ملفات

 تبسيط العلوم.. «العلوم للعموم»   (إعداد: د. شيماء قنديل- مصر)

    تبسيط العلوم هو جعل العلم معروفاً ومقبولاً وحائزاً على الإعجاب. وليس المقصود بـ تبسيط العلوم تسطيحه/، أو مجرد اختيار كلمات وألفاظ تبدو أسهل وأيسر، بل أنه فن من النوع السهل الممتنع، ويتطلب معرفة وخبرة وإتقاناً للغة والأسلوب العلمي وليس من اليسير إجادته والإبداع فيه بل يجب أن يتوافر في من يعمل في هذا الفن مؤهلان أساسيان هما: مستوى عال من المعرفة العلمية ، إذ لا يمكن للمرء أن ينقل بوضوح شيئاً لم يستوعبه هو نفسه استيعاباً تاماً ، ورغبة حقيقية في مشاركة غيره المعرفة التي اكتسبها.

الهدف من تبسيط العلوم:

1-     نشر الوعي العلمي:

فى ظل التغيرات السريعة العلمية والتكنولوجية المتلاحقة والتى يشهدها العالم يجب أن يكون لدى جميع أفراد المجتمع وعي علمي وثقافة علمية لكي يفهموا ما يدور حولهم ، ويحتفظون باتزانهم في عالم يتغير بالساعة واليوم ، وتتوالى أحداثه العلمية والتقنية بسرعة مذهلة.

ويتم هذا بتبسيط العلوم عن طريق نشر الكتيبات والنشرات بلغة عربية مبسطة مفهومة من قبل العامة وغير المتخصصين تتعلق بالتقنيات الحديثة التي نتعامل معها في حياتنا اليومية سواء في منازلنا أو في مكاتبنا من حيث الطرق الآمنة لتشغيلها، والمخاطر المحتملة لتشغيلها، والمخاطر المحتملة لها وكيفية تلافيها، وعرض مبسط للمبادئ العلمية التي تقوم عليها، والمكونات الرئيسية فيها.

2-     محو الأمية العلمية:

ومن أهداف تبسيط العلوم محو الأمية العلمية والوصول إلى (اللا أمية العلمية)، لأن المواطن المستنير علمياً أقدر على شق طريقه في المجتمع الذي يعيش فيه، حيث يكون معد إعداداً أفضل لاتخاذ القرارات السليمة في شتى مناحي حياته، مثل السلامة الشخصية، والشؤون الصحية ، واختيار السلع الاستهلاكية.

كما يصبح لديه القدرة على إدراك حقيقة المزاعم العلمية التي غالباً ما تصاحب ـ مثلاً الإعلانات التجارية وترويج السلع ، ويؤدي هذا الإدراك إلى زيادة المنفعة الاقتصادية للوطن والإنسان ، كما تساعد المعرفة العلمية والتقنية على تنمية القدرة العقلية والمهارة اليدوية للإنسان، وتقوي قدرة الملاحظة والملكات التحليلية لديه ، وتنمي قدراته على استخدام الطريقة العلمية في الحياة اليومية لنبذ أنواع السلوك والمواقف غير العلمية وغير المنطقية.

3-     تطوير العلوم:

يؤدي تبسيط العلوم إلى فهم الناس له ، ومعرفة أسلوب التعامل معه، وهذا يفيد العلم نفسه عن طريق مساندة الناس وأصحاب القرار للعلم والعلماء، وتشجيع البحوث العلمية فالناس أعداء لما يجهلون ولا شك أن الأمم التي لدى عامة الناس فيها فهم علمي مرتفع تستطيع الحفاظ على مركزها في السباق الاقتصادي والعسكري والأيدولوجي.

4-     معرفة الإيجابيات والسلبيات:

 يهدف تبسيط العلوم ـ أيضاً ـ إلى معرفة الإيجابيات والسلبيات في البحوث والاكتشافات العلمية والتطورات التقنية ، إذ أن غالبية الناس غير مدركين لفوائد ومضار التقنية، وبالتالي لا يعرفون متى يكونوا ضدها، ومتى يكونوا معها، فالعلماء يعتقدون دائماً أنهم على حق فيما يتعلق بالعلم والتقنية، ومن المؤسف جداً أن الاعتقاد السائد عند معظم علماء التقنية المتطورة هو تملكهم للحقائق والمعرفة العلمية وجهل عموم الناس بهذه الحقائق، ولهذا يجب على عامة الناس الوعي والإلمام بقضية العلم والتقنية والاحتراس من اندفاع بعض العلماء في اتجاه خبراتهم وأفكارهم دون مراجعة أو تقييم للنتائج النهائية على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي .

ولذا يعد النقاش في سلبيات وإيجابيات العلم والتقنية أمراً مهماً للغاية ، وتحتم المسؤولية الأخلاقية طرح الأسئلة التالية : ماذا تعطينا التقنية ؟ وماذا تأخذ منا ؟ وأين حدود العلم والمعرفة ؟ . خصوصاً في كثير من القضايا المستجدة على الساحة العلمية والتقنية، مثل الهندسة الوراثية والاستنساخ والتطبيقات المدمرة للطاقة الذرية.

يتضمن تبسيط العلوم جعل الموضوع العلمى جذاباً لأنه من الضروري تجميل العلم وإبراز محاسنه لكي يحبه الناس ، وهم لن يحبوه إلا إذا أحبوا القائم بالتبسيط ، ولكي يزيد مبسطو العلم من جاذبيته وسهولة فهمه للعموم يجب عليهم أن ينموا فهمهم بالعلم والناس والعالم المحيط بهم وأن يكونوا أمناء في جهودهم نحو العلم والجمهور، أي أن تبسيط العلوم يجمع بين العلم والتربية والثقافة.

  يُستحسن أن يقوم بتبسيط العلوم وإعداد وسائله أشخاص متخصصون في الإعلام العلمي وهؤلاء من الصعب الحصول عليهم في البلدان النامية لذا فإن على العلماء أن يبذلوا جهودهم لتغطية هذا النقص.

   ليس من الضروري أن يكون العالم البارز في معمله وتخصصه إعلامياً جيداً، لأن ذلك يتطلب توافر أدوات ومواهب معينة منها إجادة اللغة والقدرة على الاتصال من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية لأن هذا صوتاً جيداً وأداءاً معبراً ولا شك أن الإعلامي ـ في أحيان كثيرة ـ يكون أكثر تأثيراً في عملية الاتصال من العالم مع الحرص على التساوي في دقة المادة العلمية المقدمة حيث يجب استخدام لغة علمية بسيطة ومشوقة ووضع الحقائق العلمية في إطار اجتماعي وثقافي وأدبي محلي، والاستخدام الواسع للمواد السمعية والبصرية فهذه العناصر هي المقومات الأساسية للاتصال العلمي الجيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى