مقالاتمميز

الأسرة العربية في «رمضان».. بين الاستهلاك ومواجهة الأزمات!! (بقلم: علي الحاروني- مصر)

تتجه الأسرة العربية إلى إنفاق نحو 25% من ميزانيتها على الطعام، إلا أن هذه المؤشرات تتزايد بشكل كبير خلال الموسم الرمضاني، فمثلاً تشير بحوث وبيانات الدخل والإنفاق للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، إلى أن أكثر من 85% من المصريين يغيرون عاداتهم الغذائية في الشهر الفضيل؛ حيث تتضاعف معدلات استهلاك المصريين من السلع الغذائية خلال شهر رمضان من كل عام لتصل لنحو 120 مليار جنيه خلال الموسم الجاري، بنسبة تقترب من 150% في رمضان، أي ما يعادل حجم إستهلاك ثلاثة شهور بالسنة.

وتكشف المؤشرات ارتفاع الإستهلاك من اللحوم، ليصل إلى 30 ألف طن، بنسبة 70% فيما يتراوح استهلاك الدواجن ما بين 65 و70 ألف طن كما تزداد معدلات الاستهلاك من منتجان الألبان لتصل إلى 100 ألف طن وكذلك الزبادي إلى 60 ألف طن بنسبة تصل إلى 300%.

وبلا شك هناك حزمة من المتغيرات التي سوف تؤثر على الأسعار في رمضان 2022م وتأتي في مقدمتها الحرب الروسية – الأوكرانية حيث قامت الأزمة الروسية برفع أسعار القمح بمعدل 6% مما قد يضع العالم العربي في تحدٍ خلال الشهور المقبلة بشأن زيادة أسعار السلع الغذائية، لا سيما أيضاً مع إتجاه المواطنين لشراء السلع وتخزينها خوفاً من إنخفاض الإنتاج وبالتالى فإن الاستهلاك لن ينخفض إلا كنتيجة لنقص في المخزون.

 

وهنا تتضح أهمية دور جهاز حماية المستهلك فى رمضان من خلال المتابعة الدقيقة لأسعار السلع الغذائية والأساسية التى يتم استيرادها، بالإضافة إلى تحديدها هامش ربح يكون مناسبًا في ظل الاوضاع الراهنة، حتى لا يتم إحتكار بعض أنواع السلع وحدوث ارتفاع غير مبرر يكون المتضرر الوحيد بها هو المواطن العربي.

وبناء على ذلك، وضعت الحكومة المصرية خطة واضحة لزيادة عدد السلع المعروضة أمام المواطنين خلال الموسم سواء عبر المجمعات الاستهلاكية المتواجدة بالمحافظات فضلاً عن إقامة المعرض الرئيسى (أهلاً رمضان) بمركز القاهرة الدولى للمؤتمرات بمدينة نصر فى الفترة من 24 مارس وحتى الأول من أبريل المقبل.

 كما أن استراتيجية الحكومة تقوم بالأساس على التعاون مع القطاع الخاص وشركات التجزئة لتلبية إحتياجات السوق من السلع، حيث تم الإتفاق مع السلاسل التجارية المشاركة على تقديم خصومات تتراوح من 15 إلى 20% على سلع الغذاء الرمضانية، الأساسية التى يسمح هامش الربح بها مع محاولة إقامة معارض رئيسية وفرعية لـ(أهلاً رمضان) في كل المحافظات لتوفير السلع الغذائية والإحتياجات الأساسية لرفع العبء عن كاهل المواطنين.

وفى هذا السياق، فإن الحاجة ماسة لزيادة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتوفير كافة إحتياجات الموسم الرمضاني بما يعني عدم تأثر المستهلكين بالأزمات والمتغيرات العالمية خاصة مع زيادة أسعار القمح وبالتالى المنتجات القائمة عليه مثل المكرونة نتيجة الأزمة الأوكرانية الروسية وإستيراد مصر نحو 80% من حجم واردتها من القمح من روسيا وأوكرانيا.

 ولعل أحد الحلول السريعة أيضاً العمل على تعميم التجربة البورسعيدية والتي تتم حاليا فيها حيث استخدام دقيق الذرة في صنع الخبز وكذلك التوسع في زراعة القمح والأرز مع إستنباط سلاسل جديدة ذات إنتاجية عالية، مع استخدام طرق الرى الحديثة التي تقلل من إستهلاك المياه خاصة في ظل توقعات امتداد الحرب الحالية.

 

إلى جانب ذلك فإنه يجب التحرك سريعاً من أجل تعزيز المخزون الاستراتيجى من السلع، وهذا يتطلب وجود مجلس أعلى للطوارئ لإتخاذ خطوات إستباقية تجاه الأزمات والحروب خاصة مع عدم وضوح الرؤية حول انتهاء الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها والتوقعات بإرتفاع الأسعار ونقص المعروض مع ارتفاع تكاليف الشحن بنسبة تتجاوز 10%، مع ضرورة تعظم قدرات القطاع الصناعي وترشيد الإستيراد عبر فرض مجموعة من الضوابط التنظيمية لحركة الاستيراد وإتاحة الفرصة أمام الصناعة الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى