مقالات

كابوس الطلاق (بقلم: زهرة شوشة- مصر)

الحياة الزوجية تقوم على السعادة والمودة والرحمة داخل الأسرة، والتي تجعل كل طرف يتقبل أخطاء الآخر، لكن هذه الأخطاء أحيانًا قد تكون مليئة بالصعوبات والمنغصات، فتحدث المشاكل الزوجية التي تحول الحياة إلى جحيم لا يُطاق، وتغيب الغاية الأساسية والسامية من وجود مؤسسة الزواج، وهي المشاركة والتعاون والمودة والرحمة لبناء أسرة سليمة متعافية، كما يغيب الاستقرار والطمأنينة عن جو الأسرة، وهنا تظهر الحاجة المُلحة للانفصال والطلاق.

 

ولاشك فى أن الطلاق يمثل حدثًا مزعجًا، لما يتميز به من خيبة الأمل وفقدان الأحلام ويستغرق وقتًا لاستعادة التوازن بين الزوجين. بالإضافة إلى أن هناك تحديات قانونية ومالية وأبوية وعاطفية وعملية تتطلب جهدًا وطاقة يمكن أن تستغرق سنوات لحل الصراعات. ومع ذلك، فإن الطلاق يؤدي وظيفة مهمة من الناحية القانونية والعاطفية.

كانت أحد أهم الأحداث في القرن العشرين هي التغيير في الأدوار التي يمكن للمرأة أن تلعبها في الحياة الخاصة والعامة، مما أتاح لها المزيد من الفرص للرضا والسعادة في داخل المنزل وخارجه، فجاء هذا التحول مثيرًا للجدل في بعض الأحيان، في تقسيم المسؤوليات داخل المنزل، وهو أحد العوامل التي أدت الى ارتفاع معدلات الطلاق وإصدار قوانين خاصة بالأحوال الشخصية.

من خلال برنامج «على مسئوليتي» ناقش الإعلامى أحمد موسى مع ضيوفه إيجابيات وسلبيات قانون الأحوال الشخصية الجديد. بدأ الحوار بهجوم من المحامى “عصام عجاج” مطالبًا بحقوق الرجال بقوله: “إحنا كرجالة فى مصر من سنة 2000 مش سامعين غير عن تمكين المرأة .. إحنا قُدمنا 20 سنه عشان نتساوى بالمرأة .. واللى بيحصل فى مصر نية متعمدة لخراب الأسرة المصرية .. القانون جالد للرجالة .. ويجى عند المرأة يقولها “متعمليش كدا ياقطة”. دا اسمه قانون السبوبة! ومحامى يتحدث عن الفحولة الجنسية كيف له أن ينصف موكلته؟ فهل هذا استخفاف بالمرأة؟ أم فقاعات لجذب الانتباه؟

 ببساطة، إذا كنت تعتقد أنك كرجل تنتظر الإنصاف، فتوقعاتنا “كقطط” من الدوله وهيئة التشريع سوف تكون فى محلها، ولابد أن نكون على حق، لأن الخطأ يذكرنا بنواقصنا، وأليس من الدين والرأي السليم والقويم أن تكون على حق على حساب الأطفال “{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}. نحن النساء ضحايا .. يحق لنا الانتقام من الاضطرار لتحمل الطلاق الذي فُرض علينا .. وليس لدينا أي مسؤولية عن تحمل تبعاته؟ حيث يرى بعض فئات المجتمع أن الرجل له الحق فيما يفعله، وأنه مخلوق مميز في الحياة، والنساء مُسخرون لطاعته، فهل يُعقل أن تكون هذه عقلية رب الأسرة والقائم عليها؟

إذن، فالطلاق هو القشة التي قصمت ظهر البعير، والمشاكل موجودة منذ خلق الإنسان، وجاء الطلاق ليضع حدًا لمهزلة صنعها فراغ عقول الرجال. لذلك لابد أن يعترف الرجال بأنهم قد يدمروا المعبد الأسري الذي عاشوا فيه، يحب الرجل دائماً أن يعيش دور “الضحية” بهدف الانتقام لذكورته.

الحموات فى مصر يُنظر إليهن على أنهن الجناة الرئيسيون .. وفي بعض الحالات يثرن مشاكل لا داعي لها بين الزوجين .. لكن العديد من الأزواج يتدخلون في مشاكل أمهاتهم الخاصة، ويميلون إلى الهروب من الجدل الأسري. والعجيب أن النساء يعانين من الوحدة ويتغاضوا ويتجاوزوا عن هذه التدخلات .. لكن هناك تراكمات سلبية تزداد مع تجاهل واستفزاز للمشاعر من جهة الزوج ويُحمل الزوجة المسؤولية كاملة ويسعى لإسعاد نفسه بمنتهى الأنانية .. لتجد الزوجة نفسها أمام أمر واقع .. فلا تجد أمامها سوى القضاء لينصفها من ظلم الزوج الذى يهجر ويعلق زوجته بدون حق، هذا عن الزوج المضطرب نفسياً، والبخيل عاطفيًا وماديًا.

ويمكن أن يكون الطلاق مُعقدًا جدًا بالنسبة للرجال ويصعب عليهم التغلب عليه، ذلك لأن النساء هن الأكثر طلبًا لبدء الطلاق من الرجال، وهذا يشكل صدمة للرجل، فتجعله غير مستعد للخطوات التالية التي يحتاج إلى اتخاذها، فعند حدوث الطلاق ستسمع من المحيط حولك أنه عليك أن تكون رجلًا أو أن عليك تجاوز الأزمة وتخطيها بسرعة. هذه المفاهيم الضارة تزيد من صعوبة الموقف، وغالبًا ما يعيش الرجال بعد الطلاق حياة من الألم والمعاناة، ذلك لأن التفكك الذي يحدث لحياته وهويته يؤدي إلى خسائر لا يراها سوى عدد قليل من الناس.

أطفال المطلقين .. سلوك مضطرب .. وحنان مفقود

هناك الكثير والكثير .. فمحاكم الأسرة تعُج بحالات أكثر تعقيدًا. ونظرات الأطفال ونبرات أصواتهم تُمزق أوتار القلب، لأنهم من كُتب عليهم الضياع والتدمير نفسياً. إذن، من ينقذ هؤلاء الأطفال من براثن قرار الطلاق أو الخُلع؟ والآثار السلبية الواقعة عليهم؟ ولابد من اتخاذ إجراءات جذرية فى طريقة التعامل مع قضايا الطلاق لحماية الأبناء من الاضطرابات النفسية. فالطفل يستحق نظامًا قضائيًا أفضل للتعامل مع القرارات المتعلقة بالحضانة والرعاية، بدلاً من الدخول في الدخول في كابوس المحاكم.

بعض حالات الطلاق كالورم الخبيث لابد من استئصاله، ولابد من وضع الطفل في المقام الأول، لأنه سوف يكبر ويتعامل مع الصدمة التي عانى منها بسبب الطلاق أو انفصال الزوجين. ولابد أن نبذل قصارى جهدنا للبقاء آمنين مع الاستمرار في التركيز على نفسية أبناءنا ومنحهم أفضل ما لدينا، ودائما يكون الحب أفضل دواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى