسألة ما.
وكان حاتم الجوهري قد خاض مواجهات سابقة، دفاعا عن مشروع الترجمة عن العربية في وزارة الثقافة، أبرزها مع وزير ثقافة سابق كان يرى أن الترجمة للآخر تمثل إهدارا للمال العام! في حين رد الجوهري- في حينه- أن هذا يعبر عن موقف بالاستلاب للآخر، وأنه في حقيقة الأمر يرى البعض أن الذات العربية ليس لديها ما تقدمه للآخر، ويرون أنه يجب عليها القبول بالتبعية الثقافية والهيمنة الحضارية.
وكانت الفترة الماضية قد شهدت انتصارا جزئيا لمشروع حاتم الجوهري في المركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب، تمثلت في عدة ترجمات عن العربية مع الدول الأفريقية والأوربية ومع دولة الصين، وشهدت تعاونا بين الهيئة وبين وزارة الأوقاف في سلسلة للترجمة عن العربية، لكن المسكوت عنه في الموضوع والذي تكشفه هذه الدراسة، أن مشروع الجوهري في هيئة الكتاب يواجه بعقبات ما، ومعوقات إدارية محتملة.
والجدير بالذكر أن حاتم الجوهري يمارس نظرياته في الترجمة عن اللغة العربية للآخر في شكل مقالات متفرقة، ينشرها على أوقات متباعدة في موقع «الحوار المتمدن» للغة الإنجليزية.
مع الإشارة إلى أن «الجوهري» قام بالترجمة إلى العربية من خلال ترجمات عن الثقافة الإنجليزية (ترجمته لديوان أغنيات البراءة والتجربة- لوليم بليك، التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة المركز القومي للترجمة)، ترجماته عن الثقافة الفرنسية (النسخة الإنجليزية من كتاب جان بول سارتر: «تأملات في المسألة اليهودية» التي حصلت على جائزة الدولة التشجيعية عام 2016م)، بالإضافة إلى ترجماته عن الثقافة الصهيونية (باعتباره أستاذا منتدبا في قسم اللغة العبرية ترجم وقدم دراسة بعنوان: «الصورة غير النمطية للعربي في الأدب الصهيوني».
زر الذهاب إلى الأعلى