ملفاتمميز

كيف تتأثر النساء والرجال في الدول العربية بالتغير المناخي وتقلبات درجات الحرارة؟

في أواخر التسعينيات، التقت العُمانية، رميثاء البوسعيدي، لأول مرة بسلحفاة خضراء بحريّة على أحد شواطئ بلدها وكانت حينها طفلة بعمر العاشرة، وفي تلك اللحظة بدأ اهتمامها باستكشاف الحياة البحرية وبأنشطة حماية البيئة بعد أن علمت أن هذا الكائن البحري، الذي أحبته كثيرا، مهدد بالانقراض.

وفي عام 2007، عندما صارت في العشرين من عمرها، تعرضت مع أبناء وبنات مدينتها لظاهرة لم يشهدوها من قبل؛ اختبرت معهم أحد مظاهر غضب الطبيعة عندما ضرب إعصار “غونو” سواحل بلدها بشكل قاسٍ حتى أن ذاك الإعصار اعتبر الأسوأ في تلك المنطقة منذ أكثر من نصف قرن. ومنذ ذلك الوقت لم تعد الأعاصير أمرا نادرا في عُمان؛ إذ تكرر وقوع أعاصير قوية في السلطنة عام 2010، و2018 و2021.

لمحاولة فهم ظواهر التغير المناخي هذه، وغيرها، تخصصت رميثاء أكاديميا في هذا المجال فحصلت على درجة الماجستير في علوم البيئة والأحياء المائية وأصبحت تفضّل أن تُعرف بلقب (ناشطة بيئيّة).

وفقا لتقارير عدّة، تتأثر النساء والفتيات (وخاصة المنتميات للفئات المهمّشة والأفقر) بمظاهر تغيّر المناخ بشكل أكبر مقارنة بفئات كثيرة من الرجال – لأسباب عدّة منها أسلوب تنشئة كل من الذكور والإناث في كثير من المجتمات (أي ما يعرف بالجندر).

تقول الناشطة البيئيّة (ذات الـ34 عاما): بسبب العادات والتقاليد في منطقة شبه الجزيرة العربية، يمكن أن أقول إننا نعيش في مجتمعات محافظة جدا؛ فمثلا المرأة تقول إنها تود تعلم مهارات السباحة التي ستساعدها في حالات الأعاصير، لكن هذا أمر لا تتقبله كثير من فئات المجتمع.. أما بالنسبة للرجال فالموضوع أسهل.. ننسى أن هناك فئات تتضرر أكثر بسبب ذلك وتحتاج لأن تنقذ نفسها ومن حولها.

صحيح أن المرأة (والرجل) في المناطق الريفية متضرران جدا من تغيّر المناخ، فمن السهل رؤية صور الجفاف والحرائق، لكن رميثاء توضّح أن نساء المدن متضررات أيضا بدرجة عالية.

“لنفرض مثلا وقوع كارثة مناخية في إحدى المدن، ستحدث أعطال في شبكة الصرف الصحي وشبكة الكهرباء والماء والإنترنت.. وهذا، على سبيل المثال، سيؤثر على صحة المرأة خاصة في فترات مثل الدورة الشهرية.. هذا مثال حيّ حدث ورأيناه. كما يكثر العنف الجسدي والعاطفي أثناء الكوارث، ويصعب إيصال البلاغات، وتكثر الجرائم وتزداد أيضا الهجرات المناخية وتتفاقم مشاكل الفتيات بسبب اضطرارهن لترك المدارس بسبب تلك الهجرات”.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة عام 2018 فإن 80 في المئة من النازحين بسبب التغير المناخي كن نساء.

صندوق ملالا (Malala Fund)، الذي تموّله الناشطة الباكستانية الشهيرة، ملالا يوسفزاي، التي تركز على خلق فرص لتعليم الفتيات، نشر في سبتمبر/أيلول 2021 ست عواقب لتأثير تغيّر المناخ على تعليم البنات تحديدا:

– الفتيات في الأسر التي تمر بأوضاع صعبة أكثر عرضة لهجر المدارس والزواج أثناء الأزمات المناخية من أجل مساعدة أسرهنّ.

– غالبا ما تلقى مسؤولية جلب المياه على الفتيات والنساء، ونتيجة لذلك، تزداد احتمالية سحب الفتيات من مدارسهن في أوقات الجفاف.

– يتسبب تغير المناخ في إغلاق المدارس وتشريد الطلاب – وهذا يؤثّر أكثر على الفتيات.

– يمكن أن يجعل الجفاف الفتيات أكثر عرضة للتغيب عن المدرسة أثناء فترة الدورة الشهرية.

– عندما تغلق المدارس بسبب الكوارث المناخية، يقل احتمال حضور الفتيات للمرافق المؤقتة خوفا من تعرضهنّ للمضايقات أو للعنف على الطريق.

– تؤدي الأمراض، التي يتسبب بها التدهور البيئي، إلى انخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس وزيادة معدلات هجر الفتيات لها تحديدا.

لكن ما علاقة حرمان المرأة من الميراث والتغير المناخي؟

تأثير تغيّر المناخ على الفتيات والنساء واضح إذاً، لكن رميثاء البوسعيدي تتحدث أيضا عن هذه العلاقة بشكلها عكسيّ أي ما الذي يمكن أن تفعله النساء لمواجهة مظاهر تغيّر المناخ، وتكرر في مقابلاتها رأيها في أن (الوسيلة رقم واحد لمواجهة التغير المناخي هي تعليم الفتيات).

سألتها أكثر عن هذا الرابط، فقالت: مؤمنة جدا أن تعليم الفتيات وتمكين المرأة هما الطريقة الأفضل لتفادي آفات التغير المناخي بفضل ما يُعرف بالتأثير المضاعف، لأن تعليم المرأة لا يقتصر عليها فقط بل يمتد ليشمل من حولها.

“دائما أكرر: مصيرنا واحد، ولكي ننجح في هذه المعركة فلا بد أن يكون للمرأة دور فعّال في الجهد العالمي لحماية الأرض”.

يبدو أن هناك ليس فقط كلمة سر لمواجهة المناخ بل هناك جملة السر أو جملتا السرّ: الأولى هي تمكين المرأة اقتصاديا، والثانية هي مشاركة المرأة في صنع القرار.

كيف؟ سألت نوفل تلاحيق، مدير برامج الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD ) في المغرب وأرمينيا، لنفترض أن النساء ورثن الأراضي كالرجل، وامتلكن مساحات زراعية يدرنها فكيف يمكن أن يواجهن مظاهر تغير المناخ بشكل مختلف عن الرجال؟

يقول تلاحيق إن تجربة فريقه بالعمل مع النساء الريفيات “أثبتت أنه لو أعطيت النساء الفرصة والتدريب فيمكن أن يطورن الإنتاجية الزراعية بنسبة 20-30 بالمئة، لكن عادة تملك المرأة موارد أقل في حين أن معدل مشاركتها أكبر في القوى العاملة وبالتالي ليس لديهن الدخل الكافي للتكيف مع التغير المناخي”.

تشير الأرقام الصادرة عام 2017 إلى أن النساء يمتلكن أقل عن 20 في المئة من الأراضي على مستوى العالم، في حين أشارت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إلى أن الرقم أقل من ذلك.

وحتى الآن لم يقر في الدول العربية أي قانون يعطي المرأة حصة من الميراث مساوية لحصة الرجل – وكان الرئيس التونسي الراحل، الباجي قايد السبسي، يعمل على هذا القانون في تونس لكنه توفي عام 2019 قبل أن يرى مشروعه النور.

يوضّح تلاحيق أهمية امتلاك الأراضي: “امتلاك الأراضي يعني إمكانية حصول الشخص على تمويل، لأن الأراضي قد تكون ضمانا للحصول على تمويل. هذا يقوّض قدرة المرأة على التكيف مع التغير المناخي لأنها لا تملك مقارنة بالرجل وهذا فارق مهم”.

وبالطبع القوة الاقتصادية تعني انتزاع حق المشاركة في اتخاذ القرارات – وهذا ما قد يفسّر ابتعاد النساء عن هذه المشاركة، مما يغفل وضع سياسات وخطط تدعم النساء والفتيات المتأثرات بنتائج تغير المناخ.

وكما تقول رميثاء البوسعيدي: “عندما تسهم المرأة بشكل فعال في الاقتصاد فهذا يعني أن يصل صوتها لصنّاع القرار الذين يعممون غالبا ولا ينتبهون للتفاصيل ولا لاختلاف تأثير تغير المناخي على الأشخاص. الهدف من مشاركة المرأة هو تمكين المجتمع ككل”.

من المبكّر الحديث عن أي زاوية إيجابية للتغير المناخي على حياة النساء، كتحرر النساء من بعض العادات والأعمال النمطية الملقاة عليهنّ، فلا دراسات ترصد هذا – لكن نوفل تلاحيق ذكر عدة أمثلة عن ابتكارات وحلول لتغير المناخ جاءت بها نساء ريفيات حصلن على دعم من منظمته.

فمثلا، أثّر تغير المناخ في قرية جنوبي تونس على التربة التي تصحّرت وبالتالي تراجع الإنتاجي الزراعي، لكن امرأة تسمّى “ثريا” قدمت مبادرة لتوفير الأسمدة لصغار المزارعين بهدف إحياء التربة في المنطقة وزيادة الإنتاج، علما أن أبناء قريتها تقليديون وموضوع إنتاج السماد فكرة جديدة على النساء والرجال أيضا.

مثاله الثاني من المنطقة الجبلية في المغرب التي تعتبر “خزان مياه المملكة” ومصدر توفر غذاء على النطاق الوطني، لكن زراعة القمح والشعير البعلي تضررت في تلك المنطقة بسبب التغير المناخي وبالتالي قلت مردودية الإنتاج.

يشرح لي الخبير أن النساء في المناطق الجبلية تقليديا يشتغلن بنشاطات صغيرة (كتربية الأغنام والأرانب والدجاج وجمع الأعشاب الطبية) ولكن مع ندرة المياه ونقص موارد المراعي وتدهور القمح والشعير البعلي بدأن مشروع زراعة أشجار مثمرة وتربية نحل يرعى على هذه الأشجار وحصلن على تدريب على القراءة والرياضيات.

ويقول: تربية النحل وصناعة العسل وفّرت دخلا محترما وفائدة اقتصادية كبيرة للعائلات، كما ساهمت في تغذية الأسر، والنحل لا يحتاج مساحات كبيرة ليرعى.

ويضيف أنه وفريقه شهدوا على نجاح عدة مبادرات لنساء عملن في مؤسسات وتعاونيات، وأحيانا كانت الفرق نسائية بالكامل واتخذن كل القرارات وسيرن المشروع بكل نجاح.

 

   وعادة ما يبدأ الناس حديثهم بمناقشة الطقس ودرجات الحرارة، لكن الأمر لم يعد مجرد حديث عابر لكسر الجليد أو كمدخل للتعارف، فالتغير المناخي أصبح خطرا يهدد الحياة على الأرض بالفعل، وليس مجرد وجهة نظر.

ويشعر المواطن المغربي كريم بن علال بالفعل بهذا التغيير في مدينته طنجة، فمنذ الصغر كنا نشعر بتبدل الطقس في الفصول الأربعة، لكن الآن أصبحت الأيام تتكرر، فالخريف الآن لا يبدو كالخريف. وكنا نشعر بنسائم البحر ونشم رائحته من فوق أسطح بيوتنا، لكن الآن لا نشعر بهذه الأشياء ما لم نكن على الممشى الموازي للمحيط.

ويعي كريم كلفة التغير المناخي على بلده المغرب “فمؤخرا، اكتشفت من مطالعتي للوثائقيات أن بلدي مهدد بندرة المياه رغم جهود الدولة المستمرة لتنظيم وبناء السدود. وأن جنوب البلاد يواجه خطر التصحر.”

وارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 1.18 درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر، وفقا لما رصدته وكالة ناسا الأمريكية. وحدث الجزء الأكبر من هذا الارتفاع خلال السنوات الأربعين الماضية، وكان العامان 2016 و2020 هما الأشد حرارة في تاريخ الأرض بزيادة سنوية في درجات الحرارة أكثر قليلا من درجة مئوية.

ويرجع هذا الارتفاع في درجات الحرارة إلى الزيادة المستمرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي تشهد زيادة مستمرة منذ منتصف القرن العشرين، من حوالي 300 جزء في المليون عام 1950 إلى مستواها الحالي الذي يقترب من 420 جزء في المليون.

وتقول الدكتورة مها الصباغ، الأستاذ المشارك في سياسات الطاقة وتغير المناخ ونائب العميد للدراسات التقنية بجامعة الخليج العربي، إن دول العالم كلها ليست بمنأى عن التحديات البيئية، لكن “ينبغي التمييز ما بين التحديات البيئية الوطنية أو الإقليمية، والتحديات البيئية العالمية” في إشارة إلى خصوصية كل منطقة في العالم من حيث المشاكل البيئية التي تواجهها وطرق معالجتها.

وبالفعل يواجه العالم العربي مخاطر بيئية قد تختلف عن غيره من مناطق العالم، مثل أخطار التصحر وتآكل المناطق الساحلية في دول الخليج، أو خطر الغرق الذي تواجهه سواحل شمال أفريقيا المطلة على البحر المتوسط، أو قضايا جودة الماء والهواء والحفاظ على التنوع الأحيائي.

ووفقا للدكتورة مها الصباغ، فإن أنماط الاستهلاك والأنشطة الاقتصادية والتقنيات المستخدمة هي العامل الأبرز في التأثير على قضايا البيئة، وليست مجرد الزيادة السكانية. “وبحسب عدد من الدراسات، فإن التقدم في الجانب التقني يُمَكّن الدول من الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، غير أن التقنيات وحدها لا يمكنها تحقيق الأهداف المرجوة ما لم يصاحبها وعي المستهلكين ووضعهم لهدف الاستدامة البيئية نصب أعينهم.”

وأضافت: “نمط استهلاك الفرد وخيارات الشراء التي يتخذها هي ما يؤثر في بصمته البيئية، وبالتالي الاسهام في تفاقم المشاكل البيئية.”

وهذا الوعي الاستهلاكي لا يتقصر على خيارات بسيطة مثل شراء منتجات وسلع بعينها أو اختيار وسيلة نقل صديقة للبيئة أو بذل الجهد لدعم إعادة التدوير، بل قد يمتد إلى أن يؤذي الإنسان نفسه بخيارات كبرى مثل السكن غير الملائم لطبيعة المناخ حيث يعيش.

“يتجدد هذا الجدل كل عام، خاصة في فصل الصيف. فالبيت هو أكثر مكان نقضي في الوقت، وأكثر مكان غير مريح” هكذا استهلت المهندسة المعمارية هبة شامة حديثها عن أنماط بناء البيوت التي تشكو الأسر من طبيعتها التي تزيد من شعورهم بالحرارة والبرودة.

وترى شامة، وهي متخصصة في التطوير العمراني وتوثيق التراث الشعبي، أن المشكلة بدأت مع سيطرة فكرة “نمط واحد مناسب للجميع” على البناء، دون الالتفات لملائمته لطبيعة البيئة المحلية أو احتياجات الأسرة.

ويشبه بن علال هذا النمط في البناء بـ “الصناديق”، فيقول: “البناء الآن يحبس الحرارة والبرودة ويزيد من شعورنا بهما. الشتاء أصبح باردا جدا، وفي الصيف كذلك يشتد الحر علينا، رغم أننا قديما لم نكن بحاجة إلى تكييفات كالآن.”

وأضاف: “البناء في العقدين الأخيرين لم يعد يلائم حسابات المناخ وتغيرات المناخ. الأجداد كانت لهم بيوت بسيطة لكن كانت تحسب حساب التهوية والفضاءات وحلقات دخول الشمس والهواء. والعمران الآن له دور كبير في التأثير على شعورنا بالحرارة.”

وغالبا ما يكون نمط البناء المسيطر غربيا، أو يهدف لإثبات مكانة اجتماعية معينة “وقديما، كان المعماري أو البنّاء شخصا ذا خبرة، يفكر في اتجاهات الشمس والرياح، وتصميم الشبابيك والمداخل تباعا. لكن الآن، تحول البناء إلى عمل تجاري يهدف صاحبه إلى بناء وحدات متشابهة والتوفير في البناء، وغالبا ما يكون بالطوب الأحمر/الحراري” على حد قول شامة.

وعادة ما كانت تختلف مواد البناء من منطقة لأخرى وفقا للظروف البيئية المحيطة، فيستخدم الحجر مثلا للبناء في البيئة الصحراوية، والطوب المصنوع من الطمي في البيئات الزراعية، وتستخدم عناصر معمارية مثل القباب والمشربيات والقبو لغرض ضبط التهوية والإضاءة والصوت وفقا لطبيعة المكان.

سياسات الاستدامة

لكن شامة ترى أن فكرة النمط الموحد والبحث عن البذخ أو الشكل فقط أضرت بعملية البناء وبحياة الناس في بيوتهم تباعا، “فمثلا المباني الزجاجية ليست ملائمة لمناطق معينة لأنها تكون بمثابة صوبة زجاجية عملاقة. وقد تتحول القبة المبنية بالطوب الحراري في غير محلها لمجرد قبة لتجميع الحرارة بدلا من التهوية. فهذه العناصر المعمارية ليست مجرد شكل، بل تؤدي وظيفة تهدف إلى الخروج بأفضل وضع مناسب للمقيمين في المكان.”

وتابعت: “لذلك مثلا يحافظ أهل الريف على بيوتهم القديمة المبنية بالطمي رغم بناءهم بيوتا متعددة الطوابق بالطوب، وذلك لإدراكم لقيمة البيت القديم وملائمته للبيئة، فيكون رطبا في الصيف ودافئا في الشتاء.”

وتعد أنشطة البناء من بين الأنشطة الاقتصادية الأكثر تأثيرا على المناخ، لارتباطها بمستويات عالية من انبعاثات الملوثات والمخلفات الخطرة وغير القابلة لإعادة التدوير في كثير من الحالات. وكذلك معدلات كبيرة من استهلاك الطاقة.

ويرى بن علال أن “مواجهة الجشع العمراني ولوبي العقارات” ضرورة للتصدي لتبعات التوسع الحضري المبالغ فيه وغير المبرر أحيانا، كقطع الأشجار والتأثير على الحياة البرية. “فالتطور الحضاري شيء جميل، لكن لا يجب أن يكون على حساب البيئة وصحتنا.”

وتسبب التوسع العمراني في طنجة في شيء أخطر يتعلق بمكبات النفايات “التي غالبا ما تكون خارج المدينة، لكنها أصبحت مجاورة لنا بسبب التمدد العمراني. وعندما تحرق النفايات، يصل الدخان وترسبات المواد المحروقة إلى داخل المدينة،” على حد وصف بن علال.

وترصد شامة وجود مبادرات تعمل بالفعل على إيجاد بدائل أكثر استدامة لمواد البناء، وتكنولوجيا أكثر حرصا على الكفاءة في استخدام الطاقة، مثل مشروع “مدينة مصدر” في الإمارات القائم على استخدام الطاقة الشمسية والمتجددة.

كذلك أشارت إلى مشروعات صيانة المباني التراثية التي تبدو متهالكة بحيث تصبح آمنة وقابلة للاستخدام، مثل تجربة مؤسسة أغا خان في منطقة الدرب الأحمر في القاهرة، وكذلك مبادرات إحياء العناصر المعمارية القديمة مثل المشربيات والقباب وملاقف الهواء بعناصر ومواد تلائم طبيعة الحياة الحديثة.

“لكنها تظل مبادرات فردية، ولا توجد مساحة كافية للتجريب. وقد يرفض بعض الأفراد استخدام هذه البدائل فقط لأنها غير مألوفة.”

وفي المقابل، تقول الصباغ أن هناك بالفعل أطرا من السياسات التي تدعم التحول لأنشطة أكثر استدامة “فقد تضمن اتفاق باريس، وما سبقه من اتفاقيات، بنوداً تنص على تقديم الدعم المالي إلى الدول النامية، بالإضافة إلى نقل التكنولوجيا وبناء القدرات. كما يوفر صندوق المناخ الأخضر التمويل اللازم للمشروعات المتعلقة بخفض انبعاث غازات الدفيئة والتكيف مع الآثار المترتبة على تغير المناخ.”

وأضافت الصباغ أن دول الخليج انتقلت بالفعل من مرحلة التوقيع على الاتفاقيات والبروتوكولات إلى تطبيق سياسات تخاطب مشكلات البيئة “ففيما يتعلق بتغير المناخ مثلاً، تم وضع أهداف تتعلق بالطاقة المستدامة لخفض انبعاث الغازات الدفيئة. وكذا الحال بالنسبة لجودة الهواء، فنرى المشروعات المتعلقة بالنقل الجماعي ووضع المواصفات الفنية المتعلقة بالسيارات الكهربائية والحوافز التي تشجع على استخدامها”.

وأشارت الصباغ كذلك إلى العديد من مشروعات إنتاج الكهرباء وتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية وتحسين كفاءة استهلاكهما، ومبادرات تعزيز مصارف الكربون مثل التشجير والحفاظ على الأراضي الرطبة، واستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه.

ويشعر بن علال بالمسؤولية الفردية نحو قضايا البيئة، ويرى أن المواطن عليه الأخذ بزمام المبادرة نحو أسلوب حياة أكثر استدامة. “ولا نحتاج لأحد كي يوصينا بالأشجار والنباتات والحفاظ على البيئة، فنحن لدينا في ثقافتنا ما يعزز هذا السلوك.”

وتضم منطقة الشرق الأوسط 70 في المئة من الدول المهددة بأزمات المياه عالميا، ويخشى خبراء أنه مع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة وتفاقم أزمات شح المياه والتصحر وتراجع خصوبة التربة، قد تتراجع الحاصلات الزراعية التي تنتجها المنطقة، ما يهدد الأمن الغذائي تباعا.

________________________

المصدر: بي بي سي نيوز عربي  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى