أدب وثقافة

ربيع وخريف (بقلم: الشاعر حسن منصور- الأردن)

شاخَ الـزّمـانُ فلا حُـبٌّ ولا غَــزَلُ || وَصارَ جُـرْحُ الهَوى خَدْشاً وَيَنْــدَمِلُ

وكيْف يعـشقُ مَنْ مَـلَّ الحَـياةَ وفي || أكْـنافِـهـا الـهَــمُّ وَالّـلأواءُ وَالـعِــلَــلُ

وكيفَ يَعْشقُ مَنْ طـالَ الـزَّمـانُ بِهِ || وَظَـلَّ يَـذْوي عَـلى مَـهْــلٍ وَيُخـتَـزَل

حـتّى اسْـتَحــالَ إلى أشْــلاءَ بالِــيَةٍ || وَإِنَّـهُ سـالِـكٌ دَرْبَ الـــذيـنَ بَـلــــوا

وكـيْفَ يَعـشـقُ مَـنْ دُنْـيـاهُ تَـرْكُـلُـهُ || كَـأنَّـهُ كُـــرَةٌ يَلْـهـــو بِهـــا رَجُـــــل

يُريدُ إُخْــراجَهـا مِنْ مَلـعَـبٍ وَعِــرٍ || مــا عــادَ فـيـهِ لَهــا دَوْرٌ وَلا عَـمَـل

وَالمـرْءُ يَسعـى بِجِـدٍّ وَهْوَ ذو أمَـلٍ || وَيَـنــتَهي سَــعْــيُهُ إِنْ فـــاتَهُ الأَمَــل

لمْ يَـبْـقَ لي أمــلٌ لَـلـحُـبِّ يَدْفَـعُـني || ولـيسَ لي فــيهِ إِغْــراءٌ وَلا قِــبَـلُ

وَهــلْ يُعـــيـدُ إلـيَّ العُـمْــرَ ثانِــيَـةً || ذوو الفضائِلِ إنْ جادوا وَإِنْ فَضُلوا

***********

وَرُبَّ غــانِـيَـةٍ قــالــتْ أحِــبُّـكَ يا || كلَّ المُـنى رُغـمَ أَنَّ الشَّعْرَ مُشتَعِـل

قلتُ اسْمَعي يا رَعاكِ اللهُ وَاتَّئِدي || لـوْلا التَّـأنّي لَما ساسوا وَلا عَـقَــلوا

انتِ الرّبـيـعُ بهِ الأزهـارُ ناضِـرَةٌ || أنا الخــريفُ وَفي أغْــصـانِـهِ عِـلَـل

أيَنْـبُتُ الزهرُ في غصْنٍ بهِ تَـلـفٌ || والمــاءُ جَـفَّ بهِ والرَّوْنَقُ الخَــضِل

وكيفَ نرْبِطُ أزهارَ الربيعِ بِأغْــــــ ـصانٍ ذَوَتْ، بِاصْفِرارٍ عُـمْقُهُ الأجَل

يمامَـةٌ أنتِ كلُّ الأرضِ تَعْـشقُـهـا || وَالرَّوْضُ هَـشَّ لَها والسَّهـلُ والجبَل

يمـامَـةٌ أنتِ في الآفــاقِ سارِحَــةٌ || ولسْتِ تائِـهَــةً ضـاقَـتْ بكِ السُّــبُـل

فَبادِري معْ رِفاقِ العُـمْرِ لا تَقِـفي || بِالـبـابِ حــائِـرَةً وَالـنّـاسُ تَـهْــتَـبِـل

***********

قدْ كُنتُ مِثْـلَـكِ أيّامَ الصِّـبا نَشِـطاً || إنْ فـاتَني النَّـوْمُ لا شَكوى ولا كَـلَـل

وكنتُ قبْلـَكِ مِثلَ الطـيْرِ مُنطَلِـقــاً || ولمْ يَكُـنْ شـاغِــلي يَـأسٌ وَلا كَـسـل

يُشَـقْـشِقُ الفَجْرُ والأنوارُ توقِظُني || وَصُـبْـحُـنا مَهـرَجـانٌ مـا لَـه مَــثَـل

وَالطـيرُ يَصْدَحُ بِالألحانِ ساحِـرَةً || بِعُــشِّهِ فَــرِحــاً يَشْــدو وَيَحْــتـفِــل

يَرى حَـبـيـبَـتَـهُ صـارتْ رَفـيقـتَه || وَعَــمَّ عُــشَّـهُـمُ الأفْــراحُ وَالجَـــذَل

وَمِلْءُ عَـــيْـنِهُمُ الدّنْيا وَبَهْجَــتُهــا || وَالشمـسُ دافِــئـةٌ وَالجَــوُّ مُـعْــتَـدِل

والرَّوْضُ مِن حَوْلِهِمْ أثْمارُه عَسلٌ || وَعَنْهُمُ الصَّقـرُ وَالصَّيّادُ قـدْ غَفـلوا

وَتِلكَ مَــرْحَـلةٌ جـاوَزْتُهـا وَمَضتْ || وَلـنْ تَعـــودَ وَلا الأيّـامُ تَحْــــتَـمِــل

أنا الخَـريفُ فَـلا حُـبٌّ وَلا غَــزَلٌ || أنتِ الرَّبـيـعُ فَـلا يَأسٌ وَلا عَــطَــل

وَأنتِ ظــالِمةٌ إذْ تَجْـمَـعـينَ مَعــاً || فَصْليْنِ ما اجْـتَمَعا وَالأرْضُ تَنْـتَقِـل

عـيشي حَياتَكِ مَعْ جيلٍ يُناسِـبُهـا || لِـتَسْـتَـقـــيـمَ لـكِ النُّعْــمى وَتَكْـتَـمِـل

وَهــذِهِ سُـنَّةٌ في الكَــوْنِ جــارِيَـةٌ || وَلـمْ يَكــنْ غَــيْـرَهـا دربٌ ولا بَــدَل

وإنَّ ذا العقلِ لا يَرْضى بِناقِــصَةٍ || وَلـيْسَ يَخْــدَعُـــهُ عـنْ دَرْبِـه حِــوَل

*******************************

الشاعر حسن منصور ـ المجموعة الثالثة عشرة، ديوان (قناديل على الطريق) ص 93

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى