اللهُ أكـبـــرُ وَابْـتَــدا الطّـوفـــانُ || والمـسجِـدُ الأقْـصى هُـوَ الـبُركانُ
حِـمَـمٌ تَـدَفَّـقَ سَـيْلُهــا مِـنْ بـابِـهِ || وَمَـضَــــتْ فــلا دَنَــسٌ وَلا أدْرانُ
حِمَـمٌ يُطَهّـرُ أرْضَـنا طـوفـانُهـا || وَيُـعـــيـدُهـا بِـنَـقــــائِـهـــا تَــزْدان
تَــنّــورُ نــوحٍ فــارَ مـــاءً إنَّمـا || تَـنّـــورُنـا فـارَتْ بِــه الـنّــيـــرانُ
سَـيْلٌ وَطـوفـانٌ وَفَــجْــرٌ بـازِغٌ || مَـنْ كانَ يَحْـلُـــمُ أنّـهُ الـطّـوفــان؟!
حَـرَقَ الشّـوائِبَ كُلَّها وَهَـــديرُهُ || هَــشَّـتْ لــهُ الآكـامُ وَالـقــيـعــانُ
أمْـواجُــهُ صَـخّـــابَـةٌ وَالـفُـلْــكُ || تَجْـري فَـوْقَهـا وَأُسودُنا القُــبْطانُ
حِمَمٌ كَأنَّ الشمسَ قدْ قَـذَفَتْ بِها || مَـطَــراً يُـدَمِّـرُ مـا بَنى الشّـيْـطان
وَالفَجْـرُ أشْـرَقَ بَغْــتَةً فَـكَأنّـما || يّـــــوْمُ الـحِـســابِ أتـى وَآنَ أَوانُ
واللهُ أكـبرُ بِالبَـنـادِقِ زَغْــرَدَتْ || وَشَـدَتْ بِهــا الأفْـــواهُ والوِجْـدان
في مَشْهَـدٍ لمْ يَعْـرِفِ التاريخُ || شـيْئاً مِـثْلَــهُ أوْ يَشْهَـــدِ الإنْســــان
يومٌ سَـيَـبْـقى مَعْلَــماً وَمَـنـارَةً || وَبِـنـورِهِ يَسْـتَـرْشِـدُ الـفُــرْســـــانُ
يوْمٌ أزالَ عَـنِ العُيونِ غِشاوَةً || فَــبـدا لــنـا أنّ الـعَـــدُوَّ جَــبـــــانُ
لكِــنَّـنـــا كُـــنّــا نَـفِــــرُّ لِأَنَّــهُ || يـوحي لَـنا بِالخَـيْـبَـةِ السُّــلْـطـــانُ
وَبِغَـيْـرِ إعْــدادٍ نَسـيرُ وَراءَهُ || فَـمَـصيرُهُ وَمَـصـيـرُنـا الـخِـــذْلان
حـتّى أَتى أبْطالُنا يَسْعَـوْنَ في || طَلَــبٍ الْعُـلى يَحْــدوهُــمُ اطـمئنان
تَرَكوا وَراءَ ظُهورِهِمْ دُنْيا الفَنا || ءِ إلى الخُــلـودِ تَقـاطَـرَ الــرُّكْبان
واللهُ ثـبّـتَـهُــمْ وَسَـدّدَ رَمْـيَـهُــمْ || لمْ يَفْـشَلـوا في سَعْــيِهِـمْ أوْ هـانوا
أبْطالُ غَــزَّةَ لِلْجِهــادِ تَسابَـقـوا || وَمَـضى بِـهِ الآبــاءُ وَالــوِلْــــدانُ
دَكّوا الحُصونَ وَزَلْزَلوا آساسَها|| فَـتَـقَـلْـقــلَـتْ وَانْهَـــدَّتِ الأرْكـان
وَقَضَوْا عَلى أُسْطـورَةٍ وَهْـمِـيَّةٍ || قــدْ شَـطَّ في تَرْويجِها الإعْــلانُ
هذا هوَ (الجَيْشُ الذي لا يُقْهَـرُ) || فجُــنـودُه عـندَ الـلِّـقـا جِــــرْذان
لا يَجْرُؤونَ على مُواجَهَةِ الأسو || دِ وَطَـبْعُـهُــمْ أنَّ الفَـــرارَ أَمانُ
إنّ السِّـلاحَ معَ الجَـبانِ لَعـاجِــزٌ || لا الكَـفُّ تَسْـنِـدُهُ وَلا الإيـمـــان
لجَأوا إلى هَدْمِ البُيوتِ فَخَصْمُهُمْ || سُـكّانُهــا الأطْــفــالُ وَالنِّـسْوانُ
لكنَّهُـمْ لـنْ يَهْـدِمـوا تَـصْـمـيمَـنا || بلْ زادَ تَـرْسـيخـاً لــهُ العُــدْوان
وَجُـمـوعُـــنـا بَـنّــاءَةٌ وَنِـسـاؤُنا || وَلّادَةٌ، وَبِــــلادُنـــــا بُــسْــتــان
وَلَنا الغَـدُ المَرْجُـوُّ وَهْوَ حَقيقَـةٌ || جــاءَتْ بِهــا الــتّـوْراةُ وَالقُـرآن
وَيُراهِنونَ عَلى السِّلاحِ وَيَعْلمو || نَ مَـعَ الحَـقـيقَةِ لا يَصِحُّ رِهــانُ
ليْسَ السِّلاحُ وَلا الرِّهانُ يُفيدُكُمْ || مَهْـما جَـرى حَـدَثٌ وَمَــرَّ زَمان
أنّى لَكُـمْ مُسـْتـقـبَلٌ في أرْضِنا || وَالأرْضُ تَلعَـنُكُـمْ كَمـا السُّكّـان؟!
فَلتَرْجِعوا مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ وَاخْسَأوا|| فَلقَـدْ فَشِلـتُمْ وَانْجَـلى الـبُرْهــانُ
جِئْتُمْ لُصوصاً طامِعينَ، وَخائِبيـــ || ــنَ سَتَرْجِعونَ فَليْسَ ثَمَّ مَـكانُ.
**********************
الشاعر حسن منصور
من المجموعة الرابعة عشرة، ديوان (القوافل) ص 30