من أهم دعائم البحث العلمي الناجح الدقة والضبط، فهي الطريقة التي يفكر بها العلماء فيما يتعلق بالخطأ. والمقصود بالدقة هو مدى قرب القياس من القيمة الحقيقية أو المقبولة.
كما تشير الدقة إلى دقة وصحة جمع البيانات وتحليلها فعندما يكون الباحثون دقيقين في أساليبهم وقياساتهم، يمكنهم استخلاص استنتاجات أكثر موثوقية من بياناتهم. وهذا بدوره يساعد على بناء ثقة الجمهور في النتائج العلمية ويسمح بتطبيق المعرفة العلمية بشكل أكثر فعالية في معالجة مشاكل العالم الحقيقي.
وتُعرف الدقة إصطلاحاً بأنها: “استخدام الطرق والاجراءات والأدوات المناسبة للتعامل مع البيانات للوصول إلي قياسات علمية دقيقة خالية من الأخطاء التي قد تؤدي إلي نتائج بحثية مضللة وغير حقيقية، والمقصود بالدقة في البحث العلمي هي “مدي إلتزام الباحث بالقواعد والإجراءات المنهجية في دراسته، واتباع الباحث للمنهج العلمي أثناء بحثه عن الحقيقة، وأن يكون واعياً بمختلف العوامل المحيطة بالظواهر المبحوثة”. كما يمكن تعريف الدقة في البحث العلمي علي أنه “مهارة عالية في إنجاز عمل ما وفقاً للمعايير الموضوعة له”.
تتميز الدقَّة العلمية بأنها تتعلَّق بمجموعة من القياسات، وليس بقياس واحد، كما أنها لا تعتمد علي الضبط لذا؛ قد تكون القياسات المضبوطة دقيقة أو غير دقيقة.
وتظهر أهمية الدقة في البحث العلمي في نواح متعددة، منها:
الدقة في اختيار موضوع البحث من حيث:
الدقة في اختيار موضوع يتوافق مع ميول ورغبات واتجاهات الباحث، وغياب الدقة في الاختيار يؤدي إلي تركه ونبذه ولفظه.
الدقة في اختيار موضوع يتلائم مع قدرات الباحث العلمية، بحيث لا تكون فكرة البحث أعلي من قدراته، مما يؤدي إلي ضعف البحث أو عدم قدرة الباحث علي استكمال البحث.
الدقة في اختيار موضوع تتم كتابته بما يناسب قدرات الباحث المالية.
الدقة في اختيار موضوع بحث يتناسب مع قدرات الباحث الوقتية _ الوقت_ فقد يكون الباحث في بعثة دراسية خارج وطنه ومقيد بوقت معين يجب أن ينتهي من بحثه في هذا الوقت.
الدقة في اختيار منهج البحث من حيث:
اختيار الباحث منهجاً من مناهج البحث، والاجراءات التى سيقوم بها، ويشرح الباحث للقارئ كيف سيقوم بتنفيذ بحثه المقترح.
الدقة في اختيار صياغة العنوان من حيث:
يكون العنوان محدد ويعبر عن موضوع البحث.
يتضح منه حدود البحث، وأبعاده.
لا تكون صياغة عنوان البحث طويلة وألا تحتوي علي لغة أجنبية أخري.
الدقة في أثناء كتابة البحث العلمي من حيث:
الدقة في كتابة مقدمة البحث بحيث؛ تتصف بالايجاز، والوضوح، والتركيز، والدلالة في عناصرها ومضمونها.
الدقة في عرض واستقصاء نتائج الدراسات السابقة، وتوظيفها في جميع أجزاء البحث.
الدقة في استحام عبارات، وجمل بحثية صحصيحة، والبعد عن اختيار الألفاظ الركيكة، والتكرار حتي لا يصاب القارئ بالملل.
الدقة في فهم المعلومة من الآخرين، وفي طريقة نقلها، أو اقتباسها، أو التعبير عنها.
تحري الدقة في النقل والتوثيق، وتوثيق الأفكار لأصحابها، توثيق كل معلومة منفصلة علي حدى والبعد عن التوثيق المجمل.
الدقة في القياس: يتطلب تحقيق الدقة في القياس استخدام أدوات وتقنيات دقيقة ، ويجب على الباحثين اختيار الأداة المناسبة للقياس الذي يرغبون في إجرائه بعناية والتأكد من معايرتها وصيانتها بشكل صحيح.
إن العديد من الباحثين من طلاب الدراسات العليا وغيرهم لا تظهر لهم أهمية الدقة في إجراءات البحث العلمي بشكل واضح، لذا فقد يهوَن بعضهم آثار فقدان الدقة، ويحصر بعضهم أهميتها في جانب محدد، حسب ما يظهر له.
الدقة العلمية من ضوابط البحث العلمي؛ لذا لابد من العناية الدقيقة الكاملة عند إجراءات البحث والدراسة والتجنب من إرتكاب الأخطاء الفادحة، بل يفترض أن يقوم الباحث بعمله بكل عناية وهدوء وتنظيم، وأن يتأكد من معلومات ونتائج بحثه، يجب للباحث أن يقوم أثناء الإعداد للبحث بكتابة المعلومات والبيانات وكل ما يرتبط بالبحث علي أوراق، وكذلك يجب عليه أن يبتعد عن التعميم العشوائي، وأن يحاول قدر الإمكان أن يربط المقومات البحثية بالنتائج، وأن لا يخرج خارج النقاط المحددة بإطار الموضوع الذي تناقشه الدراسة. كما يجب نشر ثقافة الدقة في البحث العلمي بين طلاب البحث العلمي، وإدراجها ضمن خصائص البحث العلمي، وضمن معايير جودة الأبحاث العلمية.
المراجع:
مرحبا، إسماعيل غازي أحمد (2020). الدقة في إجراءات البحث العلمي، مجلة العلوم الشرعية، جامعة القصيم، مج13، ع5، ص ص 3541- 3506.