ملفات

 رؤية مستقبلية لأفغانستان علي ضوء تقييم الأداء الاقتصادي والإعلامي لـ«طالبان»

شارع الصحافة/ إعداد- علي الحاروني:

     منذ استيلاء حركة طالبان علي الحكم في أفغانستان في ١٥ اغسطس ٢٠٢١ وانظار العالم تتجه صوب أفغانستان لمعرفة أحوالها السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلاميه … الخ في ظل حكم طالبان ورغم محاولات طالبان التظاهر بأن كافة الأمور في أفغانستان علي ما يرام ومخاطبة المجتمع الدولي بالإعتراف الدولي بها.

إلا أنه مع التقييم الموضوعي للأداء السياسي والاقتصادي والإعلامي وغيره للحركة نجد أنها مازالت تعاني من اختلالات هيكلية في سياساتها وممارساتها علي كافة الأصعدة وهنا ستتطرف بنوع من التحليل للأداء الإقتصادي والأعلامي لحركة طالبان ليؤكد ذلك علي حقيقة هامة الا وهي أنه رغم التطمينات الكثيرة التي تروج لها حركة طالبان للمجتمع الدولي إلا أنها مقرونة بأفعال واقعية علي أرض الواقع.

وخير مثال علي ذلك ملفي قضية المرأة وحقوق الإنسان في أفغانستان ليؤكد ذلك علي حقيقة بلورها الخبير الأمريكي (كينث كاتمزمان ) وهو خبير في قضايا الشرق الأوسط في قوله ( بأنه لا يمكن أن نثق في التزام طالبان ) ومن هنا سنحاول عبر محورين رئيسين تقييم التجربة الإقتصادية والإعلامية في أفغانستان لحركة طالبان لنؤكد علي تلك الحقيقة.

أولاً : هل نجحت طالبان إقتصادياً في أفغانستان أم لا ؟!

     أما علي المستوي الإقتصادي فتعتبر الموارد المالية الوفيرة لدي حركة طالبان إحدي الركائز الرئيسية التي ساعدتها علي تقوية موقفها العسكري وبسط سيطرتها علي الأراضي الأفغانية حتي سقوط العاصمة كابول في 15 أغسطس 2021 ومعظم البلاد الأفغانية وتتعدد مصادر تمويل طالبان بين عائدات التعدين سواء من خلال القيام بعمليات استخراج المعادن بنفسها في المناطق الخاضعة لسيطرتها ويتم ذلك علي نطاق محدود نظراً لنقص  خبرتها في هذا المجال وعائدات تجاره المخدرات والتي تمثل أهم مصادر طالبان حيث تسيطر علي توريد مخدر الأفيون للعالم حيث يتم زراعة حوالي 224 ألف هكتار منه وذلك خلال عام 2020م مع فرض الضرائب والإتاوات في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ويُضاف إلى ذلك، تلقي التبرعات الخارجية وهي تصل إلى ما يقارب المليار ونصف مليون دولار سنوياً ، مع تجاره بعض السلع الإستهلاكية علي طول الحدود مع الدول المجاورة وكذلك العائدات المالية من العقارات التي تمتلكها الحركة في أفغانستان وباكستان وبعض الدول الأخري وعلي نحو يدر تدفقات مالية شهرية.

 

    ولكن رغم سيطرة حركة طالبان علي مقطم أفغانستان يتوقع أن تتسم إداره حركة طالبان للإقتصاد الأفغاني بعده سمات من أهمها عدم الفصل بين الأموال العامة والخاصة لطالبان لحشد الموارد المالية اللازمة لتقوية وضعها العسكري وفرض الأمن علي أنحاء أفغانستان كافة، مع بسط سيطرتها علي المؤسسات الرسمية وتعيين أشخاص تابعين لها علي رأس المؤسسات الإقتصادية لإحكام السيطره علي النشاط الإقتصادي والموارد المالية للدولة.

  وهنا يتوقع أن تكون إداره الإقتصاد بطريقة غير فاعلة وغير محترفة نظراً لغياب المهارات والخبرات في الوزارات والإدارات الحكومية الأكفاء وبالتالي سيؤثر ذلك على ثقة الدول المانحة والمستثمرين الأجانب بالدولة الأفغانية مما يؤدي إلي نقص الإيرادات المالية خاصة مع تجميد كثير من الدول والمؤسسات الدولية المساعدات التنموية لأفغانستان وقيام أمريكا بحظر وصول طالبان إلي أصول أفغانية بالولايات المتحدة تقدر بنحو 9.5 مليار دولار وتجميد البنك الدولي مشروعاته في البلاد مع تعليق صندوق النقد الدولي وصول أفغانستان إلي حقوق السحب الخاصة.

 

   ومن هنا فإنه من المتوقع إستمرار طالبان في تعزيز إيراداتها من تجاره المخدرات لحاجتها إلي الموارد المالية وتقوية نفوذها خاصة في ظل شح موارد التمويل الأخري بالتزامن مع الإضراب الإقتصادي للبلاد ، هذا كله رغم إعلان قياده الحركة التوقف عن إنتاج الأفيون بمجرد وصولهم وسيطرتهم علي كابول .

   إضافة إلى أنه رغم سعي طالبان للتعاون مع الصين وتركيا لجذب استثمارات في مجال التعدين وبناء شراكات خارجية مع بعض الدول الأخري إلا أن تلك الشراكات لن تتحقق بسهولة ويسر حيث ستحرص القوي التي رحبت بطالبان على التريث في مساندتها سواه من حيث المساعدات الفنية أوضح الإستثمارات بعد ضمانها علي قدره طالبان علي تأمين إستثماراتها ومصالحها الإقتصادية ونجاح طالبان في تحقيق الإستقرار الأمني في أفغانستان.

 

 

   وعلي ضوء كل ذلك يمكن القول بأن عوده طالبان إلي إدارة الحكم في أفغانستان لن يمكنها من تحقيق أقصي إستفاده من موارد الإقتصاد الأفغانى الذي أصبح يفتقد لأهم موارده وهي المساعدات الخارجية ، مع تحفظ دول العالم ومستثمريها من التعاون مع أفغانستان في ظل غموض الموقف السياسي والمشهد الأمني فيها.

ثانياً: تقييم المستوي والأداء الإعلامي لطالبان

   أما علي المستوي الإعلامي : فيمكن القول بأن حركة طالبان منذ عودتها إلي أفغانستان في منتصف أغسطس 2021م وهي تجيد إستخدام التكنولوجيا وتستحوذ علي قواعد البيانات وتبدو أكثر إنفتاحاً علي استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي.

   وبالرغم من الحظر المفروض علي طالبان علي موقعي فيس بوك ويوتيوب إلا أن وجودها علي تويتر الذي استخدمته بلغات متعدده منهما صوتا يعبر عنها دون تأويل أو تحريف سواء لمخاطبة الخارج أو الداخل الأفعاني.

ويوجد علي تويتر عديد من الحسابات سواء التي تسمي نفسها بـ(الإمارة الإسلامية) و(أخبار الإمارة) أو التي تعبر عن منصات إعلامية لحركة طالبان مثل حساب مجلات طالبان ومجله (حقيقت) التابعة للجنة الشئون الثقافية لإمارة أفغانستان الإسلامية.

   ولكن علي الرغم من تعدد حسابات المتحدثين باسم طالبان إلا أن لكل منهم حسابه الخاص وخطه المتميز في النشر والتدوين، مع انعكاس الدور السياسي في أداء الحساب علي تويتر، وإحتمال استخدام طالبان للسوشيال ميديا للتعبير عن الأحداث برؤيتها واتباع تكتيك التضخم الدعائي لهاشتاج بعينه، مع اتباع حركه طالبان العديد من التكتيكيات للتغلب علي خظر منصاتها الرقمية مثل استخدام مواقع بديلة لبث الفيديو بدلاً من اليوتيوب وكذلك التراسل عبر تيلجرام ، فضلاً عن التحايل بإنشاء صفحات حديثة علي فيس بوك لا تعلن إنتماءها الصريح لطالبان.

 

 

  ورغم اكتساب حركة طالبان الخبرة في استخدام منصات التواصل الإجتماعي إلا أن مستقبل استثمار الحركة لشبكات التواصل الإجتماعي كمنافذ للترويج لسياستها وتحقيق مصالحها علي كافة الأصعدة يرتبط بمجموعة من المحددات والتحديات خاصة في ظل خصوصية الوضع السياسي للحركة إذا أن نجاحها في إقتناص إعتراف دولي بها سيرفع الحظر علي منصاتها، هذا علاوة علي أن ذلك سيتوقف علي مدي قدره كوادر الحركة علي استثمار واستخدام الوسائط التقنية وخبراتها الفنية والإدارية في ذلك المجال ومدى قدراتها علي ضغط إستقرار أفغانستان وتأسيس دول معاصره متطورة إعلامياً وتكولوجياً لدعم شرعيتها داخلياً وخارجياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى