ملفات

التعلم بالاكتشاف (د. شيماء قنديل- مصر)

الاكتشاف وسيلة لحصول الفرد علي المعرفة بنفسه، مستخدماً في ذلك أساليبه الخاصة.. والتعلم بالاكتشاف هو ذلك النوع من التعلم الذي يحدث نتيجة لمعالجة المتعلم لما لديه من معلومات، واستنباط معلومات جديدة منها.

يتيح التعلم بالاكتشاف الفرصة أمام المتعلم للتفكير المستقل، والحصول علي المعرفة بأنفسهم؛ حيث يضع المتعلم في موقف المكتشف لا المنفذ، فيضع أمامه مشكلات تحتاج إلي حل، وعليه أن يُخطط بنفسه لحلها، ويصمم ما يلزمه من تجارب، ويجمع البيانات، ويسجل النتائج، ويضع تفسيراً لها.

•• يرجع الأساس النظري لأسلوب التعلم بالاكتشاف إلى نظرية برونر Bruner في النمو المعرفي، فيري برونر أن مفهوم البنية Structure هو المفتاح الرئيس للتعلم بالاكتشاف، كما يرى أن لكل مادة دراسية بنية متأصلة فيها، تظهر في التعميمات الأساسية التي تضبط العلاقات بين مفاهيم هذه المادة، وعناصرها المختلفة.

لذلك يجب أن تسعى العملية التعليمية إلى مساعدة المتعلم علي فهم هذه العلاقات، وتكوين نظرة واقعية وصحيحة حول المبادئ والمفاهيم الأساسية المنظمة لبنية المادة الدراسية، بغض النظر عن مضمونها؛ لأن التمكن من هذه البنية في حد ذاته يسهل عملية التعلم، وانتقال أثر التعلم، ويزود الفرد بالقدرة علي عدم النسيان.

يقوم التعلم بالاكتشاف علي ثلاث مسلمات أساسية، وهي:

1- أن التفكير كغيره من الموضوعات الممكن تعليمها؛ حيث يمكن تعليم التفكير بصرف النظر عن مضمونه مما يمكن المتعلم من اكتساب استراتيجيات تفكيرية يمكنه استخدامها في حل مشكلات مختلفة في مواقف مختلفة.

2- أن التفكير نوع من التفاعل النشط بين المتعلم، والمعلومات، ويتطلب استخدام عمليات معرفية معينة تسهل الانتقال من الحقائق المفتتة المحدودة إلي التعميمات، والقوانين، والنظريات التي تمكن المتعلم من التنبؤ بالظواهر المستقبلية وتفسيرها.

3- تتطور عملية التفكير عبر تسلسل منتظم لا يمكن عكسه، مما يشير إلي أن التمكن من مهارة تفكيرية معينة يتوقف علي مدي التمكن من مهارة أخري سابقة لها، ويجب مراعاة هذا التسلسل عند استخدام الاستراتيجيات التدريبية المختلفة.

لماذا التعلم بالاكتشاف ؟

1- الطاقة الذهنية: والمقصود بها هنا أن المتعلم يتعلم، وينمي تعلمه باستخدام طاقته الذهنية؛ حيث أن التعلم بالاكتشاف يقود المتعلم إلي بناء عقله، فيمكنه من تنظيم ما يواجهه من مواقف ، ومعلومات، واستبعاد المعلومات غير الدقيقة، وهو ما يسمى بالانتقاء.

2- الدافعية الداخلية للمتعلم: فنجاح المتعلم في الاكتشاف يولد لديه تعزيزاً داخلياً، وإشباعاً ذاتياً أفضل من التعزيز الخارجي في عملية التعلم.

3- تعلم النواحي التنقيبية للاكتشاف : إن الطريق الوحيد لتعلم الاكتشاف هو إتاحة الفرصة أمام المتعلم لأن يكتشف، ومن خلال ذلك يتعلم تدريجياً كيف يخطط للدراسات البحثية الصغيرة، وينفذها.

4- حفظ الذاكرة: التعلم بالاكتشاف يساعد بشكل أفضل على عدم نسيان المعلومات التي يتوصل إليها المتعلم بنفسه ، ويُعمل فيها تفكيره، وتظل بالذاكرة فترة زمنية أطول من تلك التي يتلقاها.

5- المتعلم هو محور الموقف التعليمي: فهو يتعلم مما يفعله، وليس ما يقوله المعلم أو يقوم به، فالمتعلم في المدخل الكشفي يتعلم الاعتماذ علي نفسه في تخطيط وتنفيذ الدرس، ويتعلم تحمل المسئولية، والتوجيه الذاتي، وكيفية التعامل مع الآخرين.

6- ينمي المواهب، والقدرات، والهوايات: فعندما يوضع المتعلم في موقف تعليمي قائم علي الاكتشاف فإنه يستخدم مواهبه، وقدراته للوصول لحل للمشكلة التي يواجهها، وبالتالي تتيح للمتعلمين فرصة لتتطور ، وتنمية قدراتهم.

7- حدوث تعلم حقيقي: لا يحدث التعلم الحقيقي ما لم يتفاعل المتعلم عقلياً مع المعلومات التي يكتسبها، فالتعلم بالاكتشاف يتيح للمتعلم الوقت الكافي لتمثيل المعلومات، واستيعابها، وإعمال تفكيرهم.

8- التعلم بالاكتشاف يعمل علي تنمية المستويات العليا في الأهداف المعرفية مثل: التطبيق، والتحليل، والتركيب، والتقويم.

9- تأكيد عملية التساؤل: والمقصود بالتساؤل هنا هو أن تثار أسئلة في ذهن المتعلم وتحتاج إلي إجابة، ما يدفعه للاندماج في عملية التعلم، وإثارة تفكيرهم علي المشاركة الجادة في الموقف التعليمي.

10- تأكيد مفهوم التعلم الذاتي: فالتعلم بالاكتشاف يمكن المتعلم من اكتساب أساسيات المعرفة العلمية، واكتساب الأساليب، والمهارات التي تجعلهم يكتسبون مزيداً من المعارف في المستقبل دون مساعدة من أحد.

الصعوبات التي تواجه استخدام أسلوب التعلم بالاكتشاف:

– التعلم بالاكتشاف يحتاج إلى وقت طويل.

– عدم وجود المعلم المدرب ؛ حيث أن التعلم بالاكتشاف يلقي علي المعلم أعباء ، ومتطلبات لم يألفها من قبل ، كما تحتاج إلي وجود خبرة تعليمية، وأن يكون المعلم قائداً ديمقراطياً في إدارة الحوار، وتدريب المتعلمين علي المناقشة، وإثارتهم للمشاركة فيها، بالإضافة إلي مهارات تدريسية أخرى.

– محتوي المقررات الدراسية، وطريقة تنظيمها لا يتيح الوقت الكافي لتطبيق التعلم بالاكتشاف.

– نظام التقويم يجب أن يقيس جميع جوانب التعلم، وليس الجانب المعرفي فقط.

– لا يمكن استخدام التعلم بالاكتشاف لكل المواقف، وخاصة الموضوعات التي يحتاج تعلمها إلي الحفظ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى