ملفات
د. محمد عسكر يكتب: تحديات التحول الرقمي في مصر.. وتحقيق رفاهية المواطنين
• تؤدي التكنولوجيا بأنواعها المختلفة دوراً كبيراً ومهماً في تطوير الهيئات والمؤسسات بل وتعمل على دفع عجلة الإنتاج، وتسريع تطور الأعمال لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية، وتقليل أكبر قدر من المخاطر..
بالإضافة إلى مراقبة العمليات التشغيلية، والوصول بها إلى تحاليل دقيقة، قائمة على البيانات؛ ما يجعل تحقيق الأهداف التجارية المرجوة أمرا أسهل من قبل.
ولهذا تسعى جميع المؤسسات والشركات إلى دمج التكنولوجيا بالأعمال، بغرض تطوير وتنمية العمليات المشتركة بينها وبين المستخدمين والعملاء الذين تستهدفهم.
وقد فرضت التقنيات التكنولوجية الحديثة على دول العالم أن تلتفت نحو التحول الرقمي وتحدياته نتيجة لآثاره المهمة، ولما يقدمه من فوائد للأعمال في مختلف المجالات.
وأصبح مصطلح «التحول الرقمي» في طليعة اهتمامات كل المؤسسات والشركات اليوم لتحويل خدماتها وأنشطتها التجارية، من خلال استبدال العمليات غير الرقمية أو اليدوية بالعمليات الرقمية؛ ما يعنى استبدال الأنظمة القديمة، بأحدث التقنيات التكنولوجية؛ ما يتيح إنجاز الأعمال بشكل أسرع وأفضل، وأكثر دقة من ذي قبل.
• لقد أدركت عديد من المؤسسات والشركات مدى أهمية تأثير التحول الرقمي؛ فهو بمثابة الورقة الرابحة اليوم للوصول إلى نمو سريع وعائد مُضاعف.
حيث لم يكن سوق الأعمال فى السابق كما هو عليه الآن، ولم تكن إدارة المشاريع قبل التحولات الرقمية كما هي عليه بعدها.. وبالتالي، لم يعد هناك مكان لبيئات العمل بطيئة الحركة وعمليات التشغيل اليدوية في خضم هذه التطورات السريعة في عالم الأعمال المستحدث اليوم، خاصةً بعد التطورات التكنولوجية المتلاحقة، والتي فرضت طريقة عمل أسرع وأكثر دقة.
• «التحول الرقمي» لم يعد خيارا، بل أصبح ضرورة منطقية في عصرنا الحالي لتحقيق التنمية؛ بهدف الوصول إلى مجتمعات معرفية، تعتمد علي استخدام البيانات لتصحيح المسار، ورفع القدرات التنافسية وتحقيق رفاهية المواطنين.
وهناك التزام واضح من قبل الدولة المصرية نحو تطوير المؤسسات والشركات في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة لمواكبة هذا التغيير، في إطار سعي الحكومة المصرية نحو بناء مصر الرقمية والوصول إلى مجتمع مصري يتعامل رقمياً في كافة مناحي الحياة.
حيث يتم العمل على تعزيز تنمية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتحسين الخدمات الرقمية في الجهات الحكومية، لتوفير الدعم لعملية صناعة القرار وإيجاد حلول للقضايا التي تهم المجتمع.
ولكن ينبغي الانتباه لحقيقة مهمة ألا وهي عدم وجود منهجية موحدة تتناسب مع جميع المؤسسات والشركات الراغبة في دخول مرحلة التحول الرقمي.
لذا يجب أن تركز قياده كل مؤسسه على الظروف الفريدة التي تواجهها أخذه بعين الأعتبار تنوع الأنشطه والعملاء والموظفين من أجل بناء استراتيجية فعالة تهدف إلى تحول رقمي ناجح.
ويتمثل ذلك بوضع الخطط وتحديد الوسائل التي يجب على المؤسسة مواكبتها للتحول الرقمي، وأن تقوم بوضع خطط ومقاييس للإدارة الرقمية عن طريق صياغة وتطبيق مفاهيم ووسائل حديثة ومبتكرة لتسهيل الانتقال من الإدارة التقليدية إلى الادارة الرقمية.
وكذلك قياس مدى استعداد المنظمة والعاملين فيها لتحول نماذج الأعمال التقليدية إلى الرقمية.. ويكون ذلك من خلال تطوير استراتيجية واضحة للأعمال الرقمية، مع ضروره دعم العنصر البشري بالشكل المطلوب، وعلى مستوى عال من الكفاءة؛ لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.
يعد التحول الرقمي من أبرز بل أهم الملفات التي تعمل عليها الدولة المصرية في خطتها لعام 2030 وتولي لها اهتماما كبيرا، وذلك بهدف تقديم وإتاحة الخدمات الرقمية لجميع المؤسسات والمواطنين بطرق بسيطة وسلسة في أي وقت ومن أي مكان.
وقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمواصلة جهود الدولة في تعزيز التحول الرقمي، وميكنة الإجراءات الإدارية والحكومية؛ تسهيلاً على المواطنين واختصاراً للوقت والمجهود والتكلفة، مع متابعة ومواكبة أحدث التطبيقات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي تزداد أهميته وقيمته المضافة باطراد على المستوى العالمي.
وبالفعل أخذت الدولة المصرية خطوات جادة فى هذا الاتجاه لبناء مصر الرقمية وفقا لرؤية 2030 وذلك عن طريق العمل على إنشاء بنية تحتية تكنولوجية قوية تمكنها من عمل التحولات الرقمية المرجوة في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وكذلك زيادة قاعدة المتعاملين مع التطبيقات الرقمية الحديثة.
ولكن بالرغم من المزايا التي تقدمها هذه التطبيقات والخدمات الرقمية لتسهيل الحياة والمعاملات على المواطنين.. إلا أن هناك بعض المعوقات الإجتماعية والاقتصادية والتقنية التي تحول دون تحقيق دورها المنشود على أكمل وجه.
فقد تصطدم الدولة أحيانا، بعد بدء عمليات التحول الرقمي داخل بعض المؤسسات، بافتقار العاملين بها للمهارات الأساسية اللازمة للتعامل مع الأساليب التكنولوجيه الجديدة.
ويُعد الموظفون من أهم عوامل دعم أي عملية تحول وتطور داخل المؤسسات والشركات.
وحتى يكون التحول الرقمي ناجحاً في أي مؤسسة، يجب أن يكون رفع أداء الموظفين وتدريبهم على رأس الأولويات في هذا التحول، فكما يتم إعداد الخطط المتعلقة بتغيير البنية التحتية والأجهزة والمعدات وتوفير التقنيات الحديثة لإتمام التحول الرقمي بنجاح، يجب أيضاً وضع الخطط التدريبية المناسبة لجميع الموظفين في المؤسسة، بما يشمل المديرين وجميع الموظفين على اختلاف درجاتهم الوظيفية.
أيضا فإن خوف العاملين من فقدان الوظيفة وعدم الرغبة فى التغيير يعدان من أكثر المعوقات تأثيرا فى هذا الصدد، ناهيك عن التردد فى مشاركة العاملين للمعرفة والخبرات والبيانات بسبب الطبيعة البشرية التى تعتز بالتحكم بالمعلومات وامتلاكها، والظن بأنها حكر للموظف المسئول وأن استئثاره بها حماية وأمان له، لذلك يجب السعى نحو تغيير ثقافة العاملين بالقطاعات كافة، وكذلك لجميع عملاء المؤسسات ما سيكون له عظيم الأثر فى الأستفاده من ثمار التحول الرقمى.
وهنا يبرز دور وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمقرؤة والمرئية.. لنشر ثقافة التحول الرقمي؛ سواء على مستوى القطاع العام أو القطاع الخاص، مع توضيح أهميته فى التيسيير على المواطنين من أجل الإسهام فى حياة كريمة.
الطرف الآخر فى معادلة التحول الرقمي هو الشخص المستخدم نفسه.. ففى حالات كثيرة، يخشى من يطلب الخدمة من إمداد المنصة الرقمية المقدمة للخدمة ببياناته الشخصية تحسبا من اختراق خصوصيته.
ويزداد الخوف من مشاركة البيانات إذا ما تعلق الأمر بالمعاملات المالية وتحديدا عند القيام بعمليات الدفع الإلكتروني.
ويواجه تقديم الخدمات الرقمية في مصر في هذه الأيام، عديد الصعاب، سواء في خروج الخدمات والبوابات الرقمية من الخدمة لوقت ليس بالقصير، أو عدم تكامل الخدمات الرقمية مع بعضها البعض، أو ضعف خدمات الاتصالات والضغط الشديد على المنافذ التقليدية لتقديم الخدمات الحكومية نتيجة لاضطرار المواطن للحصول على الخدمات من المنافذ الفعلية وليس المنافذ الإلكترونية.
لذا يجب زياده الإهتمام بالبنيه التحيتيه لمنظومه التحول الرقمى بإعتبارها المكون الأول للتحول الرقمي والذى من خلاله يتم تيسير الاستفاده من التكنولوجيا الرقمية.