مقالات

الإعلام العصري في دائرة الضوء.. رؤية للتقييم وتطلعات المستقبل

إعداد/ شرين مصطفى دنيبه:

 

لقد أدت الثورة الهائلة في عالم تكنولوجيا المعلومات والإتصالات إلى إحداث تطورات هيكلية متعددة ومتنوعة فى مجالات الحياة سواء التعليمية أو الإدارية وغيرها من المجالات وأهمها القطاع الإعلامى، فأدى إندماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال الإعلام إلى نشوء عهد جديد للإعلام بإيجابياته وسلبياته وتداعياته على المجتمع.

 

   ومن أجل إلقاء الضوء على الإعلام المتطور سوف نلقى الضوء على ملامحه وأهدافه ومميزاته وسلبياته وتأثيره المستقبلى فى عالمنا المعاصر وذلك كله عبر أربعة محاور رئيسة.

أولاً- ملامح الإعلام العصرى وأهدافه 

لقد ظهر هذا المصطلح بمسميات متعددة حيث الإعلام الرقمى أو العصرى أو البديل فى نهاية القرن العشرين مع التقنيات الجديدة الرقمية والتى بدأت مع إختراع الإنترنت وتطور الهواتف المحمولة، فهو أحدث الأساليب التى تخدم الاتصال والمعلومات.

 

وتستخدم الوسائل الرقمية لتسجيل وحفظ وتخزين المعلومات، ويستخدم لتعريف كل ما يتعلق بالإنترنت والتفاعل بين التكنولوجيا والصوت والصورة ما يجعل وسائلها تتطور باستمرار مع تطور التكنولوجيا الجديدة واعتمادها على نطاق واسع ومن أهم أدوات الإعلام الرقمى أو البديل أو المتطور هو مواقع التواصل الإجتماعى وأهمها تويتر وفيس بوك وأنستجرام وتيك توك وواتساب والميتافيرس علاوة على المدونات والمنتديات الإلكترونية والألعاب والبريد الإلكتروني.

 وتتنوع أهداف الإعلام الرقمى بتنوع الشخصيات التى تقوم بتأسيس منصاته ومواقع وصفحات التواصل الإجتماعى ويمكن إجمالها فى الترويج لسياسات حزبية وحكومية وبرامجهم وأفكارهم السياسية والإجتماعية والمعتقدات الدينية، مع التسويق الإقتصادى أو الإجتماعى أو السياسى وذلك بهدف تحقيق الربح المالى من خلال سوق الإعلانات على المنصات بمقابل مادي.

إضافة إلى أن هدف منصات الإعلام الرقمى أو الجديد قد يكون مجرد إشباع الرغبة بالتواصل الإجتماعى عن طريق التفاعل مع الأحداث التى يتم نشرها فى المنصات ويمكن أن يكون تأسيس الإعلام الحديث بهدف التسلية والترفيه فقط مثل صفحات المواقع الفنية والرياضية وغيرها.

ثانياً- عالم جديد للإعلام ما بين إيجابياته وسلبياته

الإعلام المتطور أو الحديث يحمل ما بين جنباته مميزات وسلبيات ومن أهمها على النحو التالي:

– الجوانب الإيجابية فى الإعلام العصرى أو الحديث: إن من أهم إيجابياته أنه يطلق العنان لمن يمتلك أى صفحة أو موقع أو قناة للأخبار للتعبير عن أرائه وأفكاره بحرية دون وجود سلطة أو قيود تمنعه أو تقيده، علاوة على تميز معلوماته بالقدرة على تدوينها وحفظها والوصول إليها فى أى وقت، وهي غير قابلة للتلف ويمكن إسترجاع معلوماتها وقتما تشاء، مع حدوث تفاعل مستمر مع الأحداث حيث يمكن لصاحب الموقع أن بدون الأحداث والأخبار ويتفاعل معها المشاهد ويعلق على الخبر أو المعلومة وإبداء رأيه ووجهة نظرة فيها.

 كما أن هناك سرعة فى المعلومات والخبر وسهولة  الوصول إلى المعلومات وبصورة مجانية, فيكفى التصفح إلكترونياً والبحث عن الخبر الذى تريده وقراءته بدون حاجة للانتظار وقت نشره فى قناة إخبارية أو شراء فى صحف وجرائد ومجلات.

– السلبيات في الإعلام الحديث أو العصري أو الرقمي: على الجانب الآخر؛ فعلى الرغم من تعدد إيجابيات هذا النوع الجديد من الإعلام إلا أنه يحمل بين جنباته العديد من السلبيات وأهمها: قلة المصداقية؛ حيث غالباً ما يكون الإعلام الرقمي موضع موضع شك وريبة لأن كل شخص يستطيع أن ينشر ما يريده بدون مصدر موثوق مما يؤدى إلى التضليل والتشكك فيه وهو ما يطلق عليه (عدم مصداقية المحتوى).

علاوة على إنعدام الرقابة والإشراف عليه حيث لا توجد جهات رقابية تقوم بمراجعة الأخبار أو الأفكار ومنع المضلل أو المسيئ منها وهى أخطر سلبيات الإعلام العصرى ومن هنا فهناك صعوبة في ملاحقة الأشخاص قانوناً والذين يقومون بنشر الأكاذيب أو الأفكار التى تدعوى للتطرف أو الإرهاب أو الكرهاية وغيرها من الجرائم التى يعاقب عليها القانون.

 

 

 وأخيراً من الممكن انتهاك حقوق النشر والملكية حيث عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي من السهل القيام بنسخ أو النشر للكتب أو المقالات بدون اسم كاتبها، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية على الرغم من وجود قوانين تحميها وتحاسب على الجرائم الإلكترونية ولكنها صعبة التطبيق لصعوبة ملاحقة المخالفين على الإنترنت.

 ثالثاً- تقييم للإعلام المعاصر وتأثيره على المجتمع

إن تداعيات الإعلام المعاصر متعددة ومتنوعة وخطيرة حيث يمكن عن طريق نشر الأفكار الهدامة والمتطرفة من قبل الجماعات المتشددة والإرهابية نتيجة غياب الرقابة على المنصات والمواقع.

كما أن هذه المنصات سهلت تواصل هذه الجماعات مع بعضها البعض وتجنيد غيرها لخدمة مصالحها، علاوة على التأثير على قيم المجتمع وعاداته ما يؤثر على العائلة والأسرة بل والدولة أجمع خاصة في ظل عدم وجود رقابة عليه، مع التأثر بالثقافات الأخرى مثل الثقافة الغربية ما يؤدى إلى استنساخ عاداتها وتقاليدها والتي قد لا تتوافق مع ديننا ومعتقداتنا.

والمؤكد أن الإعلام الجديد له قدرة كبيرة على إحداث تغييرات كبيرة على الدول والرأى العام فيها والتأثير فى مجريات الأحداث فيها على كافة الأصعدة سياسياً وإقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وذلك من خلال الدعوة للتظاهرات أو الإحتجاجات أو الضغط على الحكومات وتغييرها أو تغيير النظام السياسي والمؤسسي والدستوري فيها.

ومن هنا، فإن الحاجة ماسة لإعادة تهذيب الإعلام العصرى والرقمى بمحتوياته وأفكاره خاصة فى ظل غياب المهنيين والمتخصصين في الغالب فيه، مع تقنين عملية الإشراف والرقابة عليه دون النيل من حرية التعبير والنقد فالتقنين لا التقييد هو المطلوب لخلق إعلام متطور وفاعل لخدمة المجتمع وقضاياه المعاصرة حتى يكون فاعلاً في عملية التنمية الشاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى