ملفاتمميز

مَن سينتصر في تايوان.. الصبر الإستراتيجي الصيني أم الخداع الأمريكي ؟!

 شارع الصحافة- علي الحاروني:

في خضم الأحداث الدولية المتلاحقة مثل الحرب الروسية – الأوكرانية والتضخم العالمى وأزمة التغيرات المناخية والغذاء العالمي وإمدادات الطاقة وغيرها كان هناك تصعيد أمريكي – صيني بشأن تايوان …فما هي دوافع الصراع الصيني الأمريكي بشأن الصين سواء على المستوى العسكرى والأمنى أو على الصعيد الإقتصادي والسياسي والذى يترك تداعياته على طبيعة العلاقات الصينية – الأمريكية ؟!.

  ومن هنا تظل أزمة تايوان هى القنبلة الموقوته التى تنتظر الإنفجار ويظل فتيل إشتعالها متوقفاً على المستجدات العالمية الصينية والأمريكية وعلى طبيعة السيناريوهات المستقبلية لتايوان سواء بالإنفصال أو التجميد أو التصعيد العسكرى إذا ما سعت أمريكا والدول الغربية إلى الدعم العسكرى لتايوان وفرض عقوبات إقتصادية وعسكرية ومالية على الصين وعلى ضوء ذلك سنحاول بيان المستجدات على الساحة المحلية والدولية والتى تترك بصماتها على أذمة تايوان مع بيان السيناريوهات المستقبلية لقضية تايوان مع بيان الخيارات المستقبلية للصين للتعامل مع أزمة تايوان.

وهذا ما سوف نتناوله عبر أربعة مباحث رئيسة:

أولاً- دوافع الصراع الصينى الأمريكى بشأن تايوان

1- على الصعيد العسكرى – الأمني.

بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فنجد انه منذ عام 1979 أعلنت أمريكا إلتزامها بسياسة الصين الواحدة ولكن هذا الإعلان لم يشمل الجانب الإقتصادى والعسكرى في التعاون مع تايوان ومنذ عام 1995م بدأت الولايات المتحدة تتخذ منهجاًّ اّخر وذلك عندما قرر لى تين هوى رئيس تايوان أنذاك الذى كان يرغب فى إستقلال تايوان زيارة أمريكا بقصد زيارة الجامعة التى تخرج منها وهو ما أعدته الصين تجاوزاً لسياسة الصين الواحدة.

 

وبعد فوز ترامب بحكم الولايات المتحدة أجرى إتصالاً هاتفياً مع رئيسة تايوان (تساى إنغ ون) الساعية للإنفصال عن الصين وهذا ما أثار مخاوف الصين ليدخل التوتر الصنى مرحلة جديدة لا سيما بعد زيارة رئيسة مجلس الكونجرس الأمريكى نانسي بيلوس  فى 2 أغسطس 2022م لتايوان والتي تعد الزيارة الأولى لمسئول رفيع المستوى منذ 25 عاماً.

وفي الاونة الأخيرة إرتبط الوجود العسكرى للولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادى الأسيوى بالرغبة الأمريكية فى ترسيخ وتقوية دورها في هذه المنطقة وذلك لمواجهة النفوذ العالمي والإقليمي للصين وهنا حاولت تايوان إعلان تحالفها مع أمريكا ضماناً لمصالحها العسكرية والأمنية فى حال تعرضها للهجوم العسكرى الصيني، فضلاً عن حصولها على حماية أمريكية عن طريق الوجود العسكرى الأمريكى المنتشر في المحيط الهادي الأسيوي وهو ما يشكل تحدياً أمنياً للصين المشتركة مع تايوان بمضيق مائي ضيق.

 في المقابل نجد الصين تجرى العديد من المناورات والتجارب لإطلاق الصواريخ والأسلحة المتطورة بالقرب من المياة المحيطة بتايوان للسعى لضم تايوان بأى طريقة لتأمين حدودها ورغبتها فى أن تصبح المهيمنة عسكرياً فى منطقة بحر الصين والمحيط الهادى الأسيوى وهو ما تحاول أمريكا عرقلته بالدعم المادى والعسكرى لتايوان وإقامة عديد من المعاهدات والشراكات الأمنية والعسكرية مع حلفائها في المنطقة مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية فضلاً عن تحالفاتها مع الفلبين وماليزيا وإندونيسيا لمحاصرة الصين وتطويقها وهو ما جعل الصين تتخذ قراراً بالتوجه نحو المنطقة العربية والأفريقية لإعادة تشكيل شبكة التحالفات المستقبلية لأعضاء المجتمع الدولى.

وفى المقابل قد تتجه واشنطن إلى توسيع قراراتها بفرض عقوبات على الشركات الصينية الصناعية الحربية وقد تدفع حلفائها إلى إتخاذ جملة من العقوبات الغربية على الشركات التى تتعامل مع الجيش الصينى أو جهازه التصنيعي.

وإزاء هذا التصعيد الأمريكي الصينى فى تايوان فإن المواقف الداعمة بين الصين وروسيا قد تتحول إلى تحالفات عسكرية مما ينعكس على الإستقرار العالمى.

2- الدوافع السياسة والاقتصادية

حاولت الولايات المتحدة منذ اللحظة الإولى إستخدام ورقة تايوان للتأثير فى السياسات الصينية الداخلية والخارجية.. هذا كله على الرغم من إقامة واشنطن علاقات دبلوماسية مع الصين وإعترافها بسياسة الصين الواحدة عام 1979م , وقامت واشنطن بتطوير علاقاتها التقنية والإستثمارية المالية الضخمة مع تايوان بهدف التغلغل فى السوق الإقليمية والتاأثير على الصناعات الصينية.

 فى المقابل نجد الصين تحاول المحافظة على موقعها العالمى والإقليمى والوقوف بالمرصاد مع أى قضية أو أزمة لا تتوافق مع الرؤية الصينية وهذا ما إتضح مع الإنسحاب الأمريكى من أفغانستان وضعف الوجود الأمريكى في الشرق الأوسط ومن هنا حاولت الصين التوسع فى نفوذها والإصرار على عدم إستقلال تايوان في سبيل تحقيق طموحاتها والحفاظ على وحدتها.

إضافة إلى ذلك، نجد أن تايوان تتمتع بأهمية جيوإستراتيجية وإقتصادية هامة بالنسبة للولايات المتحدة حيث تحتكر تايوان الرقائق  الإلكترونية الدقيقة والتى تدخل فى صناعة السيارات والألات الزراعية وغيرها حيث تحتكر تايوان 92% من إجمالى الرقائق الإلكترونية المتقدمة.

ومع الحرب الأوكرانية – الروسية وأزمة كوفيد- 19 تعرضت صناعة السيارات الأمريكية التى تعتمد على الرقائق الإلكترونية لخسارة مقدارها 210 مليارات دولار وعليه كان البديل هو الإعتماد على منافذ إنتاج جديدة للرقائق الإلكترونية وخوفاً من هيمنة الصين عليها وهو ما تبلور قانوناً فى أمريكا فى ( قانون صناعة الرقائق ) لعام 2022م.

ثالثاً- أحداث وفعاليات تصب فى صالح وحدة الصين وتداعياتها على العلاقات الأمريكية – الصينية

على الرغم من التحديات التى تواجهها الصين وحزبها الحاكم سواء على المستوى الداخلى والمتمثلة فى إنتشار جائحة كورونا وتداعياتها على الإقتصاد الصينى وقطاع العقارات بعد تعثر شركة (إيفر جراند) ما أدى إلى التأثير على الناتج المحلى الإجمالى الصينى بمقدار الخمس تقريباً علاوة على الأزمة الديموغرافية في الصين في ظل إنخفاض معدلات المواليد.

أو على المستوى الخارجي حيث إستراتيجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأمريكا المناهضة للصين ومعهم بعض الحلفاء الأوروبيين والأسيويين من أجل إحتواء وتطويق الصين، مع المحاولات الغربية للتدخل فى بعض الملفات الداخلية وبخاصة ملف تايوان وقضايا حقوق الإنسان.. ورغم ذلك نجد القيادة الصينية تتعامل بجدية وبمنهجية تصب فى صالح وحدة الصين وعدم استغلال تايوان خاصة مع التطورات الحديثة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى