لا الـمــالُ مـــالٌ وَلا الأوْلادُ أولادُ || لا عـــاشَ مَـنْ ظَـنَّـني لِـلـذّلِّ أنْقـــادُ
وأيُّ مـالٍ لـه في القـــلبِ مَنـزِلَةٌ || وَأيُّ طـعْــــمٍ لـه والـقـلــبُ وَقّـــــادُ
لا عاشَ من يبْتَغي ذُلّي وَمَنْقَصَتي || لا كـانَ لـي وَلَــدٌ أوْ كـانَ أحْـفـــــادُ
عِشتُ السّنينَ وما كانتْ تُخَــوِّفُني || أهْـــوالُـهــا وأنـا بالـعَـــــزْمِ شَـــدّاد
جابَهْتُها صامداً في الهَوْلِ مُبْتَسِماً || وكانَ فـي الغَــيْـبِ إِسْــنادٌ وَإِمْـــداد
أمَـدَّني اللهُ بالصّــبرِ الجـمـيـلِ فـــلا || تَقْـــوى عَــلَيَّ شـياطــينٌ وَأوْغــادُ
ما كانَ لي أحَدٌ في الضّنْكِ يَنْصُرُني || فما هَــواني وَعِــنْدي الآنَ أعْــداد؟!
قدْ يسَّـرَ اللهُ لي صــافـي مَـوَدَّتِهِـــمْ || وَكُلُـهُــمْ لـلهُــدى والـحَـــقِّ أجْــناد
بِهـمْ أَعِـزُّ ومَـنْ يَبْغي مُـصاوَلَـــتي || أذلَّــــــــهُ الـلــهُ لا جــــــــاهٌ ولا آدُ
وَهـامَتي ما انْحَـنَــتْ إلا لِخـالِـقِـهـا || إنّـي لِــرَبّــي لَــقَــــوّامٌ وَسَـــجّــــادُ
وأحْمِــلُ الخـيْرَ في قـلبي أَسـيرُ بِه || ولـيسَ في الـقـلبِ أضْغانٌ وأحْـقــاد
أُغْضي عَنِ الجاهلِ العَيّارِ تَكْرِمَــةً || أَعِـــزُّ نفْـسِيَ عَـمّـــا فـــيه إِفْــســاد
تَغـافُـلي لـيسَ ضَعْـفـاً أو مُـداهَـــنَةً || بـلْ إنَّــه أنَـفٌ في الـنّـفْـسِ مُعْـــتاد
ورُبَّـمــا غَــرَّهُ حِـلْــمي وَشجَّــعَــهُ || عــلى التَّمادي فَصارَ الحُـمْــقُ يَزْداد
وَما دَرى أنّـهُ الْعـاري وَعَــوْرَتُــهُ || مَـفْـضـوحَـةٌ لِلْمَــلا وَالـنّاسُ شُـهّــــاد
************
يا أيُّهـا المُـدَّعي جـــاهـــاً وَمَـنْـزِلَـةً || مُسْـتَكْـبِـرٌ مـا لَـــهُ في الأرْضِ أنْــداد
تَزْهـو بِنَـفْسِكَ كَلـبـاً فَــوْقَ مــزْبَــلَةٍ || تَـصـيحُ فـي عَـتْــمَـةٍ وَالـــنّاسُ رُقّـــاد
وَلَسْتَ تَمْـلِكُ إلا الصَّـوْتَ تُـرْسِـلُــهُ || إنَّ النُّــبـــاحَ لــــدَيْـكَ الْـمـــاءُ وَالـــزّاد
أَقْصِرْ فَما أنتَ إلّا الطّبْلُ ذا صَخَبٍ || وَالـجَــــوْفُ مِـنْـكَ هَـــواءٌ فــيـه تَـرْداد
إنَّ الرّجـالَ لهُــمْ أحْــلامُـهُـمْ ولهُــمْ || صَــبْرُ الْجِـمالِ فَـمـا حـادوا وَلا مـادوا
وَأَنْـتَ أهْــــوَجُ لا حِــلْــــمٌ ولا أدَبٌ || وَلـيـسَ يَهْــديــكَ تَــوْجــيـهٌ وَإِرْشــــاد
ألا تَرى حَوْلَكَ الأصْحابَ قدْ هَجَروا|| وَكُــلُّـهُــــمْ عـــاتِـبٌ وَالــكُــلُّ نَـقّــــــاد
وكيــفَ تَـطـمَــعُ في وُدٍّ وَتَـكْــرِمَـةٍ || وَأنتَ تـمْـنَـعُـهـا والصَّحْـبُ قـدْ جـادوا
فـكيفَ تَحْـيـا إِذا مـا عِـشْتَ مُنْـتَـبَـذاً || وَمــا الـحَــياةُ وَفـيـكَ الـنّاسُ زُهّــــاد؟!
وَكُلُّ نَـفْـسٍ لَـهــا جَــوٌّ يُـلائِـمُـهــا || تَحْــيـا بــه، هُــوَ مـا تَـهْــوى وَتَـرْتــاد
فعِـشْ كَما شِـئْـتَ لكنْ ظَلَّ مُـبـتعـداً || كَيْ لا يَـجــيـئَـكَ بِـالإِكْـــراهِ إِبْـعــــــادُ
**************
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الرابعة عشرة، ديوان (القوافل) ـ ص8